الكاتب الصحافي والمسؤول الاعلامي المغربي السابق الصديق معنينو
كان الملك الحسن الثاني قد هاتف، ليلة الخميس، أحد مستشاريه ثم أحد المسؤولين عن التشريفات الملكية وأخبرهما أنه قرّر أخذ قسطٍ من الراحة خلال الأيام الثلاثة المقبلة (الجمعة والسبت والأحد) وطلب منهما إلغاء كافة التزاماته ومواعيده.
قصص مقترحة
شيلي آن فرايزر-برايس أسطورة سباقات السرعة شيلي آن.. الرقصة الأولمبية الأخيرة لأسرع سيدة على وجه الأرض وزيرة الرياضة الفرنسية والرئيس ماكرون"قبلة جامحة" من الوزيرة للرئيس.. جديد فرنسا بعد "العشاء الأخير"كيف؟ ومن أين؟ تساؤلات حول اغتيال إسماعيل هنيةكيف؟ ومن أين؟.. غموض يعزز نظرية المؤامرة في اغتيال هنية
ولي عهد المغرب آنذاك في موكب استقبال العداء الأولمبي الشهير سعيد عويطة
في نفس الليلة، سمح الملك الحسن الثاني لمعاونيه ومساعديه بمغادرة مقر إقامته بالصخيرات، ضواحي الرباط، حيث كان يقضي عطلة الصيف. في تلك الليلة، شعر الملك باضطراب في أحواله الصحية وبعياء ألزمه الفراش، لذلك قرر بعد استشارة أطبائه، الخلود للراحة. في هذه الأثناء، كان ولي العهد على علم بمجريات الأحداث، يتابعها عن قرب، ويستطلع الأطباء ويدعو بالصحة والسلامة لوالده.
في قاعة الإنعاش
في مستشفى ابن سيناء، ستتدهور الأوضاع الصحية للملك وسيُسارع الأطباء إلى إدخاله قاعة الإنعاش الطبي، تلك القاعة التي سبق للملك الحسن الثاني أن أمر بإنشائها في الطابق الرابع، الذي خُصص لأمراض القلب بعد أن تبيّن له انعدام وجود مستشفى خاص بهذه الحالات من الأمراض. تابع الملك الحسن الثاني تجهيز هذا المستشفى المتخصص بل ساهم في اقتناء أحدث التجهيزات للفحص والعلاج. وطيلة عدة سنوات استفاد من هذه المبادرة الملكية آلاف المرضى. ومن أسرار القدر أن الملك الحسن الثاني سيدخل بدوره هذا الطابق وسط أجواء من التوتر والترقب.
وقف ولي العهد، وشقيقه الأمير مولاي رشيد، أمام قاعة الإنعاش. كانا حزينين، غالبت عيونهما الدموع. كان ولي العهد على اتصال دائم بالأطباء يخبرونه بانتظام بالتطورات الطبية والمجهودات المبذولة لمواجهة الأزمة القلبية. كان سيدي محمد يحمل هاتفه النقال ويُجيب على تساؤلات والدته وشقيقاته الأميرات... كان يرد بصوتٍ خافتٍ وهادئٍ ينقل إليهن ما تناهى إلى علمه من معلومات.
شعر الأمير في تلك اللحظة بخطورة الوضع، وعِبء المسؤولية، واستعد فكرياً ونفسيا لمواجهة الموقف بما يتطلبه من حكمة وتبصر. كان على علم، وهو في السادسة والثلاثين من عمره، أنه مؤتمن على مصير عائلة شريفة حاكمة منذ ثلاثة قرون ونصف قرن، بل ها هي الأقدار تختاره ليتحمل مسؤولية استمرار إحدى أقدم الملكيات في العالم، عمَّرت اثني عشر قرناً، من إدريس الأول إلى الحسن الثاني. في هذا الظرف الحرج، كان على الأمير سيدي محمد أن يحمل المشعل ويواصل الطريق.
