حياتنا

من أشغال الندوة الهامة التي نظمتها مؤسسة علال الفاسي حول موضوع "التمثلات المجتمعية حول المرأة وعلاقة ذلك بدورها في التنمية"


من أشغال الندوة الهامة التي نظمتها مؤسسة علال الفاسي حول موضوع "التمثلات المجتمعية حول المرأة وعلاقة ذلك بدورها في التنمية" بمشاركة كل من الأساتذة ثورية السعودي ، خديجة شاكر ، والأستاذ عبر الرحيم العطري .



وقد خَلُصت مداخلات الأساتذة الأفاضل إلى الحاجة الماسة للمرأة باعتبارها من أهم الأطراف المساهمة في تحقيق التنمية والسعي من أجل بيئة اجتماعية نظيفة ، ولكون أن دورها لا يقل عن دور الرجل في ايجاد حلول للتحديات ودعم جهود من أجل مستقبل مستدام ، كما يقر العالم بأهمية دور المرأة في تحقيق الاستدامة لأنها هي نواة المجتمع ، وإذا استطعنا أن نطور أو نغير من سلوكيات المرأة يمكن تغير سلوكيات الأسرة والمجتمع .


 
وفي هذا الإطار تطرقت الجامعية ، ثريا السعودي ، وهي أستاذة التعليم العالي في تخصص التاريخ ، إلى أن التمثلات السائدة إزاء المرأة لدى الرعيل الأول من النخبة المغربية خلال فترة الحماية (من 1912 إلى 1956) ، كانت تطغى عليها السلبية، لكون النخبة المغربية خلال تلك الفترة ، التي كانت في معظمها نخبة دينية ، “نهلتْ من تراث فقهي شيْطن المرأة، واعتبرها مصدرا للفتنة والإغراء وأوصى بالحذر منها”، على حد تعبيرها .


واستعرضت السعودي في عرض قدمته خلال ندوة نظمتها مؤسسة علال الفاسي حول “موضوع التمثلات المجتمعية حول المرأة وعلاقة ذلك بدورها في التنمية”، مساء الخميس ، نماذج من آراء فقهية قالت إنها “شيْطنت” المرأة إبان تلك الحقبة، تعود إلى ابن المؤقت المراكشي، والمصلح محمد الحجوي.


وذكرت رأيا للفقيه أفيلال سيدي محمد بن التهامي ، من مدينة تطوان، يقول فيه عن النساء “إنهن لا دين لهن في خلواتهن ولا ورع لهن عند شهواتهن” ، والرأي الثاني للفقيه محمد بن محمد بن عبد الله المؤقت ، يصف فيه النساء بأنهن “إشراك الأشراك ، وأسواق الفساق، ومصائد المصائب ”.


 ولفتت السعودي إلى أن مضمون الرأيين اللذين استحضرتهما كان هو “القاعدة العامة” لدى الفقهاء والشرع في بداية فترة الحماية، مضيفة: “حتى الأعراف الجاري العمل بها خلال تلك الحقبة لم تكن تمنح حق الخروج للمرأة إلا في إطار خرجتين، الأولى إلى بيت الزوجية، والثانية إلى القبر " .


وأشارت إلى أن خروج المرأة ، كما هو مرسخ في التصور السائد آنذاك، كان مشروطا ، كما تعبر عن ذلك إحدى المقولات الشائعة، بـ”ألا تكون متطيبة، ولا متزينة ، ولا ذات حلي يسمع صوتها، ولا بثياب فاخرة، ولا مختلطة بالرجال، ولا شابة ونحوها ممن يفتتن بها ،  وألا يكون في الطريق مفسدة ونحوها…” ، معتبرة أن السلبية التي كان يُنظر بها إلى المرأة ، آنذاك ، “تنعكس فقط في التمثلات والتصورات، ولا تعكس واقع الحال .


وموازاة مع الآراء الفقهية التي تنقص من مكانة المرأة في المجتمع، تردف السعودي ، كانت هناك أقلية من النخبة تنبّه إلى ما يمكن أن تشكله تلك الآراء “من ظلم على النساء وعلى الفئات الضعيفة في المجتمع ”.


وأشارت في هذا الصدد إلى رأي فقهي مخالف اعتبر أن “الفتوى أصبحت نقطة سوداء في جبين الشريعة، ولم يبق لها معنى إلا ابتزاز الأموال وتحريف النصوص الشرعية تبعا للأغراض والشهوات ، فلم يبق إلا القضاء على جرثومة داء الفتوى ، وبذلك ينجو من مخالب المفتين مئات الأيامى وألوف الضعفاء .



وأضافت المتحدثة ذاتها أن التمثلات السائدة وقتها بشأن الأدوار الاقتصادي للنساء لم تكن مختلفة عن التمثلات السابقة ، غير أنه كانت هناك آراء أخرى مخالفة ، كالرأي الذي عبر عنه المهدي الحجوي ، ابن محمد الحجوي ، الذي اعتبر ، في محاضرة ألقاها عام 1938 ، أن “المرأة تتصف بسائر المهن الحرة، ولا مانع للمرأة من الطب والهندسة والتدريس ونشر العلم بالإقراء والافتاء ، ولا مانع لها من تعاطي مهنة الشهادة أو التوثيق بشروط ذلك إذا دعت الضرورة إليه أو تأهلت ”.



وأشارت السعودي إلى أن علال الفاسي تبنى بدوره موقفا مناصرا لعمل المرأة، حيث قال في كتابه “النقد الذاتي” إن المرأة “يمكنها أن تشغل مركز العمل الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في الجماعة وفي الدولة ، وكل ما يدعيه الناس نقصا في المرأة على مستوى القدرة الموجودة عند الرجل فليس إلا من آثار ما صنعته أجيال من الاضطهاد وعصور الانحطاط ، وأن المرأة لقادرة إذا تركت وشأنها أن تصل للقيام بجلائل الأعمال ومهمات الأمور” .

سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الجمعة 17 فبراير 2023
في نفس الركن