فن وفكر

أشرف الحساني يكتب: أسماء المدير.. سأسمّيك وردة


انتهى المهرجان الدولي للفيلم بمراكش في دورته الـ20 لكنّ أفراحه ومَباهجه لم تنتهِ بعد. ذلك إنّ فوز المخرجة السينمائية أسماء المدير، ترك جدلاً كبيراً ومُبهجاً بين النقاد والمخرجين وكافة العاملين بالمجال السينمائي.



صلت أسماء المدير، وهي في زهرة شبابها على النجمة الأولى من مهرجان طالما بدا للمغاربة، وكأنّه عرس سينمائي خاصّ بالأجانب، يأتون إليه فيحصدون جوائزه ثم ينصرفون. لكنْ هذه السنة قلبت صاحبة « كذب أبيض » المعادلة، بعدما انتزعت النجمة من كبار المخرجين في العالم، مع أنّها لم تحتفظ بها لوحدها وبشكل أناني، بل أهدتها في أكثر من حوار وظهور إعلامي لها إلى جميع المغاربة. اعتراف ضمنيّ كهذا يُضمر عشق المدير لبلدها ووطنها، وهي تُشارك « نجمتها » مع كل المغاربة. في تلك الليلة التي لن تُنسى شاهد المغاربة نجمتهم اليتيمة ساطعة في سماء الفن السابع. نجمة كانت تأبى الظهور أمام سماسرة السراب، لكنّها هذه المرّة خرجت إلى العلن، عارية، مُتوهّجة بجمالها لتقول لنا: أنا امرأة عصية على المحو والنسيان. إنّ نجمة المدير نجمتنا جميعاً، نجمة كلّ من يشتغل بوفاء وحبّ في السينما من ممثلين ومخرجين وموسيقيين ومصورين ونقاد وإعلاميين. نجمة هي في أساسها فرحة واعتراف بما أضحى يقدّمه المغرب السينمائي اليوم على يد وجوه جديدة لم نكُن نسمع عنها شيئاً، لكنّها أبت إلاّ أنْ تُكمل رقصتها المُعذبة على درب الفجيعة والألم. أقول الفجيعة لأنّ طريق الفن بالمغرب ليس سهلاً، وإنّما مليء بمسامير صدئة وأشواكٍ مسمومة.


للنجوم ألغازها وهيبتها وجمالها في عيون الناس، خاصّة وأنّ النجوم لها تاريخ طويل وتعني الشيء الكثير للعرب. فهي الشيء الوحيد الذي ظلّ يُؤنس الشاعر العربي القديم ليلاً، إنّها بمثابة نبراس كان يدُله على الطريق في ليل الصحراء. ومنذ ذلك الوقت يُقدّس العرب النجوم، رغم أنّها في نظرهم تجلب الشؤم والحظ السيء. لكنّها هذه المرّة جلبت الفرحة والاعتراف بمغرب سينمائي جديد. اختيار « كذب أبيض » كان مُستحقاً، لكنّه اختيار يُضمر في ذاته حجم الاهتمام الذي ينبغي أنْ نوليه للوجوه السينمائية الجديدة، باعتبارها صانعة لمستقبل هذه السينما. وذلك لأنّ ما نبحث عنه اليوم ليس الانسلاخ من هويتنا والغوص عميقاً وبشكل أعمى في تراث الآخر، بل نحن في حاجةٍ إلى الانطلاق من هذه الهوية وإعادة الاشتغال عليها بصرياً وبطريقة جماليّة تُساهم في ذيوعها وانتشارها.


شخصياً، حين أفكّر في نجمة أسماء المدير أتذكّر يوميات المونديال. فوزٌ تاريخيّ لن يُنسى. بل إنّه يضعنا اليوم أمام مسؤولية كبيرة تجاه الإنتاج السينمائي الوطني وما ينبغي أنْ يكون عليه مُستقبلاً. أتحدّث عن المدير وأنا أتذكر عشرات الأسماء السينمائية التي تبدو وكأنّها تستفيد من الدعم العمومي بشكل سنويّ، أين هي الآن؟ ماذا قدّمت للمغرب السينمائي؟


نجمة أسماء المدير، نجمتنا جميعاً، نجمةٌ نفتخر بها ونضيء بها دروب الألم والنشوة والفرح في قلوبنا المكلومة..

Sara Elboufi
سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة مقدمة البرنامج الإخباري "صدى الصحف" لجريدة إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الثلاثاء 5 ديسمبر 2023

              
















تحميل مجلة لويكاند






Buy cheap website traffic