كتاب الرأي

معضلة المتقاعدين و القرار السيادي وأسعار وأسرار وسعار


كيف نفسر تقهقر أوضاع المتقاعدين أمام ارتفاع الأسعار و جمود رواتب معاشهم؟!
. هل هي نتيجة إهمال مقصود من طرف الحكومات المتعاقبة، أم أنها تعود إلى تقصير من طرف المتقاعدين أنفسهم في الدفاع عن حقوقهم كسائر موظفي القطاعات العمومية و الخاصة المنضوية تحت لواء المركزيات النقابية، ام راجعة إلى غياب المسؤولية و الاجتهاد التشريعي من طرف البرلمان و الحكومة على السواء بصيغة التنكر لحقوق العيش الكريم لفائدة شرائح واسعة من المواطنين المتقاعدين و الاستخفاف بهم؟!



علي التونسي : باحث في سوسيولوجيا المعرفة


آن التفسير الأكثر موضوعية و شفافية يميل إلى إن الدولة في مسألة الترقي الاجتماعي للمواطنين و الزيادة في أجور الشغيلة تسلك منذ زمان بعيد استراتيجية انتقائية و فئوية قطاعية فلا تستجيب ألا للقطاعات التي تتوفر على آمكانيات الضغط بأسلوب الإضرابات المتتالية و الاعتصامات في الشارع العام و الصمود في وجه المقاربات الأمنية و تحمل تكسير العظام تحت هراوات فك الاعتصام،...مشاهد كارثية على مستوى حقوق الإنسان تبدو معها الدولة كأنها محتاجة إلى ( البروبغاندا ) و التشهير للضغط بدورها على مصادر القرارات المجحفة بسياسة التصحيح الهيكلي للإقتصاد  المفروضة من طرف جهات لا يهمها إلا المحافظ على مصالحها المالية ( كصندوق النقد الدولي و البنك العالمي و بعض الاتفاقيات الدولية غير المتوازنة،...) دون مراعات للأوضاع الاجتماعية للطبقات الشعبية المتوسطة و الدنيا التي تزداد فقرا و تخلفا، مما يجعل التساؤل مشروعا حول مدى حرية القرار السيادي للدولة؟!...



.   و عليه فإن الفئات الواسعة من المتقاعدين يجدون أنفسهم كمن وقع في فخ الثقة بشعارات الإخلاص و الوفاء للوطن و التضحية و التفاني في العمل و بعد التقاعد أصبحوا حبيسي سياج من التنكر و  الإهمال و الإجحاف من طرف الحكومات المتعاقبة و والمؤسسات التشريعية، خصوصا و أنهم أضحوا شيوخا غير قادرين على مجارات استراتيجية الدولة  المعتمدة نهج التعامل الفئوي والتمييز القطاعي و أسلوب العنف و العنف المضاد و البروبغندا...



.  إن معضلة تهميش المتقاعدين من أي زيادة في الأجور راجعة بالأساس إلى أن هذه الزيادات إن قررت على هزالتها تكون على شكل تعويضات و هي ما لا تنعكس على رواتب المتقاعدين. و هذا الإشكال المزمن لا يتأتى حله إلا إذا تم إصلاح شبكة الأرقام الاستدلالية لتكون الزيادات المقررة زيادات في قيمة الرقم الاستدلالي بالنسبة للقطاع العام و قيمة النقط بالنسبة للقطاع الخاص أي في الراتب الأساسي و ليس في التعويضات فقط. فكل زيادة في قيمة الرقم الاستدلالي أو النقط تنعكس مباشرة على رواتب المعاش للمتقاعدين . 

  
                
.  أيها الموظفون إنكم لستم في منأى عن هذا الأمر فمهما تناسيتم هذه المعضلة فإنكم ستتقاعدون مستقبلا، لذا فمن مصلحتكم أن تناضلوا من أجل تصحيح شبكة الأرقام الاستدلالية و قيمتها و أن تطالبوا بأن تكون أي زيادة في الأجور تساوي الرفع في قيمة نقط الأرقام الاستدلالية و ليس فقط في التعويضات . 

أسعار.. أسرار و سعار

 أيها الموظفون لا عذر لكم فالتضامن مع المتقاعدين هو تضامن مع مستقبلكم...

يا قارون هذا الزمن!
قف أينما كنت في هذي البقاع
أسعارا.. أسرارا و سعار
قف سنوات عجافا
جوعا
بخلا  
و ارتفاع أسعار
فيوسف و كرماء الله  آتون بسبع خصاب آتون.. آتون



و أنت شهريار ! 
طلعة أيامك هذي
 قمع..
قبح..
قحط..
و موت نواح
أسعار.. أسرار و سعار 



يا يوليوس روما العظيم!
صوانج عبيد عبدك المداح لم تمنح شهرزاد هذا الزمن
لم تمنح شعوبا ذات شغب مباح فرص الكلام حياة للحياة
حكايا سرد بلا طائل.. فقط بلا طائل
فكرماء الله جميعا يوسف آت
لحل عقدة و جنان و لسان
آتون جميعا بسبعٍ خصابٍ آتون.. 
آتون..


وداعا بطليموس!
صريع بأس كليوباترا البراح
 دم يُهدر سفاحا يدوس كما الأمس كبارا.. صغارا
 طوفان تاتار جانكيزخان و لهيب أسعار و سعار



وداعا يوليوس روما العظيم قتيل الغدر المباح 
مهلا زمن الطاق طاح
مهلا تضربب أعناق مشايخ الفلاح و الصلاح 
مهلا تشريد و قتل  أطفالنا الملاح
فكرماء الله جميعا يوسف آت
و الميزان.. 
و الفرقان.. 


و المثاني السبع الخصاب آتون..
يا زمان الطاق طاح
يا قارون هذا الزمن
قف حيث ما أنت في هذي البقاع
أسعارا.. أسرارا و سعار 
.                     

سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الثلاثاء 18 يوليو/جويلية 2023
في نفس الركن