آخر الأخبار

هكذا يتم التلاعب بالأخبار في CNEWS and Co eind


وأنا أتابع الأخبار ، و بالضبط طريقة تغطية الصراعات في الشرق الأوسط في وسائل الإعلام الفرنسية مثل CNEWS وLCI وBFM TV، تعتريني عدة تساؤلات والعديد من الملاحظات سأحاول سردها خلال هذا المقال النقدي.

بصفتي مشاهدًا مغربيًا يقظًا، فإنه من الصعب جدًا بالنسبة لي ألا أشعر بالإحباط من الطريقة التي تبدو بها بعض وسائل الإعلام الفرنسية، مثل CNEWS وLCI وBFM TV، في تنظيم قصصها المتعلقة بالصراعات في الشرق الأوسط. لقد فرضت عمليات بث هذه القنوات تدريجياً ما يشبه "الميثاق الضمني"، وهو عبارة عن مجموعة من القواعد غير الرسمية التي يبدو أنها ترشد طريقة تقديم المعلومات، مما لا يترك مجالاً كبيراً للنظرة المتوازنة أو النقد البناء.



نحن نعلم أن زاوية تقديم الأخبار لا تخلو من أهداف،  والأكيد أن هدفها هو توجيه المتلقي لوجهك نظر المنابر المذكورة.

كأن يتم التقليل والتخفيف  من وقع  بعض أعمال العنف، وتبريرها خاصة، أو جعل بعض الحقائق غير مرئية، أو اختيار الكلمات بعناية بحيث تتجنب الإساءة إلى حساسيات معينة، تساهم وسائل الإعلام في استقطاب الرأي. 


يشكك هذا الاختيار التحريري بعمق في مسؤولية الصحفيين والمحررين في إنتاج محتوى يهدف إلى الإعلام وليس التأثير بطريقة متحيزة. فكيف يمكننا إذن أن نضمن أن المشاهدين المغاربة أو غيرهم، الذين يتابعون هذه القنوات، أن يكونو ا رؤية واضحة ؟


إن القواعد الضمنية التي يبدو أنها تحكم تغطية الصراعات في الشرق الأوسط في وسائل الإعلام الفرنسية مثل CNEWS وLCI وBFM TV تستحق الدراسة بعين نقدية. وهذه "المواثيق" غير المرئية والمتحيزة لا تخدم المبدأ الأساسي للصحافة، وهو نقل المعلومات بطريقة محايدة ومتوازنة. 


لذلك من الضروري أن يظل المشاهد يقظًا ويبحث عن مصادر متنوعة للمعلومات حتى لا يقع في شرك رؤية مفرطة في التبسيط لمثل هذا الصراع المعقد.


هذا الميثاق الإعلامي الضمني يثير السؤال التالي: كيف يمكن تقديم مثل هذا النوع من  الأخبار  بهذه الطريقة المبسطة، وحتى الأحادية الجانب؟


أول ما يبرز هو الإصرار على تصوير إسرائيل على أنها الطرف الذي يدافع عن نفسه دائما، بغض النظر عن السياق. 


إن التكرار المستمر لهذه الفكرة يخلق تصورا يمحو كل التعقيد ويهمش الواقع على الأرض، ووفقاً لهذه الروايات فإن التصرفات الإسرائيلية، بما في ذلك الأعمال الأكثر عنفاً، ترقى دائماً إلى مستوى الدفاع عن النفس، في حين أن أي رد فعل من جانب الفلسطينيين أو اللبنانيين يوصف بشكل منهجي بأنه إرهاب.


والأكيد أن هذه الطريقة في نقل الأخبار تمحو أي تمييز بين المقاومة والاحتلال ومستويات العنف المختلفة المنتشرة على كلا الجانبين. وهذا النهج لا يغذي الجهل فحسب، بل إنه يميل ضمنا إلى إضفاء الشرعية على أفعال يمكن إدانتها في سياقات أخرى.


