فن وفكر

صلاح بوسريف يصدر كتابه الجديد «رسالة في الشعر»: رحلة فكرية في مفهوم الشعر وجمالياته


أصدر الشاعر والناقد المغربي صلاح بوسريف عمله الجديد بعنوان «رسالة في الشعر»، ضمن منشورات دار فضاءات بالعاصمة الأردنية عمان. يأتي هذا الكتاب ليشكل دعوة مفتوحة للقارئ لاستكشاف مفهوم الشعر، خصائصه، وجمالياته، من خلال رؤية فلسفية وفنية عميقة، تعكس تجربة بوسريف الطويلة في عالم الكتابة الشعرية والنقدية.



الشعر كمختبر فكري وإبداعي
يستند الكتاب إلى قناعة ذاتية ومنهجية تبناها بوسريف، حيث يرى أن الشعر ليس مجرد كتابة أدبية، بل أفق أدبي ومختبر فكري للتعبير عن الذات والواقع. ومن خلال هذا العمل، يواصل الشاعر المغربي مسيرته في الانفتاح على الأجناس الأدبية المختلفة، محاولًا خلق نوع من التجديد والتهوية في الكتابة الشعرية.

صلاح بوسريف ينتمي إلى جيل شعري مغربي استطاع أن يخلق لنفسه مسارًا خاصًا، حيث راهن على البعد المعرفي في بناء شرعية العمل الشعري، وجعل من القصيدة فضاءً للتعبير عن الذات في لحظات المعاناة والتشظي. قصيدته ليست فقط انعكاسًا للواقع، بل هي أيضًا وسيلة للحفر في التراث الإنساني، كما يظهر بوضوح في اهتمامه بالتراث الصوفي الذي يشكل جزءًا من مشروعه الأدبي.

رؤية نقدية للشعر والتاريخ
في كتابه الجديد، يقدم بوسريف رؤية نقدية حول العلاقة بين الشعر والتاريخ، حيث يرفض اختزال الشعر في كونه مجرد امتداد للماضي أو استحضارًا لما قيل من قبل. يقول في إحدى مقاطع الكتاب:

«لا يمكن للشعر أن يكون تاريخًا أو كلامًا قيل من قبل شعراء، غالبًا ما نأتي بهم من الماضي، أو نوقظهم من نومهم ليُضاهي بهم ما نسمعه ونقرؤه من شعر معاصر. اعتبارًا لقولة البغدادي "المعاصرة حجاب"، فقط لنقول للقارئ: إذا رغبت أن تقرأ الشعر أو تعرفه، التفت خلفك. الشعر هو نفسه التاريخ، ما أصبح يقال بصيغة الماضي. وهذه أسوأ الحجج والبراهين التي بها نُسيء إلى الحاضر، لأنه لم يصر ماضيًا، وللحي لأنه لم يمت بعد».

هذا الموقف يعكس إصرار بوسريف على التعامل مع الشعر كفن حيّ ومعاصر، يتجاوز القيود الزمنية، ويطرح أسئلة جديدة حول طبيعة الشعر ودوره في الحاضر.

الشاعر العربي بين الحاضر والماضي
يتطرق بوسريف في كتابه إلى وضع الشاعر العربي المعاصر، منتقدًا النظرة السائدة التي تضع الشاعر في مواجهة مع الماضي أو تجعله أسيرًا له. يقول:

«نحن نُضمر للشاعر الشر لا الشعر، لأننا لم نقرأه كاملًا، ولم نتعمق في تصوراته للشعر أو ما يذهب إليه من نظريات. اكتفينا بالنُتف والتراقيع، ولم نتفحص أعماله بموضوعية وفي سياقاتها الشعرية والفكرية والجمالية».

يدعو بوسريف إلى قراءة النص الشعري بعمق وتأنٍ، بعيدًا عن الأحكام المسبقة أو التحيزات الشخصية، معتبرًا أن الشعر يجب أن يكون محور الاهتمام، وليس الشاعر كشخص أو كاسم.

صلاح بوسريف: شاعر العزلة الشعرية
منذ ثمانينيات القرن الماضي، اختار صلاح بوسريف أن يظل مخلصًا لعزلته الشعرية، في وقت غادر فيه العديد من الشعراء القصيدة إلى أشكال أخرى من التعبير الأدبي. هذه العزلة لم تكن انسحابًا، بل كانت محاولة لإعادة التفكير في الشعر وتجديد أدواته ومفاهيمه.

بوسريف هو واحد من القلائل الذين ظلوا يؤمنون بالقصيدة كفضاء مفتوح على الذات والواقع، وكوسيلة للتعبير عن القضايا الإنسانية الكبرى. في كتابه الجديد، يواصل هذا الشاعر والناقد المغربي مسيرته في طرح الأسئلة الجوهرية حول الشعر، ودوره في عالم متغير.

ويشكل كتاب «رسالة في الشعر» إضافة جديدة لمسيرة صلاح بوسريف الفكرية والإبداعية، حيث يفتح آفاقًا جديدة للنقاش حول الشعر وموقعه في الزمن المعاصر. إنه دعوة للعودة إلى جوهر الشعر، بعيدًا عن القيود الزمنية أو الأحكام المسبقة، من أجل فهم أعمق لهذا الفن الإنساني الراقي.

Sara Elboufi
سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة مقدمة البرنامج الإخباري "صدى الصحف" لجريدة إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الجمعة 21 فبراير 2025

              















تحميل مجلة لويكاند


عناوين البوابات الإلكترونية الناطقة بالعربية المغربية





Buy cheap website traffic