محمد بنعبو
ويشهد المغرب اليوم العديد من الكوارث المناخية في مقدمتها الجفاف والإجهاد المائي والفيضانات وارتفاع درجات الحرارة التي دامت أكثر من أسبوعين وناهزت 48 درجة مائوية في بعض المناطق ، بالإضافة إلى الحرائق التي دمرت ما يقارب 10500 هكتار من الغطاء النباتي خلال الفترة الممتدة بين 13و18 يوليوز 2022 همت عدة جهات من المغرب من بينها وزان ، شفشاون العرائش ، تازة ، تارودانت آسفي2022 هذا في الوقت الذي فقد فيه المغرب العام الماضي حوالي 2782 هكتار غابوي عبر اندلاع 285 حريقا .
ووفقا لتقرير المرصد العالمي للغابات فقد احتل المغرب المرتبة الخامسة عالميا حسب المساحات المفقودة من الغابات حيث تعرضت الغابات في الأسابيع الأربعة من شهر يوليوز 2022 لحرائق عنيفة فقدت فيها الدول التالية : أمريكا ألف هكتار ، إسبانيا 23 ألف هكتار ، فرنسا 21 ألف هكتار ، البرتغال 16 ألف هكتار، المغرب 9 آلاف هكتار ، إيطاليا 2774 هكتارا، كندا 840 هكتارا ، تركيا 756 هكتارا ، بينما هناك 16 دولة في العالم شهدت أيضا حرائق بدرجة شديدة ، لم تعتدها أصلا هذه الدول ، وهي ، غوايانا الفرنسية ومملكة سوازيلاند وأفغانستان والنيجر وتركمانستان وهونغ كونغ ، وجنوب أفريقيا وموريتانيا والنيبال وبوركينا فاسو وطنزانيا ونيجيريا والهند وزيمبابوي والتشيك والكاميرون ، ويذكر أن العقدين الأخيرين كانا الأشد فتكا بالغابات في العالم لمجموعة من الأسباب ، وأهمها العوامل البشرية في توسيع الأنشطة الصناعية والنفطية وقدر الخبراء تلك الخسائر في 117 مليون هكتار من الغابات ، فيما تسببت الحرائق سواء بشكل مباشر أو غير مباشر في ضياع 91 مليون هكتار .
كل هذه الكوارث الطبيعية ليست إلا بداية حقبة لا يبشر مستقبل العيش فيها بخير وفق سيناريوهات هيئة علماء المناخ الأكثر تشاؤما فتقرير المناخ الذي أخردته الهيئة إلى حيز الوجود شهر غشت 2021 لا يحدد لنا أرجح السيناريوهات فهذا ستحدده عوامل من بينها سياسات الحكومات لكنه يوضح الكيفية التي ستؤثر بها الاختيارات الآن في المستقبل ، وفي كل سيناريو من السيناريوهات سيستمر ارتفاع درجات الحرارة بضع عقود على الأقل وسيستمر الارتفاع في مستوى مياه البحار لمئات أو آلاف السنين وستختفي الثلوج البحرية فعليا في الدائرة القطبية الشمالية في واحد على الأقل من فصول الصيف خلال الثلاثين عاما المقبلة لكن مدى سرعة ارتفاع مستوى البحار ومدى خطورة الظواهر الجوية سيتوقف على المسار الذي يختار العالم السير فيه لذلك ، فقد أصبح الإعلان عن حالة الطوارئ المناخية مطلبا أساسيا ، فقد أكد آلاف العلماء أن البشرية تواجه "حالة طوارئ مناخية" ومن بينهم جيمس هانسن ، الباحث في وكالة "ناسا" الذي وضع المشكلة على الأجندة العالمية في عام 1988 ، وكذلك ديفيد كينج ، المستشار العلمي السابق للحكومة البريطانية ، وهانز شيلنهوبر ، المستشار العلمي السابق للحكومة الألمانية .