إن أحد الجوانب الأكثر إثارة للدهشة في هذا "الميثاق" هو ​​الطريقة التي يتجنب بها بعناية تسليط الضوء على الخلل الصارخ في توازن القوى الموجودة. ورغم أن أسر جندي إسرائيلي واحد على يد الفلسطينيين أو اللبنانيين يتصدر عناوين الأخبار ويُنظر إليه باعتباره استفزازاً خطيراً، فإن سجن الآلاف من الفلسطينيين، دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة غالباً، يمر دون أن يلاحظه أحد. كثيرًا ما تفشل وسائل الإعلام المهيمنة في التشكيك في عدم التماثل في العلاج.


والأكيد أن هذه الطريقة في نقل الأخبار تمحو أي تمييز بين المقاومة والاحتلال ومستويات العنف المختلفة المنتشرة على كلا الجانبين. وهذا النهج لا يغذي الجهل فحسب، بل إنه يميل ضمنا إلى إضفاء الشرعية على أفعال يمكن إدانتها في سياقات أخرى.


إن أحد الجوانب الأكثر إثارة للدهشة في هذا "الميثاق" هو ​​الطريقة التي يتجنب بها بعناية تسليط الضوء على الخلل الصارخ في توازن القوى الموجودة. ورغم أن أسر جندي إسرائيلي واحد على يد الفلسطينيين أو اللبنانيين يتصدر عناوين الأخبار ويُنظر إليه باعتباره استفزازاً خطيراً، فإن سجن الآلاف من الفلسطينيين، دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة غالباً، يمر دون أن يلاحظه أحد. كثيرًا ما تفشل وسائل الإعلام المهيمنة في التشكيك في عدم التماثل في العلاج.


وبالمثل، يتم عرض التحالفات والدعم الدولي أيضًا بطريقة متحيزة: فمن الشائع التأكيد على أن الجماعات الفلسطينية مدعومة من سوريا أو إيران، في حين أن الدعم العسكري والسياسي الهائل لإسرائيل من قبل الولايات المتحدة أو فرنسا أو القوى الأوروبية الأخرى نادرًا ما يتم تجاهله. 


ويساهم هذا النسيان الطوعي في رسم صراع أكثر توازناً مما هو عليه في الواقع، وهو وهم التكافؤ الذي يخفي فقط التوازن الحقيقي للقوى.
الجانب الآخر المثير للقلق في هذه التغطية الإعلامية هو الطريقة التي يتم بها تجنب بعض المصطلحات الأساسية بعناية حتى لا "تزعج" المشاهدين، على سبيل المثال، فإن عبارة "الأراضي المحتلة"، التي تحظى باعتراف دولي، بدأت تختفي من الخطاب الإعلامي لصالح مصطلحات أكثر حيادية مثل "المناطق المتنازع عليها". وعلى نحو مماثل، كثيرا ما يتم تجاهل أي ذكر لقرارات الأمم المتحدة أو انتهاكات حقوق الإنسان. ثم نسأل أنفسنا: ما هي مهمة الصحافة إن لم تكن تنوير المواطنين بالحقائق المثبتة، مهما كانت غير مريحة؟


الحياد الصحفي مبدأ أساسي في المهنة. ومع ذلك، عندما يتم التذرع به لتبرير الخلل الصارخ في تغطية الصراع، فإنه يصبح سلاحاً ذا حدين. 


فهل إعطاء المزيد من الوقت للتحدث لطرف واحد، لمجرد أنه يتقن اللغة أو رموز وسائل الإعلام الغربية، لا يزال يشكل موضوعية؟ ومما يزيد الأمر إثارة للقلق أن وسائل الإعلام هذه تؤثر بشكل كبير على الرأي العام، ليس فقط في فرنسا ولكن أيضًا على المستوى الدولي. فالعديد من المشاهدين المغاربة أو الناطقين بالفرنسية، على سبيل المثال، يستهلكون هذا المحتوى بحثا عن معلومات موثوقة. وهم يجازفون بمواجهة واقع متحيز لا يعكس بدقة مدى تعقيد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

مقال بالفرنسية: لعدنان بنشقرون.

ترجم من طرف أمال الهواري. 




الاثنين 14 أكتوبر 2024
في نفس الركن