صحتنا

كيف يؤثر تأخير الأكل على مشاعر التوتر والقلق؟


يعاني العديد من الأشخاص من تقلبات مفاجئة في مزاجهم دون أن يدركوا السبب، حيث يتحول شعورهم الهادئ إلى قلق وتوتر، وهو ما قد يرجع في كثير من الأحيان إلى الجوع



تؤثر فكرة الجوع على مشاعرنا وسلوكياتنا بشكل كبير دون أن نكون مدركين لذلك. ففي الماضي، كان علماء النفس يعتقدون أن الجوع والعواطف لا يرتبطان ببعضهما البعض، وأن الجوع والمشاعر الجسدية الأخرى هي دوافع فسيولوجية وعصبية مستقلة. لكن الأدلة العلمية الحالية تشير إلى أن هذه الحالات الجسدية يمكن أن تلعب دورًا في تشكيل العواطف وتحديد الحالة النفسية بشكل غير متوقع.
 

تشير الدراسات إلى أن الجوع يمكن أن يؤثر مباشرة على المزاج، حيث ينشط الجسم العديد من الأنظمة مثل الجهاز العصبي اللاإرادي والهرمونات، التي تشارك في الاستجابة العاطفية. على سبيل المثال، يفرز الجسم هرمونات مثل الكورتيزول والأدرينالين عندما نشعر بالجوع، وهي هرمونات ترتبط عادة بالتوتر. لذلك، يمكن أن يؤدي الجوع الشديد إلى زيادة الشعور بالقلق والانزعاج.
 

في علم النفس، توجد نظرية تعرف بنظرية التأثير، التي تفترض أن المزاج يؤثر على طريقة رؤية الشخص للعالم من حوله. وفقًا لهذه النظرية، عندما يكون الشخص جائعًا، قد يرى العالم بشكل أكثر سلبية مقارنة بالشعور بالشبع. كما توجد نظرية أخرى تشير إلى أن الناس قد يصبحون أكثر جوعًا عندما لا يركزون على مشاعرهم الداخلية، بل ينشغلون بالعالم الخارجي.
 

لتوضيح العلاقة بين الجوع والمشاعر السلبية، أجريت عدة دراسات. في إحدى الدراسات، تم عرض صور عاطفية إيجابية وسلبية ومحايدة لمجموعة من الشباب الأمريكيين، بعضهم كان جائعًا والبعض الآخر غير جائع. وتبين أن الأشخاص الجائعين الذين شاهدوا صورًا سلبية كانوا أكثر عرضة لتفسير الصور على أنها مزعجة مقارنة بالأشخاص الذين لم يكونوا جائعين. ولكن لم تكن هناك اختلافات ملحوظة في تقييم الصور الإيجابية أو المحايدة بين الجائعين وغير الجائعين.
 

توضح هذه النتائج أن الجوع لا يؤثر على استجابة الشخص إلا في المواقف السلبية. يشير ذلك إلى أن الجوع يسبب مشاعر غير مريحة، مما قد يؤدي إلى تفسير أي مشاعر سلبية ناتجة عن مواقف خارجية على أنها مرتبطة بالجوع.
 

أظهرت دراسة أخرى كيف يمكن للجوع أن يزيد من ردود الفعل العاطفية السلبية. في هذه الدراسة، تم تقسيم المشاركين إلى مجموعتين؛ واحدة صامتة لأكثر من خمس ساعات قبل التجربة، والأخرى تناولت وجبة كاملة. ثم خضعوا لمهمة متعبة على الكمبيوتر تم تعطيلها عمدًا، ما أدى إلى لوم المشاركين. الأشخاص الجياع الذين لم يركزوا على مشاعرهم قبل المهمة أظهروا مزيدًا من التوتر والانزعاج، مما يشير إلى العلاقة بين الجوع والعواطف السلبية.
 

للتعامل مع هذه التأثيرات، يوصى بعدم السماح للجسم بالوصول إلى مرحلة الجوع الشديد. من الضروري تناول وجبات غذائية متوازنة تحتوي على البروتينات لمنح الجسم الطاقة اللازمة. كما يمكن ضبط منبهات لتذكير الشخص بمواعيد الأكل المنتظمة خلال اليوم، مما يساعد في تجنب الانزعاج الناجم عن الجوع ويعزز التحكم في المشاعر


الجوع، المزاج، القلق، التوتر، علم النفس، العواطف، هرمونات، الكورتيزول


عائشة بوسكين صحافية خريجة المعهد العالي للإعلام… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الثلاثاء 24 دجنبر 2024
في نفس الركن