كتاب الرأي

قصيدة شعرية تحت عنوان: بلا استئذان


بعض من ماهية الشعر

الشعر عالم من المعاني و الصور و الرموز، عالم خارج عنا محيط بنا، هو كائن مكتمل السيمات و الصفات متراكم متنامي منذ البدئ، ينطوي على أسرار الحقيقة المنفلتة و كنه الوجود المبهم الغامض، إنه كائن بذاته مستقل عنا يخترق الإدراك و الأحاسيس في دواخلنا العميقة، يأتينا بعض صداه إلهاما هائما عبر الأثير المنتشر في الفضاء اللامحدود و من خلال مسارات الزمن الكوني الخالدة...




علي تونسي

      و لأن الألسن المتداولة في عالمنا البشري  لا ترقى إلى التعبير عنه و ترجمته بوضوح فإنه يأتينا عبر ما تسمح به ملكات الإبداع من تشكيلات و صور تعمل نسبيا على ملامسة كنهه   و تبسيط إدراك معانيه المستعصية و المنفلتة باستمرار...


 و من تمة فالشاعر هو كل فرد حبته الطبيعة  ملكة إلتقاط إشارات عالم الشعر و القدرة على ترجمتها و نقلها عبر تشكيلات .

   و بما أن تجربة التواصل مع عالم الشعر تقوم على لغة الأحاسيس و المشاعر فإنها تبقى تجربة ذاتية تتميز بخصوصيات 
كل شاعر عن حده، و هذا ما يبرر فعلا ظاهرة تكرار تعدد و تنوع القصائد و الشعراء أحيانا كثيرة حول نفس المواضيع و الصور و المعاني و هو ما يعكس محاولات الإبداع  الحثيثة لفهم و إدراك إشارات و أسرار عوالم الشعر القصية...


 بلا استئذان

هل يبقى في زماننا المديد من سلالة والد و وليد
من يسمع آهات الكون البعيدة تسارع نبض الانبهار و الشعر
تلك أعشاش الطيور صفا صفا
تنشر في الكون سدوم حروفها
هناك مخاضات كون جديد منذ البدء تلازم رغبتها
 تنسل غصبا سبحات العمائم
تنساب مع الوادي أحلام الصبابة                                                             
تذوب جمرات الهوى حبة..حبة.. 
تنهار منهكة جلابيب التراث
تضيق أنفاس الشتات مشرئبة قهرا تركع و مكرا بضعة أرحامها
و حسرات بين ثنايا مشيبة الحب تتلوى حارقة ضامئة



هل يبقى في زماننا المديد من سلالة والد و وليد
من يسمع آهات الكون البعيدة تسارع نبض الانبهار و الشعر
فقط موج الرغبات العطشى منذ سنين                                                      و فقط شمس آصال المغارب الثكلى ..
و أخاديد قمر الليالي الحزين
أنين ناي تتأوهني حينا و حينا وحيدا حزينا تواسيني
أموات في الأرض.. أحياء في السماء
سواحل العمر الباردة.. و شرودي
و أحضان مدائن المشارق الفجعى
كتيه الفيافي رحلات الرمال
أنين ناي تتأوهني حينا و حينا وحيدا حزينا تواسيني



هل يبقي في زماننا المديد من سلالة والد و وليد
من يسمع آهات الكون البعيدة تسارع نبض الانبهار و الشعر
أي حرف ذاك  الذي هوى.. 
ثم هوى..
فهوى مشاعر الفيض بعد أن هوى
يا من طرقت فجأة أبواب الفؤاد
رهيبة العيون الأحوار.. و الأشفار
 تغزوه منذ غابر الماضي بلا استئذان
تسكنه غصبا بلا رفض بلا تنديد


تناجي أشواقا للحياة.. حرقة ضاربة في الأعماق لا تميد
 تغزوه قبل أو بعد البدايات سيان
ثم تسكنه أجفان كحل و أحزان



هل يبقى في زماننا المديد من سلالة والد و وليد
من يسمع آهات الكون البعيدة تسارع نبض الانبهار و الشعر
أيها السائل ما الأخبار فينا
 غربة وسط الأهل تلفحنا


أيها الراجي لقاء يجمعنا من بعد جفاء بعاد يشفينا
كأن عينيك غيوما و فيض روح.. كصيَُب علها تروينا
ليت يسرع المجيئ مشيبنا
لأحكي ما فعل الشباب فينا
طلعات بحر في مصايفه 
موج فوق أمواج الربى يغرينا .

سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الثلاثاء 2 ماي 2023
في نفس الركن