كتاب الرأي

موج الأعماق


قصيدة شعرية تحت عنوان: > لمن تنفعه العبرة و الذكرى تذيل المقالة التالية

. الحكومة بين سنتي 2019 و 2023

من التغطية الصحية إلى مشروع الدولة الاجتماعية



علي تونسي : باحث في سوسولوجيا المعرفة


. لقد سبق لحكومة سعد الدين العثماني أن تقدمت سنة 2019 بمشروع اقتطاعات جديدة من أجور الموظفين و معاشات المتقاعدين تحت ذريعة  التغطية الصحية الإجبارية  للوالدين . فتم إحداث شوشرة ، نقاش غير متكافئ في الظاهر كالعادة سواء في مجلسي النواب و المستشارين أو في وسائط التواصل الاجتماعي ،... و انحراف عن صلب الموضوع عرفا منذ القدم ينتهي دوما لصالح مشاريع حكومية غير شعبية يؤدي ثمنها الباهض الطبقتان الشعبيتان ( الكادحة و المتوسطة ) و تضع مستقبل البلاد و المواطنين على سكة المجهول .


مشروع تلك  الحكومة قام على تعميم الاقتطاعات إجباريا على دخل الموظفين و المتقاعدين من المنبع الذي يخضع لسيطرة الحكومة و طول يدها عليه. في حين الجهات ( المعارضة ) ترفض التعميم الميكانيكي و تقترح تعديلات تروم مراعاة الفروق بين فئات الموظفين علاقة بالأوضاع المختلفة للوالدين منهم المتوفين و منهم المتقاعدين المستفيدين قبلا من التغطية الصحية و منهم غير المحتاجين لها،... وأيضا عدم استفادة المتقاعدين من الزيادات في الأجور ،. إلى آخره... من التحويمات و التوهيمات التي تعمل على تهيئة الرأي العام لقبول أمر الواقع المفروض من طرف الحكومة .


كل الذرائع المتحجج بها من طرف بعض ( النقابات ) و ( المعارضة ) تنحو في اتجاه رفض قاعدة التضامن التي تؤسس لمشروع الحكومة . 

لكن إذا كان فعلا التضامن و التعاضد هو القاعدة التي يقوم عليها مشروع الحكومة و التي تبرر به  تعميم الاقتطاعات إجباريا على الموظفين و المتقاعدين في القطاع العام. و إن كنت شخصيا غير متأكد من أن الحكومة قد أشارت صراحة في ديباجة مشروعها إلى الوازع التضامني في هذا التعميم الذي يلزم الجميع المساهمة مستفيدا أو غير مستفيذ. كما يحدث في بعض الكوارث الطبيعية أو في الحروب و الدفاع عن حوزة الوطن، لأن إجبارية التغطية الصحية لكافة المواطنين كإجبارية التعليم و تعميمه و مجانيته و الدعم الاجتماعي و الأمن الغدائي و الصحي كلها تدخل في باب الدفاع عن حوزة الوطن و المواطنين و لا تقل أهمية عما تتطلبه الكوارث والحروب من تضامن عام و إجباري...



  الملاحظة الأساسية هي أن هذه الشوشرة ساهمت في إسقاط القناع و كشف الحجاب عن باطل يراد له أن يتجلبب بثوب الحق و مراوغات لا ترقى إلى مستوى الإبداع و الإقناع لبعض الجهات ( المؤيدة ) أو ( المعارضة ) لا تتعدى في مخرجاتها سوى مزيدا من  استعباط المواطنين و استبلاد الرأي العام الوطني أمام مرأى و مسمع الجميع وطنيا و دوليا.. 


 خصوصا عندما تصبح لغة الإقناع مغرقة في الرداءة المتبادلة بين مؤيد و معارض و بعيدة عن التحليل العلمي، فتقفز على النقاش بمقترحات ظاهرها معارضة شعبية  و باطنها إلتفاف و تأييد للمشروع الحكومي على بساط من لغة الخشب تثير العاطفة الدينية بمقولة لا أساس مادي و لا علمي لها << مساخيط الولدين >> .

  و عليه فإن أي رد موضوعي على مشروع الحكومة يقتضي في نظري المتواضع  القول بتعميم التضامن على جميع القطاعات المنتجة و جميع المواطنين النشيطين و ليس فقط الموظفين و المتقاعدين .


ذلك أن التغطية الصحية  حق لجميع المواطنين بدون استثناء أو فئوية، فجميع الأطفال و الأمهات و الأباء و المسنين و المعوزين و جميع المحتاجين للتغطية الصحية و الدعم الاجتماعي هم منا و إلينا ( أطفالنا و أمهاتنا و آبائنا و أخواتنا و إخواننا،.. )  على الحكومة إذن و الأحزاب و المجتمع المدني و جميع المكونات الوطنية في الداخل و الخارج العمل في إطار الديموقراطية التشاركية على إيجاد حلول ذات بعد وطني و إبداعي للتنمية الشمولية و  النهوض بالأوضاع الاجتماعية العامة و القطاعية لجميع فئات المجتمع. علما بأن هذه الأوضاع أصبحت مقلقة أكثر فأكثر و معرقلة حتى لأي مشروع مجتمعي مهما كان  رائدا و متقدما... 


و ها نحن الآن مع حكومة السيد أخنوش ما زلنا ننتظر تنزيل قوانين و إجراءات التغطية الاجتماعية الشاملة و الدولة الاجتماعية المنشودة منذ وعود الانتخابات الأخيرة. و ما زال وحش الغلاء و التضخم يترصدنا و الحكومة ما زالت تراود مكانها و تحاول إقناع الشعب المكتوي في حياته الآنية و اليومية  بنار الغلاء و الانعكاسات السلبية للتضخم بأنها تقوم بمجهودات جبارة لتحقيق مشارع استراتيجية و التصدي للمخاطر التي تهدد مستقبل البلاد .


فهل يلزمنا إلى جانب هذه الحكومة حكومة ثانية تتصدى لمعناة الشعب من أضرار الآني و اليومي قبل المستقبلي؟.،.
مجرد سؤال عله يحمل بين طياته عجبا عجاب أو إلهاء شعبيا مؤقتا مستطاب...
                               

موج الأعماق

يثور البوح
يزيل متارس  الكتمان
أتنفس الصعداء
ينبض قلبي يلاطم السحاب
 يراقص النجوم
في رحاب الأكوان
يسألني في المنام
ثم يعود يسألني صحوا
عما كان؟!
                                      
آه    
متلعثم الخطوات
أمشي
ثمالة أشواق 
و حرمان  
حبي  سواحل أوكاري
لهفتي و انبهاري
من لوعتي 
فراخ الطير تسألني 
عن مدينة دهب تحت التراب
عن زلزال كبير
من وراء البحر
غير مجرى النهر و الأحداث
عن طوفان بلون الطين
و الصراخ و الأنين
 ضرب الزرع و الغرس و البنين
                                             
نوارس البحر     
تنقب عن صدفاتي                                 
وعن رقصات الموج في الأعماق؟!..  
يا لهذا الزمن
و فقر هكذا و قتل مستهان 
تطور الفتك بالإنسان 
و الدمار جاوز مدى الطغيان
يا لجّ أحزاني
كم يستغرقني الإصلاح
و كم يلزمني 
كي أسعدك 
كي أحياك يا وطني

سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الاثنين 8 ماي 2023
في نفس الركن