بقلم: الدكتور خالد فتحي
كل هذه العوامل تبرز أن المغرب قد أحسن مرة اخرى باحتضانه للمؤتمر الدولي الأول حول هذا الموضوع المهم بمدينة سلا ،فهذا سبق سيسجل له في المنطقتين العربية والإفريقية ، ولربما سيجعل منه مرجعا في هذا الميدان بوسعه أن يغذي برامج وخطط في دول كثيرة ، خصوصا وأن هذه الفعالية الدولية التي تمت تحت الرعاية السامية لجلالة الملك لتعبر أبلغ تعبير عن انخراط المملكة في هذا الورش الوطني البالغ الأهمية ذي البعد والاهتمام الدولي اللافتين .
يتعلق الأمر كما ظهر ذلك جليا من خلال أنشطة المؤتمر بتحول عاجل ينبغي تفعيله داخل كل المجتمعات في النظرة إلى أعمال ذات علاقة بتعهد الآخرين والعناية بهم... أعمال كانت دوما موجودة عبرتاريخ الإنسانية، لكنها ظلت ولازالت تقدم بشكل غير مهيكل ، و غالبا ما تتحمل وزرها النساء دونما أجر و بغير اعتراف حقيقي لهن أحيانا كثيرة بهذا المجهود الجبار . زد على ذلك أن هذه الخدمات لا تخضع لتكوين مهني ييسر أداءها بشكل أنجع، وبالتالي استمر عدم تثمينها التثمين الحقيقي اللائق بها .
مفهوم اقتصاد الرعاية الذي لازال يبحث عن تعريفه الدقيق،و عن تحديد النقطة التي يبدأ منها وتلك التي ينتهي عندها ، وتعيين باقة الخدمات التي تدخل في نطاقه ، هو مفهوم تم سنه أو سكه بالأساس لأجل لفت الانتباه لهذه الاختلالات، و النظر لها بواقعية،وبراجماتية، ثم تصحيحها بغرض جعل هذه الخدمات رافعة أخرى للاقتصاد .
تشير الأرقام إلى أننا سنواجه في المستقبل القريب حاجة ملحة لخدمات الرعاية هاته لدى 2 مليار نسمة من ساكنة العالم . وانها ستتوزع بين الصحة، والتعليم والمعاقين ،والمسنين، والدعم المدرسي و دمج الأشخاص المنعزلين ...الخ . مما سيجعل من توفيرها وتأطيرها تحديا لكل المجتمعات و الاقتصاديات لن تلبث ان تتفاقم حدته يوما بعد يوم جراء استفحال الشيخوخة، و تضافر تداعيات الأزمات الاقتصادية والأمنية والمناخية ،و ذلك كله في سياق يتسم بالتغير الشديد للقيم والسلوكيات .
إنه مؤتمر قد أتى في حينه بالنسبة لنا نحن المغاربة، وخصوصا وأننا سنستقبل إحصاء عاما للسكان من المنتظر أن يمدنا بلوحة حقيقية لحالة المجتمع المغربي.
. واستطيع من الآن أن أتكهن لكم انها ستخبرنا بالنسب وبالأرقام التي لاتكذب،بأن مجتمعنا يشيخ بشكل مهول ،والأسرة تتحطم لأسباب كثيرة ، والبطالة تضرب في اوساط الشباب والنساء،والتضامن يق،و دواعي الفردانيةتتصاعد ... .
هذه المخاطر الجدية تفرض لزاما علينا أن نولي مخططاتنا شطر هذا النوع من الاقتصاد الذي قال عنه الخبراء الذين استضافهم المؤتمر إنه متنفس وأنه يأتي لنجدة الاقتصاد العالمي بعد التباطؤ الذي سببته كورونا أاوكرانيا،من خلال ملايين مناصب العمل التي بمقدوره خلقها ،وتأثيره الإيجابي المفترض على جودة الحياة ،و استقرار الأسر وحمايتها من غائلة التفكك، و كذا رفع إنتاجية المواطنين .فلاتنمية اقتصادية دون تنمية اجتماعية. ولاتنمية اجتماعية دون حماية اجتماعية ودون خدمات واقتصاد رعاية .