افتخار ملك
لم يكن الرأي العام المغربي على علم بما يجري في الطابق الرابع من المستشفى، ولا تفاصيل ما جرى ليلة الخميس، ولا اضطرار الأطباء إلى حمل الملك إلى قاعة الإنعاش، لكنه كان على علم أن الملك الحسن الثاني يعاني منذ زمن، وأن مرضه لم يكن سراً داخل أسوار القصر. كان ظهور الملك، في آخر أعياد ميلاده، يوم 9 يوليو، يوحي بأنه مريض، إذ لاحظ المشاهدون، على شاشة التلفزيون، أنه كان شاحب الوجه بطيء الخطى، متثاقلاً في حركته، تقبَّل التهاني من عدد قليل من الرسميين، قبل أن يغادر باحة القصر. كان ولي العهد إلى جانبه يؤازره ويقف إلى جانبه ويأسف لوضعيته الصحية.
ورغم كثرة الشائعات، استبشر المغاربة خيراً عندما تابعوا، ليلة الرابع عشر من يوليو، الاستعراض العسكري للجيش الفرنسي في أرقى شوارع باريس. كان الملك حاضراً إلى جانب الرئيس الفرنسي جاك شيراك. بدا الملك الحسن الثاني، بلباسه التقليدي، سعيداً لمشاهدته الوحدات العسكرية المغربية وهي تفتتح الاستعراض.
لاحظ الناس ابتسامة الملك عندما وقف احتراماً للعلم الوطني وهو يتقدم الجوق النحاسي للحرس الملكي، تتلوه وحدات من القوات المسلحة الملكية. بدا جليا أن الحسن الثاني شعر بالافتخار نظراً لما أبانت عنه الوحدات العسكرية المغربية، وهي تعبر شارع الإليزيه، من انضباط وتنظيم. كما لاحظ المغاربة أنه بمجرد مرور الوحدات المغربية، انحنى الرئيس الفرنسي لتهنئة الملك الحسن الثاني على حضوره شخصياً وعلى سلاسة ودقة مشاركة الطلائع المغربية.
في تلك الليلة كان الشعور العام لدى المغاربة ،هو أن الملك في صحة وعافية رغم مظاهر العياء،معتبرين ذلك نتيجة طبيعية لما تطلبهالسفر والحضور والوقوف لساعتين .
قصص مقترحة
شيلي آن فرايزر-برايس أسطورة سباقات السرعة شيلي آن.. الرقصة الأولمبية الأخيرة لأسرع سيدة على وجه الأرض وزيرة الرياضة الفرنسية والرئيس ماكرون"قبلة جامحة" من الوزيرة للرئيس.. جديد فرنسا بعد "العشاء الأخير"كيف؟ ومن أين؟ تساؤلات حول اغتيال إسماعيل هنيةكيف؟ ومن أين؟.. غموض يعزز نظرية المؤامرة في اغتيال هنية
ولي عهد المغرب آنذاك في موكب استقبال العداء الأولمبي الشهير سعيد عويطة
في نفس الليلة، سمح الملك الحسن الثاني لمعاونيه ومساعديه بمغادرة مقر إقامته بالصخيرات، ضواحي الرباط، حيث كان يقضي عطلة الصيف. في تلك الليلة، شعر الملك باضطراب في أحواله الصحية وبعياء ألزمه الفراش، لذلك قرر بعد استشارة أطبائه، الخلود للراحة. في هذه الأثناء، كان ولي العهد على علم بمجريات الأحداث، يتابعها عن قرب، ويستطلع الأطباء ويدعو بالصحة والسلامة لوالده.
في قاعة الإنعاش
في مستشفى ابن سيناء، ستتدهور الأوضاع الصحية للملك وسيُسارع الأطباء إلى إدخاله قاعة الإنعاش الطبي، تلك القاعة التي سبق للملك الحسن الثاني أن أمر بإنشائها في الطابق الرابع، الذي خُصص لأمراض القلب بعد أن تبيّن له انعدام وجود مستشفى خاص بهذه الحالات من الأمراض. تابع الملك الحسن الثاني تجهيز هذا المستشفى المتخصص بل ساهم في اقتناء أحدث التجهيزات للفحص والعلاج. وطيلة عدة سنوات استفاد من هذه المبادرة الملكية آلاف المرضى. ومن أسرار القدر أن الملك الحسن الثاني سيدخل بدوره هذا الطابق وسط أجواء من التوتر والترقب.
