محمد بشكار
ما الحاجة إلى الثقافة وثمّة بيننا مَنْ ما زال يتساءل هل الأرض كُروية أو مُسطَّحة ، وما لهُ لا ينظر إلى حيث يضع رأسه بين أرْجُل تتلاعب بأفكارها دون هدف ، لِنقُل إنّ مُسدَّس غوبلز قد تطوَّر مع انفجار الثورة التِّكنولوجية بكل أشكال التسلية المُنْكفِئة على هواتفها ، أليس جوزيف غوبلز وزير الإعلام النازي في عهد هتلر من قال العبارة الشهيرة « كُلّما سمعتُ كلمة ثقافة أو ( مثقف ) تحسَّستُ مُسدسي » ، مَنْ ما زال يخْشى الثقافة وهي تُقتَل كل يوم بأسلحة التِّقنية الأشد فتْكاً من كل الأعْيِرة الرصاصية ، وأفْظع مَظْهر أو تَجلٍّ لِجُثَثِها الجريحة ، هو هذا الكم الهائل من الكتب الموؤودة إمَّا في سراديب الخزانات ودور النّشر تأكلها الأرَضَة ، ماذا اٌقول سوى أنَّ الدَّفْن تجاوز الإنسان إلى المعرفة ، وهو في كلتا الحِدادَين إكرامٌ للحيِّ والميِّتْ !
كأنِّي أخشى بشبح هذا التفكير العودة للعصر المامُوثي مُتسائلاً في حيرة ماذا لو فَقَد العالم طاقة الكهرباء ، ماذا لو توقَّف الأنترنيت وضيَّعْنا العلاقة بكل ما يَصِلنا بالعالم، ألنْ يتوقّف أيضاً الإرسال المبثوث من قطَر ، ألنْ نفقد نصف عمرنا ونحن نُفوِّت مباريات المونديال ، يا لَهوْل أن يندثر فجأة ما يجعلنا مُتشابهين كالسِّلع بأثمنة مُحَدَّدة في سوبرماركت العولمة ، ما الحاجة إلى الثقافة ، ما جدوى الكتب بعد أن أصبح الهواء يَصْدُر مُجلَّداً في كُرات تقفز بلاعبها للأعالي ، بل ما الضَّيْر أنْ نَفْقد بموت الثقافة يد الصَّانع التي شلَّت الآلة حركتها الطبيعية ، لِتحُلَّ السُّرعة ووفرة الإنتاج موضع الدِّقة والحِرفيّة والأصالة والإتقان ، وما حاجتي للطَّعْم اللذيذ لخبز ينضُج على مهلٍ فوق نار الحطب ، إذاً كان الفُرْن الكهربائي يُلبِّي حاجيات السُّوق المُتزايِدة ، ويُطْعِم ألف بطن في السَّاعة ، ما حاجة الفتاة الفقيرة أو المَيْسُورة أنْ تمْتثِل لنداءات التقاليد الأُسرِيَّة العريقة وتلْتحِق بدار الصَّنائع ، هل تُذبِّل عينيها في الحياكة والتَّطْريز ، فقط لتُجهِّز فُسْتان الزَّفاف وباقي الأقمشة التي تُرافِق موكب السرير ، بينما أشْهَر علامات الأزياء العالمية ، تكْتسِح سُوق الفرح بوصلات الإشهار التي تُلْهِبُ الأضواء !
لم يَعُد الفرح للأسف يخْضَع لِمنطق الثقافة والذَّوْق الذي يجعل العروسة تحتفل بأجمل أيَّام العمر على طريقتها الخاصة ، بل تشتري في نفس يوم عُرْسها فستان الزفاف جاهزاً كما نَبْتاعُ للميِّت الكفن ، ألَمْ أقُل إنَّ غوبلز لم يَعُد بحاجة لمُسدس كي يقتل الثقافة ، بل إنَّنا فقدنا حتى العاطفة في مهبِّ هذه العاصفة ، وقد لا يَجِدُ الحبيب ورقةً وقلماً كي يبعث أقْصَر رسالة حين يَجِفُّ الصَّبيب !
هل حقّاً ما زال بالإمْكان الحديث عن ثقافة المُجتمع ، عن وسائل تأثير قوية نسْتمدُّها من خصوصِيتنا المُتَوارثة أباً عن جَد ، لا أعرف كيف لهذه الثقافة أن تحتفظ بكل هذا التَّمايُز ، مع اتِّساع رُقعة العولمة وتسليع كل شيء ، ومع تَفشِّي شبكات التواصل الاجتماعي ، ومع انتشار المراكز الثقافية الأجنبية في البلد ، ومع تقديس لغة الآخر المُستعمر وتكْريس نُخْبوِيَّتِها في المنظومة التعليمية ، وكأنَّ العربية لسانٌ أخرس لا يُواكب من حيث النُّطق والتَّعامُل لغة العصر ، لا أعرف كيف أقول أنا ابن بيئتي والمجتمع أصْبح أضْيق من بُحيرة في مُنْتَجع !
