كتاب الرأي

في نعي أمير غزة


هذا المقال هو تعبير عن وجهة نظر في شخص السينوار البطل، ولا يمت بصلة لأي موقف سياسي أو رأي سياسي. هو فقط محاولة لتعبيرعن مشاعر الفقد والحزن على الفراق ورثاء روحه الطاهرة. هي رسالة من القلب ولا تخضع لمنطق العقل أو حساباته، بل تنبع من مشاعر صادقة وخالصة.




صدق الشافعي حين قال:

لا تأسفن على غدر الزمان لطالما
رقصت على جثث الاسود كلاب
لا تحسبن برقصها تعلوا على اسيادها
تبقى الاسود اسود والكلاب كلاب



لا يسع المرئ الا ان يستحضر هذه الكلمات في حضرة موت أحد عظماء الزمان و شرفاء العرب، عريس الشهداء و سيد القادة. كيف لا وهو الذي رغم علو شأنه، و تعاظم سيطه و سلطته، أبى إلا أن يحمل السلاح، و يرتدي البذلة، و يتوشح الكوفية، و يحارب بيده عدوه الذي أفنى حياته في قتاله. 

كيف لا وهو الذي تجرع غدر القريب قبل البعيد، و تحمل قساوة الأسر، ثم مسؤولية الحكم، فهيبة القتال. كيف لا وهو الذي أرعب بقوته و بأسه و عزيمته قلوب الصهاينة بدون كلل ولا ملل، مستمرا على طريق من سبقوه بشجاعة الأساطير و ثبات الأنبياء. 

يضيق صدرنا أمام مصابنا الجلل بفقدان هذا القائد الذي انقرض أمثاله منذ زمن. قائد حظي باحترام العدو قبل الصديق، واستشهد بطلا في زمن أضحت فيه الخيانة وجهة نظر. يضيق صدرنا لرحيل رمز من رموز العزة و الشرف و الشهامة عنا، ولا يواسينا إلا وعد ربنا الصادق "لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون".

نال المجاهد الشهيد اليوم منا ما ناضل لأجله طوال عمره. مات مشتبكا مع العدو الصهيوني الفاشي الغاشم. مات ندا في زمن كثر فيه الأدلاء، مات شامخا في زمن كثر فيه المستسلمون، مات رافعا راية الجهاد في زمن انفض فيه عنها جل الرجال.

لن نعود إلى انجازاته و ما قدمه و فضله على الفلسطينيين والأمة جمعاء، فهي أشياء معروفة، لا ينكرها إلا جاحد. و لن نرجع إلى فظاعة عدوه وعدونا الأرهابي، فهي كذلك أمور سجلها التاريخ و يعرفها القاصي و الداني. ما المراد إلا تكريم ذكرى رجل ليس كمثله أحد من الرجال. مات كما عاش محاربا، ابيا، مغوارا، أسدا.

سينقش إسم الرجل بحروف من ذهب، و ستخلد ذكراه في العقول والأفئدة إلى أبد الآبدين. رحمة الله عليك أيها السنوار. نلت ما تمنيت. طبت حيا وطبت ميتا و طبت يوم يبعثون. فلترقد روحك الطاهرة بسلام في جوار رب طالما تمنيت لقاه.

                                                 مامون أشرقي 
                                             الرباط 17/10/2024

سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الجمعة 18 أكتوبر 2024
في نفس الركن