لماذا إعلان حالة "الطوارئ المناخية"؟
إذا كنا نريد الحفاظ على كوكب الأرض صالحا للحياة ، فسوف يتعين على البشرية اتخاذ إجراءات عاجلة ، لأن الفشل في خفض كمية ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي سيجعل ظواهر مثل الارتفاع غير المعتاد في درجات الحرارة والعواصف وحرائق الغابات وذوبان الجليد في القطب الشمالي وقمم جبال الهيمالايا وسلسلة جبال الألب أحداثا روتينية متكررة ، وقد يجعل جزءا كبيرا من الأرض غير قابل للعيش .
لقد صنف العلماء جائحة "كوفيد-19" بأنها حالة طوارئ ، وقاموا برصد آثارها المدمرة، وكشفوا المعلومات المغلوطة وأخبروا متابعيهم بكيفية حماية أنفسهم ، ونحن بحاجة اليوم إلى القدر نفسه من الالتزام بقضية المناخ ، ونحن ندعو الجميع من كل مكان للانضمام إلينا ، و يجدر التذكير بأن كل ما نطالب به ما هو إلا نداء لتنزيل ترسانة القوانين و التي تنص صراحة على ضمان السلامة المناخية لجميع المواطنين خاصة :
* الفصل 31 من الدستور الذي ينص على : تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية ، على تعبئة كل الوسائل المتاحة ، لتيسير أسباب استفادة المواطنين والمواطنات، على قدم المساواة ، من الحق في ... الحصول على الماء والعيش في بيئة سليمة والتنمية المستدامة" .
*الفصل 40 من الدستور : على الجميع أن يتحمل، بصفة تضامنية، وبشكل يتناسب مع الوسائل التي يتوفرون عليها ، التكاليف التي تتطلبها تنمية البلاد، وكذا تلك الناتجة عن الأعباء الناجمة عن الآفات والكوارث الطبيعية التي تصيب البلاد .
*الفصـل 139 من الدستور : تضع مجالس الجهات، والجماعات الترابية الأخرى ، آليات تشاركية للحوار والتشاور ، لتيسير مساهمة المواطنات والمواطنين والجمعيات في إعداد برامج التنمية وتتبعها ، ويمكن للمواطنات والمواطنين والجمعيات تقديم عرائض ، الهدف منها مطالبة المجلس بإدراج نقطة تدخل في اختصاصه ضمن جدول أعماله .
*المخطط الوطني للمناخ 2030 : الذي يهدف إلى إرساء أسس تنمية منخفضة الكربون ومقاومة لتغير المناخ ويوفر استجابة ملموسة للالتزامات الوطنية والدولية للمغرب ، توازيا مع طموح المملكة للتخفيف من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والنجاح في جهوده للتكيف مع التغيرات المناخية عبر تحقيق 52٪ من الطاقة الكهربائية من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030 ، مع التقليل من استهلاك الطاقة بنسبة 15٪ عبر زيادة حجم تعبئة الموارد المائية ودعم تهيئة الغابات وإعادة التشجير وكذا تحسين تقنيات الري .
*إعلان حالة الطوارئ المائية :
سجلت حقينة السدود خلال شهر يوليوز 2022 أدنى قيمة لها منذ أزيد من أربعين سنة حوالي 28٪ ، في حين وصلت نسبة ملء سد المسيرة 4,92% ، فيما لم تتجاوز نسبة ملء سد بين الويدان 12,21% ، وبلغت نسبة ملء سد أحمد الحنصالي 6,87% ، إذن الحالة الراهنة أصبحت تلزم التعبئة الشاملة والانخراط المسؤول لجميع الفاعلين ، من أجل تنسيق وتضافر الجهود لاتخاذ وتفعيل الإجراءات اللازمة لتدبير عقلاني للموارد المائية ، وترشيد استعمالها ، وضمان التزود بالماء الصالح للشرب لكافة المواطنين .
