فن وفكر

لحسن احمامة ينقل «شعرية الفضاء» لغاستون باشلار إلى العربية


في خطوة أدبية جريئة، أقدم الكاتب والمترجم المغربي لحسن احمامة على ترجمة أحد أبرز الأعمال الفلسفية الفرنسية إلى اللغة العربية، وهو كتاب «شعرية الفضاء» للفيلسوف والشاعر الفرنسي غاستون باشلار. صدرت الترجمة عن دار تكوين للنشر في سوريا، لتضاف إلى المكتبة العربية عملاً فريداً يجمع بين الفلسفة والشعرية.



غاستون باشلار: فيلسوف بروح شاعر
يُعد غاستون باشلار واحداً من أبرز الفلاسفة الفرنسيين في القرن العشرين، وهو معروف بقدرته الفريدة على المزج بين الفكر الفلسفي والخيال الشعري. ويتميز باشلار بأسلوبه الذي يقترب من الشعراء أكثر من الفلاسفة التقليديين، حيث يقدم أفكاراً فلسفية أصيلة بلغة شاعرية تأسر القارئ وتفتح آفاقاً جديدة للتأمل.

اختيار لحسن احمامة لترجمة هذا الكتاب ينبع من إدراكه العميق لمكانة باشلار في الفكر الفرنسي، إلى جانب الإمكانات الإبداعية التي يتيحها هذا العمل للقارئ العربي. فبينما ركز الباحثون المغاربة على الجانب الإبستيمولوجي في أعمال باشلار، تأتي هذه الترجمة لتسلط الضوء على الجانب الأدبي والشعري من فكره، خاصة في موضوعات مثل الأحلام، واليقظة، والشعرية، والصمت، والفضاء.

«شعرية الفضاء»: فلسفة الخيال الشعري
في كتاب «شعرية الفضاء»، يقدم باشلار رؤية مبتكرة لدراسة الظواهر الشعرية، حيث يقترح منهجاً جديداً يقوم على فينومنولوجيا الصور، بدلاً من التحليل النفسي التقليدي للعناصر. يركز باشلار هنا على ظاهرة الصورة الشعرية كما تنبثق في الوعي الإنساني، باعتبارها نتاجاً مباشراً للروح والقلب والكينونة.

وفقاً للمترجم لحسن احمامة، فإن باشلار يرى أن الصورة الشعرية ليست مجرد انعكاس للماضي، بل هي موجهة نحو المستقبل، حيث تنبثق من القصدية الشعرية وتُختبر من خلال تردد الصدى. في هذا السياق، يصف باشلار القصيدة بأنها تتجاوز حدود الحياة، قادرة على عبور عتبات الموت والمعلوم والمجهول، لتصل برسالتها إلى القارئ، محملة بتجربة شخصية فريدة.

أهمية الترجمة إلى العربية
تأتي ترجمة «شعرية الفضاء» لتسد فجوة كبيرة في المكتبة العربية، حيث تسلط الضوء على جانب أقل استكشافاً في فكر باشلار. فالكتاب يقدم مقاربة جديدة للفلسفة، تجمع بين العمق الفكري والجمال الشعري، بعيداً عن الطابع العلمي الجاف الذي قد ينفر البعض من الفلسفة التقليدية.

يُعتبر هذا العمل إضافة مهمة للقارئ العربي، خاصة لأولئك الذين يسعون إلى استكشاف العلاقة بين الفلسفة والأدب، وإلى فهم أعمق للخيال الشعري كظاهرة إنسانية تتجاوز حدود الزمان والمكان.

بترجمته لكتاب «شعرية الفضاء»، يقدم لحسن احمامة للقارئ العربي فرصة ثمينة للتعرف على أحد أهم أعمال غاستون باشلار، في خطوة تعكس شجاعة فكرية ورؤية ثقافية عميقة. هذا العمل ليس مجرد ترجمة لنص فلسفي، بل هو دعوة لاستكشاف عوالم الشعرية والخيال، والتأمل في مفاهيم جديدة تتجاوز المألوف، مما يجعل هذه الترجمة إضافة نوعية للمشهد الثقافي العربي.

سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الاثنين 24 فبراير 2025
في نفس الركن