صالح البشير
اختارت فضاء شائكا، معبر زوج بغال، معبر لا تزينه الزهور، لكن تبلّله الدموع، وتحرسه نظرات الأمل. معبر... تسير فيه خطى "زوج أبطال"، لا ليكملا الحكاية، بل ليكتباها معًا من البداية... من أول الجراح حتى آخر الضوء.
بأسلوب عذب، وسردٍ أنيق، تأخذنا عبير عزيم في رحلة داخل النفس البشرية، حيث تتقاطع العواطف بالقرارات، وتشتبك المشاعر بمفترقات المصير.
"معبر زوج أبطال" ليست مجرد رواية... هي مرآة لكل من مرّ من ضيق الحب إلى سَعته، ومن شقوق الحياة إلى رتق الأمل. حيث تفاجئنا عبير عزيم، أصغر روائية عربية بنص روائي موسوم بعنوان دال "معبر زوج أبطال"، قطعة فنية نابضة بالروح، تنسج الواقع بالحلم، وتعيد تشكيل الذاكرة المشتركة بين المغرب والجزائر في مشهد شاعري أخّاذ، وبناء سردي محكم، لغة شاعرية، ورسالة إنسانية عميقة، رواية تحفر في جوهر الهوية، الوحدة، والانتماء ما وراء السياسة والحدود.
تُنسَج الحكاية بخيوط من وجعٍ ناعم، وحنينٍ صامت، وقرارات تشبه الطرق المزدحمة حين لا مفر من العبور.
يوسف وهدى بطلان على خطوط الخنادق والحواجز والأسلاك الشائكة، كانا كأنهما وميض في ليلين متجاورين، لا يلتقيان إلا حين تشهق السماء بنجمة. يوسف صحافي مغربي، يخط رسائل تشبه خيوط الضوء، ويبعث بها إلى الفراغ، كأنّه ينفخ روحه في قارورة ويرميها في بحر العزلة. وهُدى من الجزائر، تلتقطها دون أن تدري، وتسمع في ثناياها صوتًا يشبهها، صوتًا ظلّ يترنح داخلها دون اسم.
لم يكونا عاشقين، بل نبوءةً تأخّرت عن موعدها. عابران في ذاكرة مشتركة، يتعثران بخيبات السياسة، ويبحثان عن ظلّ إنساني في شمس التاريخ الحارقة. جمعتهما الصدفة، أو لعلهما التقيا من قبل، في حلمٍ نسيه الزمان، أو في ساحة قديمة صرخ فيها العلم المغربي إلى جوار نظيره الجزائري، قبل أن يُسكتوهما معًا.
بدأ كل شيء برسالة. لم تكن طويلة، كانت فقط تقول: "هل تظن أن الكلمات قادرة على هدم جدار؟" ومن تلك الجملة، بدأ الحفر. حفرٌ بأظافر القلب، لا بالمطارق. أسّسا "خاوة"، مشروعًا رقميًا لا يُشبه الحملات الإلكترونية العابرة، بل أقرب إلى طوفٍ صغير في محيطٍ من النسيان.. جمّعا الشهادات، الأغاني المنسية، صور الجدّات، وقصاصات الصحف القديمة التي ما زالت تحمل أحبارًا من زمن الحلم. وبدأ الناس ينضمون إليهما، لا كأتباع، بل كمن يستفيق من سبات طويل.
كانا يقولان: "نحن لسنا صدى. نحن الصوت."
عابرا الحدود لم يكن طريقًا معبّدًا، بل شوكًا يستدعي الألم ليتحوّل إلى وعي. حين قرّرا اللقاء في "زوج بغال"، لم يذهبا فقط ليمسكا بأيدي بعضهما، بل ليكشِفا إن كان الأمل ما يزال يتنفس في ثنايا الإسمنت. جلسا قرب الجدار، ظهراهما لظهره، كأنهما يعيدان خلق المعنى: "نحن وجهٌ واحد، قُسم نصفين."
لم يكن أحد قد سمع عنهما في البداية، ثم صار اسمهما على شفاه الجميع. لم يطلبا مجدًا، فقط أرادا أن يُنقذا ذاك الطفل الصغير الذي يسكن في كل واحدٍ منا، ذاك الذي بكى حين رأى الحدود، وفهم، رغم براءته، أن الحبّ يمكن أن يُسجن خلف شريط شائك.
"خاوة، خاوة" لم تكن مشروعًا، كانت شفاءً. كانت "هدى ويوسف" قصيدة، كُتبت من دمعتين وابتسامة. لم يغيّرا العالم، لكنهما أعادا للقلوب ثقتها بأن التغيير ممكن حين نبدأ بـ"رسالة"، لا بندقية.
