كتاب الرأي

قراءة في رواية مايا صدى الجبال


​ في اليوم الثامن من فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب، في دورته 28، استضاف فضاء "مجموعة مكتبة المدارس"، في إطار برنامجها القرائي، أمسية قرائية، في رواية "مايا صدى الجبال"، للروائية مليكة رنتان، بعد روايتيها "لبؤة حاحا" و"محاسني والقبة". وبحكم تخصصها في تدريس مادة التاريخ، لم تسلم كتاباتها من البعد التاريخي. كما جاء في تقديم الكاتبة فاطمة ياسين للرواية، بالقول "المتن الروائي في (مايا صدى الجبال) اختار المزج بين الرواية والتاريخ، في مرحلة عصيبة في مغرب السيبة."



تغطية محمد موسي - شبكة القراءة فرع سلا

 القراءة الأولى قدمتها المبدعة الحقوقية راضية العمري، فتوقفت عند ثلاث عتبات في بناء الرواية. وأولها جاذبية العنوان، صوتا ودلالة بما يثير القارئ. فالصوت في "ما" و"يا" توحي بالاستغاثة بالأم. أما دلاليا فيتركب العنوان من شقين "مايا" و"صدى الجبال"، وبينهما علاقة بدل بمبدل منه، في تناغم بين معنى أمازيغي ومبنى عربي. فاسم "مايا" يدل أمازيغيا، على الصدى المتردد في الجبال. أما بناءا فالشق "صدى الجبال" هو بدل من "مايا" المبدل منه. أضف إلى ذلك ما يوحي به الصدى من تردد يحيل على الرفض وفضح الظلم في زمن السيبة، خاصة في أعالي الجبال حيث تتغلغل الهشاشة ويتجبر القواد الظلمة. 

وثانيها عتبة الشخوص، وتمثله "مايا" وأمها "ميرة" التي أرضعت ابنتها البطولة والشجاعة، فلم تستسلما من ظلم القائدين رحو وبطش ابنه شعو، الذي فتك بأبيه، من أجل الظفر بالسلطة ومثل بجثته في منظر رهيب، ليتبين، بوضوح، أن الخير خميرة الأخيار وألا مآل للأشرار غير الشر، طال الزمن أو قصر.
 أما ثالثها فتوقف القارئة عند عتبة الأحداث، وقد تمركزت بين قيمة التعاضد (مايا وميرة) وبين الصراع الفتاك بين القائدين (رحو وبريك) ومن بعده بين (رحو وابنه شعو). لتخلص الرواية إلى نهاية تقليدية، تعلن فيها عن أسر القائد عسو، إيذانا بالخروج من السيبة والدخول في الطمأنينة بزواج البطلة "مايا". وتلك نهاية حرمت القارئ من إمكانية الاهتداء نهاية يراها ممكنة يستمدها من قدرته على التخييل.

الأحداث من كبار القبيلة، قبل أن تعود للمراجع التاريخية، ثم تتفرغ أخيرا لمراحل الكتابة.
                                                                                   

 أما القراءة الثانية فقدمها الأديب والناقد حسن اليملاحي. ففي تشريحه للرواية، توقف عند مستويين:
- مستوى التمثلات، وهي ثلاث، أولها تمثل السرد الروائي للطفولة، بطبيعتها البريئة والتلقائية، وما لاقته من قتل واغتصاب من طرف القائد "شعو" المولع بالصبايا والأطفال، وانفضاحه من طرف "دادة ماماس". وثانيها تمثل المرأة الأمازيغية، في الجبل، وهي بين موقفين، أحدهما سلبي، يتمثل في حصر دورها في الجنس والكد وممارسة العنف. والآخر موقف إيجابي يرفع من شأنها القيمي ودورها الاجتماعي، وهو موقف تتبناه الكاتبة لترسيخ قيمة المرأة في ذهن القارئ. وثالثا، تمثل السلطة المخزنية، عبر ممارسات القواد والباشوات من مدبري الشأن العام.
- استدعاء التاريخ، متمثلا في نموذجين: القائد "شعو" الظالم المستبد، والقائد بادو الفذ، العادل والحكيم. هذا التناقض الصارخ في تدبير الحكم، هو الدليل على تشظي المجتمع المغربي خلال القرن 19.

وفي جوابها عن استفسارين من المتتبعين للقراءة، حددت الكاتبة معنى مصطلح سيبة "كل ما يخرج عن سلطة المخزن، خصوصا في المناطق الجبلية، حيث الهشاشة والمجاعة والأمراض". أما في ردها عن تساؤل حول مكانة الوثيقة في بناء رواياتها ذات الزخم التاريخي، فاعترفت بصعوبة الكتابة التاريخية، وأنها حين تفكر في كتابة رواية، تقوم بداية، بزيارة المنطقة لتستقرئ 




الثلاثاء 13 يونيو/جوان 2023
في نفس الركن