التشريع لمواجهة الابتزاز الرقمي
أبرز وهبي أن مشروع القانون الجنائي المقبل سيتضمن مقتضيات واضحة لتجريم هذه السلوكيات، خاصة ما يتعلق بالسب والقذف والابتزاز الإلكتروني، بالإضافة إلى الاستغلال غير الأخلاقي للأطفال في المحتوى الرقمي. وأكد أن المغرب بحاجة إلى إطار قانوني صارم يضع حدًا لهذه الممارسات، معتبرًا أن الحصانة لا تمنح لأي شخص، سواء كان صحافيًا أو برلمانيًا أو مسؤولًا حكوميًا، إلا في حدود دوره المهني المشروع، الذي يقوم على تقصي الحقائق ونقل المعلومات بدقة وموضوعية.
وأوضح الوزير أن هناك من يختلق ادعاءات زائفة لتشويه صورة شخصيات عامة أو عادية، مما يجعل هذه الأفعال ترقى إلى مستوى الجرائم التي ينبغي التصدي لها بكل حزم. ورفض وهبي الادعاءات القائلة بأن هذه الإجراءات ترمي إلى تكميم الأفواه، موضحًا أن النقد البناء والرقابة الشعبية على المسؤولين حق مكفول دستوريًا، لكن لا يمكن القبول بأن يتحول الفضاء الرقمي إلى منصة للتلاعب بسمعة الأفراد وتصفية الحسابات الشخصية أو السياسية.
تحولات الإعلام الرقمي ومخاطر الفوضى
تحدث وهبي عن التحولات التي شهدها المجال الإعلامي، مؤكدًا أن الصحافة الحقيقية تستند إلى مبدأ قدسية الخبر وتحليله بموضوعية، غير أن انتشار منصات التواصل الاجتماعي جعل المعلومة خاضعة لمنطق السوق، حيث بات البعض يسعى لتحقيق مشاهدات مرتفعة بأي ثمن، ولو على حساب أخلاقيات المهنة. وأشار إلى أن الانفلات الحاصل أدى إلى فقدان المصداقية، بعدما أصبح السب والقذف والتشهير أدوات رائجة في صناعة المحتوى الرقمي.
واعتبر الوزير أن هذه الظاهرة باتت تهدد الاستقرار الاجتماعي، حيث أصبح من السهل ترويج أخبار مضللة تسيء إلى الأفراد وتخلق توترات غير مبررة. وأكد على ضرورة تحميل الجميع مسؤولية أفعاله، داعيًا المواطنين الذين تعرضوا للضرر إلى تحريك دعاوى قضائية ضد الجهات التي تمس بكرامتهم وحقوقهم، مشددًا على أن الدولة مسؤولة عن ضمان حرية التعبير، ولكن وفق ضوابط قانونية تحمي الأفراد من التشهير والاستغلال.
إشكالية تنفيذ الأحكام القضائية ضد الدولة
في سياق آخر، تطرق وهبي إلى ملف تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الدولة، معترفًا بوجود تحديات كبيرة تحول دون تنفيذ بعض القرارات القضائية في آجال معقولة. وأوضح أن الحكومة خصصت 6 مليارات درهم لتعويض المتضررين من قرارات نزع الملكية، لكن القيمة الإجمالية للأحكام الصادرة في هذا الشأن تجاوزت 24 مليار درهم، مما خلق فجوة مالية يصعب تغطيتها دفعة واحدة.
وشدد الوزير على أن الدولة لا يمكن أن تتجاهل الأحكام القضائية، لأنها تصدر باسم جلالة الملك، الذي يعد رئيس الدولة والحريص على ضمان العدالة للجميع، مشيرًا إلى أن هذه الإشكالية تتطلب حلولًا عملية تتجاوز مجرد الوعود، من خلال تخصيص موارد إضافية في الميزانية العامة، وتطوير آليات التنفيذ لضمان احترام سلطة القضاء.
واختتم وهبي مداخلته بالتأكيد على أن المغرب لن يسمح بتحويل فضاءاته الرقمية إلى منصات للفوضى، حيث ينبغي التمييز بين حرية التعبير المسؤولة، وبين استغلال الإعلام الرقمي في تصفية الحسابات الشخصية والترويج للأكاذيب. وشدد على أن الإصلاحات التشريعية المرتقبة ستضع ضوابط واضحة لمنع التجاوزات، وضمان التوازن بين الحقوق والحريات، وبين حماية الأفراد من الانتهاكات غير المبررة.