أولا: كيف يمكن تفسير سلوك الإفراط في الاستهلاك إلى حد التبذير وهدر الطعام في شهر في رمضان؟
الاستهلاك في رمضان يتضاعف، ليس فقط في المجتمع المغربي ، بل مع الأسف في كل الدول العربية الإسلامية ، وفي بعض الأحيان قد يصل الاستهلاك إلى 3 أضعاف الاستهلاك العادي في سائر الأيام ، والأسباب هي متعددة منها ، ما هو اجتماعي وما هو نفسي، طبعا ما هو نفسي واضح ، لأن الإنسان عندما يكون جائعا ويكون أمام المشتهيات واختلافاتها المقدمة في الأسواق والتنافس الذي يكون في تلك اللحظة يدعوا إلى الاستهلاك أو الشراء غير العقلاني ، المبني على الشهوة، وهذا جانب نفسي مفهوم ولهذا كثيرا ما تقدم نصائح أن الإنسان حينما يكون جائعا لا يقدم على الشراء ، لأن في ذلك نوع من الضعف أمام المواد المعروضة .
وسوسيولوجيا ، هذا يكون أكثر تعقيدا من ناحية التفسير، لأننا نعرف بأن رمضان في المفهوم الديني هو عكس المفهوم الاستهلاكي ، الذي أصبحت تعيشه المجتمعات العربية والمغربية، خصوصا أن رمضان جاء بفكرة الإحساس بالجوع والفقر والتعبد، بالإضافة إلى الترفع عن الملذات وتخصيصه للصلاة وقراءة القران وغيرها ، وهي تغذية روحية أكثر من تغذية جسدية، لأن الأصل أن نمنع الجسد من هذه التغذية إلا في ظرف معين والذي حصل أن العكس هو الذي تم بلورته على المستوى الاجتماعي ، بحيث أصبح رمضان كناية على تلك الطاولة المملوءة بما لذى وطاب من “شهوات” ، وهذه العقلية أفرزتها وسائل التواصل الاجتماعي من خلال التباهي بالمأكولات وموائد الإفطار .
وبالتالي تقهقرنا عن المبادئ الأساسية الأولى التي كانت تتمثل في التضامن والترفع عن الملذات إلى التباهي بالطاولة المليئة ، وهو تراجع على مستوى القيم والإحساس الاجتماعي ، لأن رمضان هو صورة تضامنية للمساهمة في الاستقرار والأمن الاجتماعي ، بالإضافة إلى خلق مفهوم التقارب والأخوة والانتماء إلى الوطن والإحساس بالوعي الجمعي ، وكل هذه الأمور تغيب في ظل هذه التصرفات الاستهلاكية المحضة ، التي لا تمت إلى الدين ولا الانتماء الاجتماعي لشهر رمضان بصلة .
المصدر : نقاش21
2- هل تساهم الإعلانات والتسويق التجاري في إذكاء هذا التهافت والإقبال المفرط على الاستهلاك والاقتراض أيضا في هذه المحطة الدينية السنوية؟
3- هل تساهم العادات والتقاليد المغربية في تعزيز إقبال المغاربة على الاستهلاك؟
الطاولة المليئة لها جذور تاريخية عند المغاربة ، فاستقبال الضيوف يكون بمائدة مليئة بجميع أنواع المأكولات لإظهار نوع من الكرم وحسن الاستقبال وليس بدافع التباهي .
وحول رمضان أصبح في المخيلة الشعبية اليوم كناية عن كثرة الاستهلاك ، لأننا أصبحنا نلاحظ النزاعات بين الأزواج في رمضان يكون مدارها هو المائدة ، كأننا أصبحنا نعيش من أجل بطوننا ومن أجل الاستهلاك ، لا أعمم ولكن أصبحت هذه ظواهر تأخذ بعدا يندر بالحيطة والحذر ، لأن رمضان يساعد على الامتناع عن الاستهلاك وأن يكون سلوكنا راشدا ، لكن ما يحصل هو العكس تماما .
وبالتالي هذا السلوك يضعنا أمام سؤال كبير ، هل أصبحنا ضعافا كمجتمع أمام هذه العادات والسلوكيات التي تتكرر في كل موسم رمضان؟