إذن فبالرغم من اعتماد المغرب نهجا طوعيا ومتكاملا وتشاركيا ومسؤولا في جهود التكيف والتخفيف ، والتي تشكل إحدى الركائز الرئيسية لاستراتيجيتها الوطنية للتنمية المستدامة إدراكا منه لتداعيات تغير المناخ على النظم البيئية والقطاعات الاجتماعية والاقتصادية في السنوات الأخيرة ، حيث انضمت المملكة المغربية إلى الجهود الدولية لمكافحة تغير المناخ من خلال التوقيع في عام 1992 والتصديق في عام 1995 على الإتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ، كما صادق المغرب على بروتوكول كيوتو عام 2002 وعلى اتفاق باريس عام 2016 ، وبالرغم من احتضان المغرب لقمة المناخ COP7 بمراكش عام 2001 ، وقمة المناخ COP22 بمراكش عام 2016 ، بالإضافة إلى أن المغرب احتل المرتبة الرابعة من حيث الأداء المناخي بعد كل من السويد والمملكة المتحدة والدانمارك ، وفقا لتقرير مؤشر الأداء المناخي لعام 2021 إلا أنه بمجرد الاطلاع على التقرير الأخير للهيئة الحكومية الدولية المعنيّة بتغير المناخ تتأكد مخاوفنا .
و لذلك تطالب الجمعية الوطنية مغرب أصدقاء البيئة وحركة الشبيبة من أجل المناخ السلطة التشريعية في المغرب ممثلة في رئيس مجلس النواب بإعلان حالة الطوارئ المناخية و ذلك من خلال :
*الإقرار الرسمي بوجود التغيرات المناخية بالمغرب على غرار الإعلان عن حالة الطوارئ المائية حيث النذرة المائية أصبحت هي السيناريو السائد، وأن الجفاف وحرائق الغابات اجتاحت الالاف من الهكتارات .
*إعداد خارطة طريق بصفة مستعجلة للإسراع بإنجاز المشاريع التي جاء بها البرنامج الوطني للتزويد بالماء الصالح للشرب ومياه السقي2020-2027 ، والتي تروم تنمية العرض المائي ودعم وتنويع مصادر التزويد بالماء ، والاقتصاد في الماء وفي شبكات التوزيع ، وإعادة استعمال المياه العادمة عبر تنويع العرض المائي ومنع سقي المساحات الخضراء وملاعب الكولف انطلاقا من المياه التقليدية الماء الصالح للشرب والمياه السطحية أو الجوفية ، ومنع غسل الشوارع والفضاءات العمومية بالمياه المعالجة ، ومنع جلب المياه غير القانوني من الأثقاب والآبار والعيون ، ومياه قنوات الري ثم منع استعمال الماء لغسل المركبات والآليات .
*إشراك فعاليات المجتمع المدني في كامل مراحل إرساء حالة الطوارئ المناخية من التخطيط إلى التنفيذ وذلك حتى نضمن سرعة ونجاعة تحقيقها .
*تكوين لجنة تحرص على مراقبة تقدم تنفيذ برنامج العمل و تتكون من ممثلين عن الحكومة وخبراء عن كل مجال ذو صلة بالتغيرات المناخية : المياه والغابات ، الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة ، الفلاحة والصيد البحري ، الصحة والحماية الاجتماعية… وممثلين عن المجتمع المدني .
نحن في الجمعية الوطنية مغرب أصدقاء البيئة وحركة الشبيبة من أجل المناخ نعلن حملتنا للمطالبة بالإعلان عن حالة الطوارئ المناخية لذا نلتمس منكم(ن) مساندتنا بإمضاء هذه العريضة .
إمضاؤكم(ن) سيبلغ صوتنا إلى أصحاب القرار و سنشرع بموجب ذلك في مواجهة التغيرات المناخية واستدامة الموارد الطبيعية لصالح الأجيال القادمة .