كتاب الرأي

مهنة الصحافة والذكاء الاصطناعي .. المستقبل المجهول !


تظل منظومة الصحافة المتصلة أساسًا ، بالنظام الرقمي المتشابك بحيوات متواترة بمعيش الإنسان منذ ثورة "النظام" التكنولوجي ، قادرة على تثوير حياة الإنسان وتطويرها واختزالها في آن، لكن بالمقابل تطرحُ أمامها تحديات كثيرة ، كنتيجة طبيعية لمَا تفرزهُ هذه التطورات ، وفي سياق هذا الملف المخصص لهذا الأسبوع ، ارتأت "العلم" ، أن تلجَ مجال الذكاء الاصطناعي وأن تستكشف عالمه المتصل بمجال الصحافة ، وما يطرحه من تطبيقات وبرامج تدخل أساسًا في ثنايا مهامها .



ملف من إعداد : الصحافي أنس الشعرة

وأجمعَ المتدخلون في هذا الملف، دونَ سابق اتفاق على أن المرحلة الجديدة من طور الإنسان ، ستعرف سيادة الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته ، في جميع المجالات ، بما فيها الصحافة ، وأبرزوا أنّه لا محيد لصحافتنا اليوم ، من أن تنتظمَ في هذا السياق رغمَ التحديات والعراقيل التي تواجهها .



وأكد "رأي" المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الصادر في 2021 ، غيابَ خارطة طريق وطنية للذكاء الاصطناعي ، وأرجحَ ذلكَ إلى مجموعة من العِلل منها : التأخر في تنفيذِ الاستراتيجيات السابقة المعتمدة من أجل تحقيق الرقمي في عدة قطاعات مثل الإدارة والصحة والتعليم والصناعة .


ومرت حولان كاملان ، على هذا الرأي ، الذي يكشف تأخر استراتيجيات فاعلة في مجال التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي ، وها هو اليوم يصدر تقرير حديث عن جامعة ستانفورد الأمريكية ، تحتَ عنوان :  مؤشر الذكاء الاصطناعي لعام 2023" ، يشيرُ إلى أن المغرب شرع في تطوير استراتيجية الذكاء الاصطناعي بدءا من عام 2021 ، أي منذ العام الذي صدرَ فيه رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ، في هذا السياق لا يهم التأكيد أو النفي ، بقدرِ ما يهمُ وضع أسئلة جوهرية بشأن مدى التزام الجهات العمومية/ الفاعلة المسؤولة عن تنزيل مقتضيات التحول الرقمي ببلادنا ، ومن جهة أخرى استدراك التأخر الحاصل في مجال الإعلام والصحافة لمواكبة التوجهات الكبرى لمهنة الصحافة والإعلام ، المرتكزة على الانفتاح على إمكانيات الذكاء الاصطناعي ، ومراجعة أساليب تدريس السرد الصحفي، وإدارة غرف الأخبار ، وكبح تسارع وتيرة الأخبار الزائفة .


إن الصيحة التي أطلقتها شركة "أوبن إيه آي" (OpenAI)، المتخصصة في الذكاء الاصطناعي وتقنياته ، جذيرة بالوقوف عندها ، وتسليط الضوء على التطور الحادث في مجال الذكاء الاصطناعي ، والنتائج التي يحققها ، والتي أصبحت ذات تأثير مطرد على حياتنا وسلوكاتنا وأنشطتنا في المجمل .


وقد حقق روبوت المحادثة "تشات جي بي تي" شهرة واسعة ، بين أوساط المستخدمين حول العالم ، ومنذ لحظة إطلاقه نهاية عام 2022 ، نظرا للقدرات الهائلة التي يمتلكها التي تمنحهُ إمكانيةَ الإجابة عن أسئلة المستخدمين بطريقة مذهلة اعتمادا على تقنيات الذكاء الاصطناعي ، أكد أن الطفرات التي سيحدثها سيكون لها بالغَ الأثر على مستقبلنا ومستقبل المهن ذات البعد التحريري، ذلك أنه يعتمد على 100 تريليون من البيانات ، مقارنة بـ175 مليار من البيانات في النسخة السابقة "تشات جي بي تي 3,5".


وتستطيع النسخة الجديدة من هذا البرنامج ChatGPT 4.0 ، أن تفهم النصوص والصور ، وأن تقوم بتحليلها وتقديم وصف دقيق لمحتواها ، في حين أن النسخة السابقة كانت قادرة على فهم النصوص فقط .


وهو قادر أيضا (0ChatGPT 4.) على تقديم إجابات واقعية بنسبة 40 بالمائة، أكثر من النسخة السابقة ، كما يمكنه التعامل مع أكثر من 25 ألف كلمة ، مقارنة بـ3 آلاف كلمة فقط ، مما يتيح له إنشاء محتوى طويل يمكن الاستفادة منه في صياغة الأبحاث والسيناريوهات ، واللافت أن هذه النسخة يمكنها تتبع محاولات المستخدمين ، عبر سلسلة توليدية منَ الأسئلة والإجابات ، بل  القدرة على رفض الإجابة بما نسبته 82 بالمئة ، من تساؤلات المستخدمين المتعلقة بموضوعات خطرة ، مثل محاولات إيذاء النفس ، أو التي تدخل في إطار الميز العنصر والسب والشتم .


انتشرت مئات المعلومات المغلوطة عن (0 ChatGPT 4.) ، مثل الادعاء أنه بات قادرا على إنشاء ممثلين افتراضيين وإنتاج الأفلام ، وهذا الأمر غير صحيح إطلاقا ، فهو لا يدعم الفيديوهات حتى الساعة، فما سيقدمه هو مجرد محطة صغيرة ضمن سلسلة المحطات التي سيشهدها الروبوت ، الذي يعطي لمحة عما سيوفره الشكل الجديد للذكاء الاصطناعي في المستقبل .


إلا أن هذا يطرحُ معضلات جوهرية ، يتعلق جزء منها بالجانب الأخلاقي والتوجيه السياسي ، ولعل "ساندر بيتشاي" ، رئيس مؤسسة غوغل الشهيرة ذات المحرك البحثي الأهم عالمياً ، يدرك جيدًا خطر انحراف الذكاء الاصطناعي ، عندما قال في إحدى مداخلاته : إن حركة الذكاء الاصطناعي تحتاج إلى فلاسفة ومفكرين في الإنسانيات والأخلاق، وليس إلى المهندسين والفنيين وحدهم .


وفي ذات السياق، أكد "جونا بيريتي" الرئيس التنفيذي لشركة "بازفيد" ، أن الـ 15 عاماً القادمة ، سيحكمها الذكاء الاصطناعي والبيانات التي تساعد في إنشاء وتفصيل المحتوى نفسه. وذلكَ بما تتيحه الاختراقات الموجودة في الذكاء الاصطناعي ، من حقبة جديدة من الإبداع تسمح للإنسان بتسخير الإبداع بطرق جديدة مع فرص وتطبيقات لا نهاية لها من أجل الخير .


وفي هذا الصدد ، يقدم هذا الملف ، حوارات مع مختصينَ في مجالات الصحافة والإعلام ، وتقنيات الذكاء الاصطناعي ، كما يقدم مساهمات ونصوص مترجمة حديثة وحصرية لـ "العلم" ، مرتبطة بتأثير الذكاء الاصطناعي على مستقبل الصحافة وتوجهاتها الكبرى ، في محاولة للقبض على النزر  اليسير من هذا المجال الذي يعيش تحولات وتطورات يومية .

سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الاثنين 8 ماي 2023
في نفس الركن