آخر الأخبار

مهمة دي ميستورا في الصحراء.. أزيد من ثلاث سنوات من الجمود والارتباك الدبلوماسي


​أرسل ستافان دي ميستورا إلى الصحراء المغربية بصفته المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، لكنه عاد خالي الوفاض. فمنذ تعيينه في أكتوبر 2021، لم يحقق أي تقدم يذكر. هو الذي خبر الدبلوماسية في العراق وأفغانستان وسوريا ولبنان، بدا وكأنه اكتفى اليوم بلعب دور المرافق الحائر، لا القائد الفعّال



المفارقة أن دي ميستورا، بدلاً من تقوية قنوات الحوار بين الأطراف الأربعة المعنية (المغرب، الجزائر، موريتانيا، و"البوليساريو")، بدا وكأنه يتنقل في فراغ دبلوماسي.

فالمفاوضات التي دشّنها سلفه هورست كولر في سويسرا عامي 2018 و2019 توقفت، ولم يُكتب لها الاستمرار بسبب رفض الجزائر والبوليساريو المشاركة في هذا الإطار بعد ذلك، رغم أنهما كانتا قد حضرتا بجناحيهما الدبلوماسيين في السابق. ما تغير؟ لا أحد يعلم. لكن الثابت أن الجزائر باتت تتصرف وفق دبلوماسية متقلبة، تُغلفها شعارات لا تُخفي ارتباكها الاستراتيجي.


أما عن دي ميستورا، فقد ارتكب خطأ دبلوماسياً فادحاً عندما قرر زيارة بريتوريا نهاية يناير 2024، ولقاء وزيرة خارجية جنوب إفريقيا، الدولة التي لا تخفي عداءها للوحدة الترابية المغربية منذ سنوات. الأسوأ أنه أعلم الجزائر و"البوليساريو" بهذه الزيارة، وتجاهل تماماً المغرب. المتحدث باسم الأمين العام اكتفى بالقول إن الزيارة "تندرج ضمن الدبلوماسية السرية"، لكنها لم تكن سوى دليل على افتقار الرجل للحكمة السياسية.


ولم يكتفِ بذلك، بل عاد في أكتوبر الماضي ليعيد إحياء مقترح جزائري قديم قُدم عام 2001 بتقسيم الصحراء، وكأنه لا يعلم أن السياق تغير تماماً، وأن المبادرة المغربية للحكم الذاتي هي الخيار الوحيد الذي يحظى بدعم دولي واسع، من باريس إلى واشنطن، كما أعاد التأكيد عليه مجلس الأمن في اجتماعه المغلق منتصف أبريل الجاري.


وفي وقت كان يُفترض فيه أن يُركز تقريره الأخير على جوهر الأزمة السياسية، اختار دي ميستورا الحديث بلغة العاطفة. سرد علينا مشاعر فتاة ولدت في مخيمات تندوف ولم تعرف سوى حياة اللجوء. لكنه تجاهل الحقائق الأخطر: تقارير رسمية تؤكد سرقة المساعدات الغذائية، وتوظيف الأطفال في الميليشيات، وقمع المعارضين، ورفض الجزائر المستمر لإجراء إحصاء دقيق للاجئين.


ما كان منتظراً من مسؤول أممي ليس البكاء أمام الكاميرات، بل قول الحقيقة كما هي. لماذا توقفت زيارات تبادل العائلات بين المخيمات والأقاليم الجنوبية؟ أين تقريره عن الانتهاكات في مخيمات تندوف؟ ولماذا لم يجرؤ على مساءلة الجزائر عن احتجازها لآلاف اللاجئين في ظروف غير إنسانية؟


في النهاية، يبدو أن دي ميستورا اختار لنفسه دور "المتعاطف النبيل"، بينما كانت مهمته تقتضي أن يكون شاهد حق لا موظف بروتوكولي. تعاطفه المصطنع لا يخدم أي حل، بل يزيد الضبابية حول نزاع يجب أن يجد طريقه إلى الطي، لا التدويل العاطفي.

دي ميستورا، الصحراء المغربية، الأمم المتحدة، الجزائر، البوليساريو، الحكم الذاتي


عائشة بوسكين صحافية خريجة المعهد العالي للإعلام… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الجمعة 18 أبريل 2025
في نفس الركن