بقلم عدنان بنشقرون
ظرفية تعوق الطموحات أم معادلة مستحيلة: تحقيق المزيد بموارد أقل
في خطاب حديث له بالدار البيضاء، استعرض رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش الجهود المبذولة من طرف فريقه للاستجابة لتطلعات المواطنين، رغم الظرفية الاقتصادية والاجتماعية الصعبة. ورغم أن التدابير المعلنة تعتبر هامة، إلا أنها تثير تساؤلات حول مدى فعاليتها واستدامتها أمام تحديات غير مسبوقة.
من بين المبادرات البارزة المعلنة: زيادة قدرها 45 مليار درهم في أجور الموظفين، ورفع بنسبة 20% في أجور القطاع الخاص، وإعفاءات ضريبية على معاشات التقاعد، ورفع حد الدخل المعفي من الضريبة على الدخل إلى 6000 درهم.
كما ستستفيد الجماعات المحلية من زيادة في تحويلات ضريبة القيمة المضافة، لترتفع من 30% إلى 32%. تهدف هذه التدابير إلى تعزيز القدرة الشرائية في سياق أزمات متعددة: تضخم عالمي، جفاف مستمر، حرب في أوكرانيا، زلزال وفيضانات.
ورغم أن هذه الإصلاحات تعكس إرادة سياسية واضحة، إلا أن تأثيرها الإجمالي قد يكون محدودًا بفعل الظروف الاقتصادية الصعبة. السؤال الجوهري يبقى: هل تمثل هذه الإصلاحات حلولًا دائمة أم أنها مجرد استجابات مؤقتة لضغوط آنية؟
تشدد الحكومة على الطابع الاستثنائي للتحديات الحالية. مع ذلك، يرى بعض المراقبين أن هذه الأزمات، رغم شدتها، تسلط الضوء على الهشاشة الهيكلية للاقتصاد المغربي. الأسر لا تزال تعاني من تضخم متسارع، خاصة في أسعار المنتجات الأساسية، بينما يبدو أن الجهود المبذولة لتحفيز القطاعات الإنتاجية غير كافية.
إضافة إلى ذلك، فإن التحويلات الاجتماعية والإعفاءات الضريبية، رغم أهميتها، تطرح تساؤلات حول كيفية تمويلها على المدى المتوسط. إذا ظلت تعبئة الموارد محدودة، قد تعاني الجماعات المحلية قريبًا من آثار تحويل ضريبة القيمة المضافة الذي لا يعوض بشكل كامل احتياجاتها المتزايدة في البنية التحتية والخدمات.
يشير رئيس الحكومة إلى أن هذه الإجراءات تجسد الرؤية الملكية لبناء دولة اجتماعية. لكن، إلى أي مدى تستجيب هذه الجهود لتطلعات المواطنين؟ يتطلب بناء دولة اجتماعية حقيقية إصلاحات هيكلية عميقة، خاصة في مجالات التعليم والصحة والعدالة الاجتماعية.
علاوة على ذلك، يثير التواصل الحكومي، رغم طابعه المطمئن، شكوكًا حول القدرة على الحفاظ على هذا المسار. هل يمكن أن تؤدي تراكم الأزمات إلى تقليص الطموحات المعلنة؟ يبقى هذا السؤال محوريًا، خاصة أن تأثير الإجراءات الحالية قد يتلاشى دون انتعاش اقتصادي قوي وشامل.
رغم أن العمل الحكومي يستحق الإشادة لتعامله الواقعي مع حالة الطوارئ، إلا أنه ينبغي مساءلته بشأن قدرته على تحقيق تغيير دائم في حياة المواطنين. الطريق نحو دولة اجتماعية لا يقتصر على مبادرات رمزية، مهما كانت أهميتها، بل يعتمد على رؤية طويلة المدى وأفعال متسقة ومترابطة.