المفترض الان ان خبراءنا صاروا مدعويين الآن باشراف من وزارة التضامن والأسرة إلى قياس وحساب حجم هذا الاقتصاد، واستكشاف الإمكانيات الهائلة التي يختزنها من مناصب الشغل، والتي يتعين ان نجعلها مرئية ،وخصوصا وانها تمكين إضافي للنساء اللواتي يفضلن يملن عادة بشكل أكبر لهذه الفئة من الأعمال ،لكنهن سيؤدينها هذه المرة بشكل مؤسساساتي سواء بالقطاع العام أو الخاص مما سيضمن لهن بالخصوص ذاك المدخول وتلك الكرامة التي يجب أن تتوفر لهذا النوع من العاملين ،ويحارب الفقر في صفوفهن ،ويدجمهن من خلال المساهمات في الحماية الاجتماعية التي ننشدها الآن للجميع .
ولذلك فإن برلماننا مدعو هو أيضا إلى أن لاينتظر مشاريع قوانين من الحكومة، بل أن يبادر ويواكب هذا الورش بتشريعات تؤطر هذه المهن الجديدة التي سترى النور .والتي ينبغي أن يولي خلال إعدادها كل الاعتبار لسياقاتنا الثقافية والاجتماعية . اذ ينبغي ان لايغرب عن بالنا أن هذه المهن تؤدى داخل الأسرة. وبالتالي هي نشاط اقتصادي داخل مؤسسة ذات طابع انساني لها تقاليدها وطبيعتها المركبة.وبالتالي ينبغي أن يكون اقتصاد الرعاية في خدمة هذه المؤسسة لحمايتها وتقديم جرعة الحياة لها لاصلاحها حتى لايتحول بمرور الايام لمجرد عملية بيع للعمل الإنساني تكتسح بها السوق ب "ديناميتها العمياء" تنظيما اجتماعيا حيويا كالاسرة . فاقتصاد الرعاية هو اقتصاد يختلف عن غيره بكونه اقتصادا ينبغي له وجوبا أن يظل مفعما بالانسانية .ومن هنا فانه ينبغي علينا أن نحدد بدقة خريطة مهن الرعاية ،و أن نحدد مايعود للدولة ومايعود للأسر من هذا الاقتصاد ،و ما ينبغي أن ينهض به القطاع العام ومايستحسن تركه للقطاع الخاص ،و بداية وقبل كل شيء ان نعين ماهو طيف الخدمات التي تدخل في دائرة هذا الاقتصاد . الفلسفة واحدة ولكن المقاربات تختلف وتتشابه حسب البيئات التي سيتم فيها ترسيم هذا الاقتصاد الذي نستفيد منه جميعا دون أن نحس منذ لحظة التخصيب في الرحم إلى نهاية العمر .ولذلك علينا ان نهتدي لمقاربتنا و أن نؤسس نمطنا الخاص بنا لاقتصاد الرعاية ،إذ ليس هناك نمط واحد ولاشكل واحد للرعاية ،ولاسياسات عمومية موحدة كما أبرز وزراء الأسرة الحاضرين بالمؤتمر ،فبينما يسعى الغرب إلى الاعتماد أكثر على الروبوتيك لمواجهةندرة مهنيي الرعاية وهجرة الجنوبيين إليه معا،نواجه نحن شح الموارد البشرية الذي يزحف إلينا وندرة الاعتمادات المالية ، وعقليات نمطية لاتستوعب التغيرات الجارية ديمغرافيا وقيميا وتكنولوجيا .
زرع اقتصاد الرعاية يتطلب الاعتراف به أولا ،وهذا يقتضي الخروج به من الهواية والتطوع إلى الاحتراف والمهنية .كما يستدعي منا لصق مبادئه على مبادئ الحماية الاجتماعية كالعمومية والعدالة والمساواة حتى يكون موجها لكل الفئات وبنفس الجودة بحيث لا نتخلى عن أحد ولا نترك رجلا أو امرأة ولا طفلا او شيخا على الهامش .
يجب أن نبدع قانونا إطار لهذا الاقتصاد جاذبا لمن يرون أنفسهم في هذه المهن بحيث نجعل منه دعامة لاقتصادنا ولدولتنا الاجتماعية ينهض بها عاملون وعاملات ممن اختاروا عن حب هذا المجال الذي يتطلب الجدية والخبرة والعاطفة معا .
