ها نحن نرى رأي العين كيف ينتصر الدم على السيف وكيف أن عدالة قضايا الشعوب المقهورة، على الرغم من اختلال موازين القوى، تستطيع الانتصار على المعتدي المتغطرس
سوف يذكر التاريخ أن شعبا أعزل استطاع أن يقف في وجه امبراطورية تمتلك كل أسلحة الفتك والدمار، تتصدرها آلة الحرب الصهيونية المنفلتة
سوف يذكر التاريخ اصطفاف دول الغرب بعدتها وعددها بلا خجل وراء كيان مغتصب مستهتر بكل القوانين والأعراف
سوف يذكر التاريخُ الصمودَ الاسطوري لجماعة بشرية لا يتجاوز تعدادها مليونين ونصف المليون، تحت سماء رصاصية ملتهبة، يطاردها جيشٌ مسلح بأعتى الأسلحة جوا وبحرا وبرا
سوف يذكر التاريخ أنها ظلت محتجزة خلال مائة يوم وما تزال، تحت وابل القنابل ومجنزرات الاعتداء، محرومة من أبسط شروط البقاء على قيد الحياة
سوف تحتفظ ذاكرة البشرية بأشلاء الرضع واليافعين التائهين وسط الدمار المطل من كل سماء
سوف لن تنسى البشرية جثامين الأطفال الملفوفة على عجل في بياض الأكفان الموشومة بدمائهم الطرية
سوف يذكر التاريخ أن آلة الحرب الجهنمية لا تستطيع شيئا أمام إرادة شعب يريد استرداد أرضه المغتصبة
سوف تحتفظ ذاكرة التاريخ بصور مئات الآلاف من المتظاهرين شرقا وغربا في كل أرجاء الدنيا، تضامنا مع شعب فلسطين
سوف يذكر التاريخ السقطة الأخلاقية للإمبراطورية الغربية بجبن منقطع النظير، أمام حرب إبادة ضد شعب شرد من أرضه وتوزع بين المنافي منذ ما يزيد عن ثلاثة أرباع قرن
سوف يذكر التاريخ بأن هذا الغرب نفسه، وقد ترهلت أوداجه، داس على القيم النبيلة الذي تأسس عليها هو نفسه
سوف يذكر التاريخ أن ضحية الأمس يمكن أن تتحول إلى جلاد اليوم
سوف يذكر التاريخ أن مائة يوم يمكن أن تعلم البشرية ما لا تدركه طيلة أجيال
سوف يذكر التاريخ أن الاقتراب من كيان من هذه الطبيعة لا يمكن أن ينتج عنه إلا المساس بقيم العيش المشترك بين أبناء البشرية
هكذا نتأكد مجددا أن كفاح شعب فلسطين اليوم وقبل اليوم، هو قضية حياة أو موت
تماما كما هو الأمر بالنسبة لكل شعب يسعى لاسترداد أرض مغتصبة أو الدفاع عن وحدته، أكان بمشرق الأرض أو مغربها،
وسوف نذكر نحن، ما دمنا على قيد الحياة، أن إنسانيتنا لا تتحقق إلا بالجهر بهذه الحقيقة البسيطة: لا يمكن لكيان غاصب أن يقف إلى جانب قضية عادلة أبدا...