وقف ولي العهد، وشقيقه الأمير مولاي رشيد، أمام قاعة الإنعاش. كانا حزينين، غالبت عيونهما الدموع. كان ولي العهد على اتصال دائم بالأطباء يخبرونه بانتظام بالتطورات الطبية والمجهودات المبذولة لمواجهة الأزمة القلبية. كان سيدي محمد يحمل هاتفه النقال ويُجيب على تساؤلات والدته وشقيقاته الأميرات... كان يرد بصوتٍ خافتٍ وهادئٍ ينقل إليهن ما تناهى إلى علمه من معلومات.
شعر الأمير في تلك اللحظة بخطورة الوضع، وعِبء المسؤولية، واستعد فكرياً ونفسيا لمواجهة الموقف بما يتطلبه من حكمة وتبصر. كان على علم، وهو في السادسة والثلاثين من عمره، أنه مؤتمن على مصير عائلة شريفة حاكمة منذ ثلاثة قرون ونصف قرن، بل ها هي الأقدار تختاره ليتحمل مسؤولية استمرار إحدى أقدم الملكيات في العالم، عمَّرت اثني عشر قرناً، من إدريس الأول إلى الحسن الثاني. في هذا الظرف الحرج، كان على الأمير سيدي محمد أن يحمل المشعل ويواصل الطريق.
افتخار ملك
لم يكن الرأي العام المغربي على علم بما يجري في الطابق الرابع من المستشفى، ولا تفاصيل ما جرى ليلة الخميس، ولا اضطرار الأطباء إلى حمل الملك إلى قاعة الإنعاش، لكنه كان على علم أن الملك الحسن الثاني يعاني منذ زمن، وأن مرضه لم يكن سراً داخل أسوار القصر. كان ظهور الملك، في آخر أعياد ميلاده، يوم 9 يوليو، يوحي بأنه مريض، إذ لاحظ المشاهدون، على شاشة التلفزيون، أنه كان شاحب الوجه بطيء الخطى، متثاقلاً في حركته، تقبَّل التهاني من عدد قليل من الرسميين، قبل أن يغادر باحة القصر. كان ولي العهد إلى جانبه يؤازره ويقف إلى جانبه ويأسف لوضعيته الصحية.
ورغم كثرة الشائعات، استبشر المغاربة خيراً عندما تابعوا، ليلة الرابع عشر من يوليو، الاستعراض العسكري للجيش الفرنسي في أرقى شوارع باريس. كان الملك حاضراً إلى جانب الرئيس الفرنسي جاك شيراك. بدا الملك الحسن الثاني، بلباسه التقليدي، سعيداً لمشاهدته الوحدات العسكرية المغربية وهي تفتتح الاستعراض.
لاحظ الناس ابتسامة الملك عندما وقف احتراماً للعلم الوطني وهو يتقدم الجوق النحاسي للحرس الملكي، تتلوه وحدات من القوات المسلحة الملكية. بدا جليا أن الحسن الثاني شعر بالافتخار نظراً لما أبانت عنه الوحدات العسكرية المغربية، وهي تعبر شارع الإليزيه، من انضباط وتنظيم. كما لاحظ المغاربة أنه بمجرد مرور الوحدات المغربية، انحنى الرئيس الفرنسي لتهنئة الملك الحسن الثاني على حضوره شخصياً وعلى سلاسة ودقة مشاركة الطلائع المغربية.
في تلك الليلة كان الشعور العام لدى المغاربة ،هو أن الملك في صحة وعافية رغم مظاهر العياء،معتبرين ذلك نتيجة طبيعية لما تطلبهالسفر والحضور والوقوف لساعتين .