إننا نتطلع إلى أن يشكل هذا المؤتمر انطلاقة للمغرب لأجل ارساء هذا القطاع بشكل مدمج ومتضامن يعكس التضامن بين فئات واجيال المجتمع،وهذا ما يفرض علينا شحذ قريحتنا التشريعيية والتنظيرية لإبداع أفكار من خارج الصندوق تعبر عن حداثتنا واصالتنا في نفس الآن وعن تماسكنا الاجتماعي ، وفي مثل ذلك فليتنافس المتنافسون .
يتعلق الأمر كما ظهر ذلك جليا من خلال أنشطة المؤتمر بتحول عاجل ينبغي تفعيله داخل كل المجتمعات في النظرة إلى أعمال ذات علاقة بتعهد الآخرين والعناية بهم... أعمال كانت دوما موجودة عبرتاريخ الإنسانية، لكنها ظلت ولازالت تقدم بشكل غير مهيكل ، و غالبا ما تتحمل وزرها النساء دونما أجر و بغير اعتراف حقيقي لهن أحيانا كثيرة بهذا المجهود الجبار . زد على ذلك أن هذه الخدمات لا تخضع لتكوين مهني ييسر أداءها بشكل أنجع، وبالتالي استمر عدم تثمينها التثمين الحقيقي اللائق بها .
مفهوم اقتصاد الرعاية الذي لازال يبحث عن تعريفه الدقيق،و عن تحديد النقطة التي يبدأ منها وتلك التي ينتهي عندها ، وتعيين باقة الخدمات التي تدخل في نطاقه ، هو مفهوم تم سنه أو سكه بالأساس لأجل لفت الانتباه لهذه الاختلالات، و النظر لها بواقعية،وبراجماتية، ثم تصحيحها بغرض جعل هذه الخدمات رافعة أخرى للاقتصاد .
تشير الأرقام إلى أننا سنواجه في المستقبل القريب حاجة ملحة لخدمات الرعاية هاته لدى 2 مليار نسمة من ساكنة العالم . وانها ستتوزع بين الصحة، والتعليم والمعاقين ،والمسنين، والدعم المدرسي و دمج الأشخاص المنعزلين ...الخ . مما سيجعل من توفيرها وتأطيرها تحديا لكل المجتمعات و الاقتصاديات لن تلبث ان تتفاقم حدته يوما بعد يوم جراء استفحال الشيخوخة، و تضافر تداعيات الأزمات الاقتصادية والأمنية والمناخية ،و ذلك كله في سياق يتسم بالتغير الشديد للقيم والسلوكيات .
إنه مؤتمر قد أتى في حينه بالنسبة لنا نحن المغاربة، وخصوصا وأننا سنستقبل إحصاء عاما للسكان من المنتظر أن يمدنا بلوحة حقيقية لحالة المجتمع المغربي.
. واستطيع من الآن أن أتكهن لكم انها ستخبرنا بالنسب وبالأرقام التي لاتكذب،بأن مجتمعنا يشيخ بشكل مهول ،والأسرة تتحطم لأسباب كثيرة ، والبطالة تضرب في اوساط الشباب والنساء،والتضامن يق،و دواعي الفردانيةتتصاعد ... .
هذه المخاطر الجدية تفرض لزاما علينا أن نولي مخططاتنا شطر هذا النوع من الاقتصاد الذي قال عنه الخبراء الذين استضافهم المؤتمر إنه متنفس وأنه يأتي لنجدة الاقتصاد العالمي بعد التباطؤ الذي سببته كورونا أاوكرانيا،من خلال ملايين مناصب العمل التي بمقدوره خلقها ،وتأثيره الإيجابي المفترض على جودة الحياة ،و استقرار الأسر وحمايتها من غائلة التفكك، و كذا رفع إنتاجية المواطنين .فلاتنمية اقتصادية دون تنمية اجتماعية. ولاتنمية اجتماعية دون حماية اجتماعية ودون خدمات واقتصاد رعاية .
المفترض الان ان خبراءنا صاروا مدعويين الآن باشراف من وزارة التضامن والأسرة إلى قياس وحساب حجم هذا الاقتصاد، واستكشاف الإمكانيات الهائلة التي يختزنها من مناصب الشغل، والتي يتعين ان نجعلها مرئية ،وخصوصا وانها تمكين إضافي للنساء اللواتي يفضلن يملن عادة بشكل أكبر لهذه الفئة من الأعمال ،لكنهن سيؤدينها هذه المرة بشكل مؤسساساتي سواء بالقطاع العام أو الخاص مما سيضمن لهن بالخصوص ذاك المدخول وتلك الكرامة التي يجب أن تتوفر لهذا النوع من العاملين ،ويحارب الفقر في صفوفهن ،ويدجمهن من خلال المساهمات في الحماية الاجتماعية التي ننشدها الآن للجميع .
