كتاب الرأي

فرحة العيد و الوعي و هموم الإصلاح


أولا - نافذة على الموضوع :

. في إطار مقاربة سوسيولوجية للديموقراطية بين النظرية و التطبيق و علاقة التشريع بالواقع المعيش الذي يشهد مناطق عتمة لم تعرف نور القوانين بعد و لم تقربها بثاثا مشاريع تنمية، سيكون إعمالا لضرورة البحث و التقصي الاستعانة بمنهج المقارنة الموضوعية لكثير من المفارقات والتناقضات الظاهرة منها للعيان بين المجتمعات و البلدان في السلوكات (الثقافية، التربوية، التعليمية، الاقتصادية، الاجتماعية، الأمنية،...) باختلاف مستويات غناها و فقرها او تقدمها و تخلفها و التي تحيلنا علي مثيلاتها الخفية في كهوف النفس البشرية و دهاليز خلفيات الأفكار المستنسخة و الأحكام الجاهزة و التبعية المفرطة حد فقدان البصمات المميزة لهوية الأفراد و ألمجتمعات؛ نستنتج أن معظم الناس أصبحوا مجرد نسخ لبعضهم البعض يسيرون في الشارع العام كالأشباح و الظلال بلا ألوان، فتزداد (نسخا عن نسخ) أجيالا من الرداءة الا قليل القليل من حظي بحصانة أو نباهة و أتى الله بقلب سليم ...



علي تونسي : باحث في سوسولوجيا المعرفة

ثانيا - أية فرحة عيد:
 يتاكد لنا بعد مرور الأيام ان فرحة العيد و طقوسه تنمو فينا و تكبر معنا و يكتمل هرم بنائها في شبابنا و رشدنا ثم لا تلبث ان تبدء في الكبوت و التهاوي بزوال اكبر اعمدتها ( اعضاء الاسرة، العشيرة، الواحد تلو الاخر يتوفاهم الله لاسباب غالبا ما تكون الشيخوخة و المرض او الحوادث و النكبات...) فتتبدل فرحة العيد و يشوبها حزن الحسرة على من فقدناهم للأبد و غادرونا الى دار البقاء في انتظار نعمة النسيان شيئا فشيئا... ثم تتوالى الأعوام و يعود العيد مرات مع فرحة الاطفال تنموا من جديد كعوالم او انجم جديدة جيلا بعد جيل...



ثالثا - العيد و هموم الإصلاح :

 الكل ينادي بالإصلاح.. الكل يستنكر الفساد المستشري.. الكل ينتقد المسؤولين ( وزراء، برلمانيين، مستشارين، رجال سلطة  و أعوان، إداريين، موظفين عموميين و خواص، رجال أعمال، تجار، مسؤولي شركات و مقاولات، منعشين عقاريين، صناع،  فلاحين، رجال تعليم، أطباء، مهندسين، حرفيين، عمال موقف، مياومين، خضارة، فراشة، كتاب و شعراء و أدباء و فنانون و اشماكرية و مشرملين و دجالين و مشعودين و ناخبين و منتخبين و عمال النظافة و جامعي القمامة و بائعي المأكولات السريعة و البطيئة و طلاب امعاشو و أرباب المقاهي و نوادلها و أرباب الفنادق و مضيفيها و قطط الشوارع و كلابها الضالة و جرذانها و قنوات الصرف الصحي المهترئة و الطرقات المحفرة و سائقي الحافلات المعفية من المراقبة و الطاكسيات المتسيبة التي لا تصل قرون الجبال و تتحاشى هوامش المدن حيث تنعدم أدنى شروط السلامة  (الداخلها مفقود و الخارج منها مولود...) و المتسولين و المطر يتساقط كما يحلو له يفضل جهات عن أخرى حيث العطش و السدود مترافقين و ضيعات تستهلك المياه بلا حسيب و لا رقيب تصدر منتجاتها مقابل عملة لا تغني المجتمع من التخلف و الفقر و المرض... و منتجات باطن الأرض و أعالي البحار و سلاسل الفنادق الفخمة و المنتجعات و الأراضي السلالية و أراضي الجموع و مدن الصفيح و الأحياء العشوائية و الإقامات الفخمة... و الإنعاش العقاري الذي دخل غرفة الإنعاش لفائدة المحتكرين و المضاربين...



