حول العالم

ما وراء التريث الإيراني في مهاجمة الكيان الصهيوني ؟ حرب نفسية وحسابات الرد


أثار تأخر الرد الإيراني على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، خلال وجوده في طهران في 31 يوليوز الماضي، تساؤلات عديدة حول أسبابه. هل هو أسلوب حرب نفسية تمارسه إيران ضد الاحتلال، أم أن هناك حسابات تتعلق بتجنب هجمات إسرائيلية أمريكية؟



 في ظل التوترات المتزايدة في منطقة الشرق الأوسط، تبرز إيران كقوة رئيسية تعتمد على استراتيجيات غير تقليدية، من بينها الحرب النفسية، كوسيلة فعالة لتحقيق أهدافها السياسية  و العسكرية  ،  هذه الاستراتيجية لا تقتصر فقط على التهديدات العسكرية، بل تتجاوزها إلى زعزعة الاستقرار النفسي والاجتماعي في  تل ابيب  
 
 
 من المؤكد أن حديث عن  الحروب النفسية أمر ليس بالجديد، فقد جاء به الأقدمون من أمثال الباحث الصيني الشهير "صن تزو" في رائعته التاريخية "فن الحرب"، لا سيما حين تحدث عن القدرة على اكتساب المعارك من دون إطلاق النار ومن خلال وسائل أخرى
 
 
مصطلح جديد لاستراتيجية قديمة
فبالرجوع الى الأحداث  علق الكاتب الصحافي الإيراني كيان شريفي الأسبوعين الماضيين، و الذي وصف هجمات إيران على إسرائيل بأنها وشيكة، وتحت تأثير هذه التوقعات، انتشرت تقارير كثيرة يشوبها القلق والخوف على وسائل التواصل الاجتماعي بشأن هجمات إيران وحلفائها، بمن فيهم حزب الله اللبناني، في الساعات المقبلة
ويرى الكاتب "أنهم يستمتعون بهذا الوضع، أي مشاهدة إسرائيل في حالة ترقب وما ينتج عنها من تكاليف اقتصادية ونفسية باهظة"
 
 من جهة أخرى  اعتبر المحللون والخبراء  إيرانيين ،  الفكرة القائلة بأن إيران تؤجل الهجوم لتستغل التبعات النفسية، ما هو إلا ذريعة وليس استراتيجية محسوبة، ويرون أن النقاشات المكثفة والجادة داخل الحكومة الإيرانية بشأن التنسيق مع الوكلاء الإقليميين، والتفكير بالرد المضاد الإسرائيلي الأميركي المحتمل على الهجوم الإيراني وتقدير المخاطر الناجمة عنه يفسر تأخير الهجوم الانتقامي وتردد طهران بهذا الخصوص
 
  في  حين أن التوجه المعاصر في إدارة الحروب يتمثل في أن الدول تعتبر الواجهة الإعلامية أحد الواجهات الرئيسية لممارسة الدعاية و التحريض و التشهير بالإضافة الى أنها أحدث الوسائل لصناعة الرأي العام وتوجيهه للتفكير خارج السرب ،  و بالتالي هناك استثمار كبير للدول  في وسائل التواصل الاجتماعي .  و هذا يؤكد ما تحاول إيران العمل به ، في الأيام الأخيرة، شهدت الساحة السياسية والعسكرية مشهدًا جديدًا من مشاهد الحرب النفسية، حيث شنت إيران هجمات صاروخية على بعض المدن والمنشآت العسكرية في إسرائيل. تندر البعض بأن الصواريخ التي أُسقطت داخل إسرائيل كانت خالية من الشحنات المتفجرة، ما جعل البعض يصف المشهد بأنه أشبه بفيلم هوليوودي أكثر من كونه مواجهة حقيقية بين طهران وتل أبيب
فالحقيقة أن المؤسسة العسكرية الإيرانية استهدفت بدقة مواقع عسكرية حساسة، وأطلقت صواريخها في رسالة واضحة أن القصف في هذه المرة كان اختبارًا للأهداف
 
هذه الأحداث تبرز الحرب النفسية المتصاعدة بين الجانبين، حيث تُستخدم الضربات المتبادلة كأداة لبث الرعب والضغط النفسي، أكثر من كونها عمليات عسكرية تهدف إلى تدمير الأهداف. وفي هذا السياق، يبدو أن كلا الطرفين يسعى لتعزيز موقفه الاستراتيجي، مستغلين الحرب النفسية لتحقيق أهدافهم دون الحاجة إلى الدخول في مواجهة شاملة قد تجر المنطقة إلى صراع أكبر

إن تصاعد  الحرب النفسية يُظهر أن الصراع بين إيران وإسرائيل لم يعد يقتصر على المواجهات التقليدية، بل أصبح يشمل تبادل الرسائل المبنية على التهديدات المحتملة، ما يجعل المنطقة أكثر توترًا واستعدادا لأي تصعيد قد يخرج عن السيطرة.

ولكن يبقى السؤال الأكثر إلحاحا "هل يمكن أن نشهد في المستقبل فصولا أكثر قسوة وأشد تأثيراً في إطار هذه المواجهات الإنسانية؟"
 




الخميس 22 أغسطس/أوت 2024
في نفس الركن