ولذلك فإن برلماننا مدعو هو أيضا إلى أن لاينتظر مشاريع قوانين من الحكومة، بل أن يبادر ويواكب هذا الورش بتشريعات تؤطر هذه المهن الجديدة التي سترى النور .والتي ينبغي أن يولي خلال إعدادها كل الاعتبار لسياقاتنا الثقافية والاجتماعية . اذ ينبغي ان لايغرب عن بالنا أن هذه المهن تؤدى داخل الأسرة. وبالتالي هي نشاط اقتصادي داخل مؤسسة ذات طابع انساني لها تقاليدها وطبيعتها المركبة.وبالتالي ينبغي أن يكون اقتصاد الرعاية في خدمة هذه المؤسسة لحمايتها وتقديم جرعة الحياة لها لاصلاحها حتى لايتحول بمرور الايام لمجرد عملية بيع للعمل الإنساني تكتسح بها السوق ب "ديناميتها العمياء" تنظيما اجتماعيا حيويا كالاسرة . فاقتصاد الرعاية هو اقتصاد يختلف عن غيره بكونه اقتصادا ينبغي له وجوبا أن يظل مفعما بالانسانية .ومن هنا فانه ينبغي علينا أن نحدد بدقة خريطة مهن الرعاية ،و أن نحدد مايعود للدولة ومايعود للأسر من هذا الاقتصاد ،و ما ينبغي أن ينهض به القطاع العام ومايستحسن تركه للقطاع الخاص ،و بداية وقبل كل شيء ان نعين ماهو طيف الخدمات التي تدخل في دائرة هذا الاقتصاد . الفلسفة واحدة ولكن المقاربات تختلف وتتشابه حسب البيئات التي سيتم فيها ترسيم هذا الاقتصاد الذي نستفيد منه جميعا دون أن نحس منذ لحظة التخصيب في الرحم إلى نهاية العمر .ولذلك علينا ان نهتدي لمقاربتنا و أن نؤسس نمطنا الخاص بنا لاقتصاد الرعاية ،إذ ليس هناك نمط واحد ولاشكل واحد للرعاية ،ولاسياسات عمومية موحدة كما أبرز وزراء الأسرة الحاضرين بالمؤتمر ،فبينما يسعى الغرب إلى الاعتماد أكثر على الروبوتيك لمواجهةندرة مهنيي الرعاية وهجرة الجنوبيين إليه معا،نواجه نحن شح الموارد البشرية الذي يزحف إلينا وندرة الاعتمادات المالية ، وعقليات نمطية لاتستوعب التغيرات الجارية ديمغرافيا وقيميا وتكنولوجيا .
زرع اقتصاد الرعاية يتطلب الاعتراف به أولا ،وهذا يقتضي الخروج به من الهواية والتطوع إلى الاحتراف والمهنية .كما يستدعي منا لصق مبادئه على مبادئ الحماية الاجتماعية كالعمومية والعدالة والمساواة حتى يكون موجها لكل الفئات وبنفس الجودة بحيث لا نتخلى عن أحد ولا نترك رجلا أو امرأة ولا طفلا او شيخا على الهامش .
يجب أن نبدع قانونا إطار لهذا الاقتصاد جاذبا لمن يرون أنفسهم في هذه المهن بحيث نجعل منه دعامة لاقتصادنا ولدولتنا الاجتماعية ينهض بها عاملون وعاملات ممن اختاروا عن حب هذا المجال الذي يتطلب الجدية والخبرة والعاطفة معا .
إننا نتطلع إلى أن يشكل هذا المؤتمر انطلاقة للمغرب لأجل ارساء هذا القطاع بشكل مدمج ومتضامن يعكس التضامن بين فئات واجيال المجتمع،وهذا ما يفرض علينا شحذ قريحتنا التشريعيية والتنظيرية لإبداع أفكار من خارج الصندوق تعبر عن حداثتنا واصالتنا في نفس الآن وعن تماسكنا الاجتماعي ، وفي مثل ذلك فليتنافس المتنافسون .