و الأحزاب و المؤسسات ( الحكومة و البرلمان و مجلس المستشارين و الإدارات و السلطات العمومية و الجماعات المحلية و القضاء و الأمن و الإعلام الرسمي و الخصوصي... ) و الثروات السائبة و غياب الظبط أو تغييبه عن سبق إصرار و ترصد و تهرب ضريبي و اختلاس و نهب و تبديد المال العمومي و تهريب الأموال و تبييضها. و الخلط بين المالية العمومية و اللا عمومية و كثرة المتدخلين و الفاعلين و غياب التنسيق و الحكامة.... و هيئات عمومية بعضها إن لم يكن جلها يثقل فقط كاهل المالية العمومية بمزانيات تسيير ضخمة من دون نتائج ملموسة إلا إساهمها في شل دينامية التنمية.
كل ذلك كان وبالا و كل أولائك كان مسؤولا .



من أين نبدء الاصلاح و قد أصابت الهشاشة كل البنيات تقريبا ؟ و ما السبيل إلى اصلاح شامل دون مضاعفات سياسية و إجتماعية و اقتصادية و دون مضيعة للوقت و الجهد و المال و دون تضحية بالأجيال في محيط جهوي و عالمي محفوف بالمخاطر كالرمال المتحركة...


أرى أن الإصلاح ينبغي أن ينطلق من أوراش تأمل و تفكير  يساهم فيها الفاعلون السياسيون و الإقثصاديون و الاجتماعيون و المجتمع المدني و المؤسسات الجامعية و الإدارية و المنتخبون. و المثقفون... أوراش متنوعة حسب مجالات التدخل على أساس لانطلاق من الحكامة و الرجوع إليها. و اقتراح مشروع مجتعي يقوم على الشفافية و خدمة المواطن ( كرامته، سعادته، أمنه و سلامته و ضمان حقوقه و توزيع عادل للثروة المادية و الثقافية و الفكرية... )


إصلاح يقوم بالدرجة الأولى على تشريعات إجرائية و قطاعية  تسمح بتنزيل القوانين على أرض الواقع المعيش و تطبيقها باعتماد الرقمنة و تعميمها على جميع المعاملات الإدارية و الفكرية و المادية و اللامادية لضمان الشفافية بإنكار قدر ممكن.
كما ينبغي بل يجب في نفس السياق التركيز على إصلاح التعليم أولا...


فعلى المدرسة في عصرنا الحالي أن تغير من أدوارها القديمة، المتمثلة في كونها مصدر وحيد و نادر للمعلومة متمثلة في شيخ يتجمع حوله طلبة في حلقة درس بالمسجد، أو أستاذ بمؤسسة تعليمية، مما  نشأت معه ظاهرة الزعيم السياسي الذي تتحولق الجماهير في انتظاره باعتباره رائد المعلومة و صانع الحدث. غير أنه مع التطور التكنولوجي و اندلاع الفورة المعلوماتية عن طريق وسائل الاتصال الإلكترونية و وسائطها  الاجتماعية، عجلت بغياب الزعيم و لم يعد مصدر المعلومة وحيدا و نادرا  و بالتالي فقد ضعف معه دور المدرسة و الأسرة و مؤسسة الزعيم و المعلم و الأستاذ فعلى المدرسة إذن لتواكب عصر القيم الجديدة ، بأن تتخلى نسبيا عن دور إعطاء المعلومة. و تروم بنفسها الى القيام بأدوار التنسيق و التوجيه و مناهج البحث و التحليل و استشراف المستقبل ...

رابعا- زفرات شعرية:
                              
اخطأ الوعي موعدي و إنقادي
و حبي .. 
و ما تبقى من جَلدي
اجيالا أجتر مسوخ أوهامي 
و جاهليتي جمر يلهبني
يخبو فيض حماستي و أحلامي 
يضيع أملي
 و كدٌ أزماني 
لم تنتهي يوما رداءة نسخي
إلا مسخا أنكى عماها من الدجل
فمتى أنهي أصلا فقط متخيل
مسوخ ماضيه أثقلت خطواتي
أوهام مقدسة تشلني
تبٌاً غوايتي.. 
أشباحي.. 
و ضلالتي..
متى أستعيد كنهي.. أصل عافيتي
 لأحيى كينون فطرتي
 سلامتي
و أحيى حريتي..
 أنايا..
و غداتي
 

سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الخميس 8 يونيو/جوان 2023
في نفس الركن