حين نبدأ بكلمة: " أنا معك".
بأسلوب عذب، وسردٍ أنيق، تأخذنا عبير عزيم في رحلة داخل النفس البشرية، حيث تتقاطع العواطف بالقرارات، وتشتبك المشاعر بمفترقات المصير.
"معبر زوج أبطال" ليست مجرد رواية... هي مرآة لكل من مرّ من ضيق الحب إلى سَعته، ومن شقوق الحياة إلى رتق الأمل. حيث تفاجئنا عبير عزيم، أصغر روائية عربية بنص روائي موسوم بعنوان دال "معبر زوج أبطال"، قطعة فنية نابضة بالروح، تنسج الواقع بالحلم، وتعيد تشكيل الذاكرة المشتركة بين المغرب والجزائر في مشهد شاعري أخّاذ، وبناء سردي محكم، لغة شاعرية، ورسالة إنسانية عميقة، رواية تحفر في جوهر الهوية، الوحدة، والانتماء ما وراء السياسة والحدود.
تُنسَج الحكاية بخيوط من وجعٍ ناعم، وحنينٍ صامت، وقرارات تشبه الطرق المزدحمة حين لا مفر من العبور.
يوسف وهدى بطلان على خطوط الخنادق والحواجز والأسلاك الشائكة، كانا كأنهما وميض في ليلين متجاورين، لا يلتقيان إلا حين تشهق السماء بنجمة. يوسف صحافي مغربي، يخط رسائل تشبه خيوط الضوء، ويبعث بها إلى الفراغ، كأنّه ينفخ روحه في قارورة ويرميها في بحر العزلة. وهُدى من الجزائر، تلتقطها دون أن تدري، وتسمع في ثناياها صوتًا يشبهها، صوتًا ظلّ يترنح داخلها دون اسم.
لم يكونا عاشقين، بل نبوءةً تأخّرت عن موعدها. عابران في ذاكرة مشتركة، يتعثران بخيبات السياسة، ويبحثان عن ظلّ إنساني في شمس التاريخ الحارقة. جمعتهما الصدفة، أو لعلهما التقيا من قبل، في حلمٍ نسيه الزمان، أو في ساحة قديمة صرخ فيها العلم المغربي إلى جوار نظيره الجزائري، قبل أن يُسكتوهما معًا.
بدأ كل شيء برسالة. لم تكن طويلة، كانت فقط تقول: "هل تظن أن الكلمات قادرة على هدم جدار؟" ومن تلك الجملة، بدأ الحفر. حفرٌ بأظافر القلب، لا بالمطارق. أسّسا "خاوة"، مشروعًا رقميًا لا يُشبه الحملات الإلكترونية العابرة، بل أقرب إلى طوفٍ صغير في محيطٍ من النسيان.. جمّعا الشهادات، الأغاني المنسية، صور الجدّات، وقصاصات الصحف القديمة التي ما زالت تحمل أحبارًا من زمن الحلم. وبدأ الناس ينضمون إليهما، لا كأتباع، بل كمن يستفيق من سبات طويل.
كانا يقولان: "نحن لسنا صدى. نحن الصوت."
عابرا الحدود لم يكن طريقًا معبّدًا، بل شوكًا يستدعي الألم ليتحوّل إلى وعي. حين قرّرا اللقاء في "زوج بغال"، لم يذهبا فقط ليمسكا بأيدي بعضهما، بل ليكشِفا إن كان الأمل ما يزال يتنفس في ثنايا الإسمنت. جلسا قرب الجدار، ظهراهما لظهره، كأنهما يعيدان خلق المعنى: "نحن وجهٌ واحد، قُسم نصفين."
لم يكن أحد قد سمع عنهما في البداية، ثم صار اسمهما على شفاه الجميع. لم يطلبا مجدًا، فقط أرادا أن يُنقذا ذاك الطفل الصغير الذي يسكن في كل واحدٍ منا، ذاك الذي بكى حين رأى الحدود، وفهم، رغم براءته، أن الحبّ يمكن أن يُسجن خلف شريط شائك.
"خاوة، خاوة" لم تكن مشروعًا، كانت شفاءً. كانت "هدى ويوسف" قصيدة، كُتبت من دمعتين وابتسامة. لم يغيّرا العالم، لكنهما أعادا للقلوب ثقتها بأن التغيير ممكن حين نبدأ بـ"رسالة"، لا بندقية.
حين نبدأ بكلمة: " أنا معك".