ولكنَّني أعْرف جيِّداً أنِّي هنا خارج الطقس ، ما زلْتُ أنتظر أنْ تجود السماء بالمطر ، أحرِّك بالمِغْرفة حساء الثقافة ، بينما وجْبة ألذ لا تصِل لبُطون الجياع، تُطْهَى الآن في قَطَر !
كأنِّي أخشى بشبح هذا التفكير العودة للعصر المامُوثي مُتسائلاً في حيرة ماذا لو فَقَد العالم طاقة الكهرباء ، ماذا لو توقَّف الأنترنيت وضيَّعْنا العلاقة بكل ما يَصِلنا بالعالم، ألنْ يتوقّف أيضاً الإرسال المبثوث من قطَر ، ألنْ نفقد نصف عمرنا ونحن نُفوِّت مباريات المونديال ، يا لَهوْل أن يندثر فجأة ما يجعلنا مُتشابهين كالسِّلع بأثمنة مُحَدَّدة في سوبرماركت العولمة ، ما الحاجة إلى الثقافة ، ما جدوى الكتب بعد أن أصبح الهواء يَصْدُر مُجلَّداً في كُرات تقفز بلاعبها للأعالي ، بل ما الضَّيْر أنْ نَفْقد بموت الثقافة يد الصَّانع التي شلَّت الآلة حركتها الطبيعية ، لِتحُلَّ السُّرعة ووفرة الإنتاج موضع الدِّقة والحِرفيّة والأصالة والإتقان ، وما حاجتي للطَّعْم اللذيذ لخبز ينضُج على مهلٍ فوق نار الحطب ، إذاً كان الفُرْن الكهربائي يُلبِّي حاجيات السُّوق المُتزايِدة ، ويُطْعِم ألف بطن في السَّاعة ، ما حاجة الفتاة الفقيرة أو المَيْسُورة أنْ تمْتثِل لنداءات التقاليد الأُسرِيَّة العريقة وتلْتحِق بدار الصَّنائع ، هل تُذبِّل عينيها في الحياكة والتَّطْريز ، فقط لتُجهِّز فُسْتان الزَّفاف وباقي الأقمشة التي تُرافِق موكب السرير ، بينما أشْهَر علامات الأزياء العالمية ، تكْتسِح سُوق الفرح بوصلات الإشهار التي تُلْهِبُ الأضواء !
لم يَعُد الفرح للأسف يخْضَع لِمنطق الثقافة والذَّوْق الذي يجعل العروسة تحتفل بأجمل أيَّام العمر على طريقتها الخاصة ، بل تشتري في نفس يوم عُرْسها فستان الزفاف جاهزاً كما نَبْتاعُ للميِّت الكفن ، ألَمْ أقُل إنَّ غوبلز لم يَعُد بحاجة لمُسدس كي يقتل الثقافة ، بل إنَّنا فقدنا حتى العاطفة في مهبِّ هذه العاصفة ، وقد لا يَجِدُ الحبيب ورقةً وقلماً كي يبعث أقْصَر رسالة حين يَجِفُّ الصَّبيب !
هل حقّاً ما زال بالإمْكان الحديث عن ثقافة المُجتمع ، عن وسائل تأثير قوية نسْتمدُّها من خصوصِيتنا المُتَوارثة أباً عن جَد ، لا أعرف كيف لهذه الثقافة أن تحتفظ بكل هذا التَّمايُز ، مع اتِّساع رُقعة العولمة وتسليع كل شيء ، ومع تَفشِّي شبكات التواصل الاجتماعي ، ومع انتشار المراكز الثقافية الأجنبية في البلد ، ومع تقديس لغة الآخر المُستعمر وتكْريس نُخْبوِيَّتِها في المنظومة التعليمية ، وكأنَّ العربية لسانٌ أخرس لا يُواكب من حيث النُّطق والتَّعامُل لغة العصر ، لا أعرف كيف أقول أنا ابن بيئتي والمجتمع أصْبح أضْيق من بُحيرة في مُنْتَجع !
ولكنَّني أعْرف جيِّداً أنِّي هنا خارج الطقس ، ما زلْتُ أنتظر أنْ تجود السماء بالمطر ، أحرِّك بالمِغْرفة حساء الثقافة ، بينما وجْبة ألذ لا تصِل لبُطون الجياع، تُطْهَى الآن في قَطَر !