وبينت المندوبية أن الأشخاص الذين يمتلكون مهارات في التحدث بالأمازيغية لكنهم لا يستعملونها بشكل يومي لم يتم احتسابهم ضمن الأرقام المُعلنة. وأوضحت الإحصاءات أن نسبة 24.8% من المغاربة يستخدمون الأمازيغية في حياتهم اليومية، مع وجود تفاوت ملحوظ بين القرى، حيث بلغت النسبة 33.3%، وبين المدن التي سجلت 19.9%.
وأشارت المندوبية إلى أن هذه النسبة تُظهر استقراراً نسبياً مقارنة بإحصاءات الأعوام السابقة، إذ بلغ المعدل 25.8% عام 2014 و27.5% عام 2004. وأرجعت هذا الاستقرار إلى عوامل اجتماعية متعددة، أبرزها التوسع الحضري والتنقل الداخلي، اللذان أثرا بشكل واضح على استخدام اللغة في الحياة اليومية.
وأكدت المندوبية أن الاعتراف الرسمي بالأمازيغية كلغة وطنية إلى جانب العربية منذ تعديل الدستور عام 2011 يعكس مكانتها في النسيج الثقافي المغربي. وأضافت أن الإحصاء العام يعتمد على معايير دولية دقيقة لضمان مصداقية النتائج وتحليلها بصورة علمية.
وشددت المندوبية على أنها اهتمت بتوثيق اللهجات الأمازيغية المتنوعة، مثل "تاشلحيت" و"تامازيغت" و"تاريفيت"، بهدف تقديم صورة واضحة وشاملة للواقع اللغوي في مختلف مناطق البلاد. وتأتي هذه المقاربة كجزء من جهود الدولة للحفاظ على التراث اللغوي وتعزيز الهويات الثقافية المتنوعة.
وفي إطار السياسات المستقبلية، اعتبرت المندوبية أن نتائج الإحصاء ستشكل مرجعاً لتطوير استراتيجيات تهدف إلى تعزيز حضور الأمازيغية في مجالات التعليم والثقافة والإدارة. وترى أن الاهتمام بإدماج اللغة الأمازيغية في النظام التعليمي، عبر المناهج الدراسية والبرامج التربوية، يمثل خطوة حاسمة في تقوية حضورها بين الأجيال الصاعدة.
كما أكدت المندوبية أهمية دعم المشاريع الثقافية والفنية التي تسلط الضوء على اللغة الأمازيغية، بما في ذلك المسرح، والسينما، والأدب. ويُنظر إلى هذا الدعم بوصفه عاملاً أساسياً في تعزيز الاستخدام اليومي للغة وترسيخ مكانتها ضمن المشهد الثقافي الوطني.
إلى جانب ذلك، دعت المندوبية إلى تطوير السياسات اللغوية بما يُمكن من توسيع نطاق استخدام الأمازيغية في الإدارة والخدمات العمومية، مما يضمن سهولة التواصل وتعزيز الهوية اللغوية في المرافق الحكومية.
وختمت المندوبية بالتأكيد على أن هذه البيانات تمثل أداة قوية في توجيه السياسات العامة الموجهة نحو حماية وتعزيز اللغة الأمازيغية في مغرب متنوع ثقافياً ولغوياً، مما يسهم في خلق بيئة تحتفي بالتعدد اللغوي وتضمن استدامة الإرث الثقافي للبلاد.