مدخلات و مخرجات

تجفيف نهر اللغة العربية وموعد النماء


أولا: تجفيف نهر اللغة العربية
عن الجريدة الإلكترونية > عدد السبت 24 أغسطس 2019 | 18:02 قرأت للدكتور عبد العلي الودغيري تحليلا لبعض ما جاء به قانون الإطار للتربية و التكوين ( الأسطورة ) أعيد نشره لأهميته فيما يلي:

.



 هذا المسلسل الذي بدأت خطواته الملموسة تظهر قبل سنة 2014 و إن كانت هنالك خطواتٌ أخرى بدأت قبل ذلك بكثير. و ليس من قبيل الصدف أن يأتي تعيين السيد بلمختار وزيرًا للتعليم في المغرب في وقت متزامِن مع تعيين السيدة بنغبريط بالجزائر، وكلاهما معجونان من طينة واحدة، وجيء بهما لغاية واحدة. مع مؤشرات أخرى كثيرة لا مجال للوقوف عندها الآن.

. لقد تم فتح الباب بشكل قانوني أو شبه قانوني أمام استعمال العربية في التعليم العالي منذ صدور الميثاق الوطني للتربية و التكوين ( 1999 ـ 2000 )، الذي جاءت تحت دعامته التاسعة الفقرة 117 وهذا نصها:

. « تُحدِث الجامعاتُ و مؤسسات التعليم العالي بصفة ممنهَجة درسا لاستدراك تعلم اللغات بما فيها العربية مقرونة بوحدات أو مجزوءات علمية و تكنولوجية و ثقافية تستهدف إعطاء تعلّم اللغات طابعه الوظيفي ».

.   فهذه الفقرة كان يمكن استثمارها جيدا و البناءُ عليها لفتح وحدات Modules أو مجزوءات باللغة العربية في التخصصات العلمية و التشجيع عليها و خلق المحفّزات للولوج إليها و التدريس فيها. و لاسيما أن صياغتها كانت أوضح من العبارات الملتبسة الواردة في القانون الإطار. ففي فقرة الميثاق نجد النص صريحا على الأٌقل في إمكانية تدريس وحدات و مجزوءات في المواد العلمية و التقنية بالعربية من بين لغات أخرى، بينما العبارات المستعملة في القانون الجديد لا تفيد هذا بكل صراحة.

.  إذن، هذا الذي جاء به القانون الإطار ليس فتحا مبينا و لا سابقة من سوابق التاريخ، وإنما هو مجرد إعادة صياغة فقرة الميثاق بشكل آخر فيه ما فيه من الالتباس الذي يمكن تحميله أوجهًا مختلفةحسب الظروف و أهواء النفس، فهي لا تنص على المواد العلمية بالتحديد وإنما تترك الأمر مفتوحًا للتأويل. و في مثل هذا الصياغات الملتبسة تكمن الشياطين التي لن تقبل مطلقًا استعمال العربية في تدريس المواد المتعارف على تسميتها بالعلمية. و زيادة على ذلك فإن الصيغة التي جاءت في الفقرتين من القانون الإطار خالية من أي شيء يفيد الإلزام أو الالتزام، و إنما هي كرةٌ ألقيَ بها « في إطار استقلالية الجامعات وحاجاتها في مجال التكوين والبحث حسب الإمكانات المتاحة »!. و هذا ما يسمى في البلاغة القديمة بحسن التخلص.

.  و أما الأهم من كل ما سبق، فهو أن الفقرة الواردة بالميثاق الوطني كانت منسجِمة تمامًا مع سياق تعريب المواد العلمية الساري المفعول منذ بداية الثمانينيات. و كانت بمثابة نافذة صغيرة يمكن توسيعها و تحويلها ـ بجانب إجراءات أخرى ـ إلى باب كبير تدريجيّا للتخلص من التناقض بين تعريب الابتدائي و الثانوي و فرنسة التعليم العالي. و لكن هذه النافذة مع الأسف الشديد لم يهتم بها أحد من كل أولئك الذين تسلَّموا سلطة تدبير التعليم العالي منذ سنوات طويلة و في عهد كل الحكومات السابقة بما فيها حكومة التناوب لليوسفي وحكومة التناوب للفاسي و حكومة ابن كيرن و حكومة العثماني.

.  أما و قد تقرّر اليوم التراجع عن تعريب المواد العلمية بدءًا من مرحلة الروض إلى الدكتوراه، فماذا يفيد فتحُ إمكانية استعمال العربية في تدريس بعض الوحدات العلمية بالتعليم العالي؟ فمن هم الطلاب الذين سوف يُقبلون على متابعة دراستهم بالمعاهد العلمية و التكنولوجيا العليا بالعربية بعد أن يُمضُوا 12 سنة على الأقل من حياتهم في دراسة المواد العلمية كلها بالفرنسية إلى أن يحصلوا على البكالوريا العلمية المفرنَسة؟ فأي ماءٍ سوف يبقى في نهر العربية بعد تجفيف كل المنابع و الروافد التي تصب فيه من الروض إلى البكالوريا؟

أليس من التناقض الفاضح أن يُمنَع الطلاب المعرَّبون من متابعة دراساتهم العليا بالعربية حين كان التعليم الابتدائي و الثانوي معرَّباً والميثاق يسمح بذلك و لو جزئيّا، ثم بعد أن يُفرنَس التعليم بكل مراحله، يقال لحاملي البكالوريا المفرنسة: تعالوا لقد فتحنا لكم نافذة لمتابعة دراساتكم العليا بالعربية؟

.  أليس كل هذا نوعا من المغالطات التي تُستعمَل للاستخفاف بعقول الناس واستبلادهم واستِحمارهم؟ >>
إنتهى تحليل الدكتور عبد العلي الودغيري.

.ثانيا: 
  إليكم فيما يلي تعليقي و تساؤلي الأساسي و المشروع في  الموضوع:
.  <<  هل تم تمرير قانون الإطار للتربية و التكوين و انتهى الأمر؟!!!
.  موضوع مصيري بهذا الحجم  كان يتطلب استفتاء شعبيا.


و طبعا فإن أغلبية الشعب المغربي كان لهم أن يختاروا بكل حرية اللغتين الرسميتين دستوريا العربية و الأمازيغية  مع الانفتاح على اللغات الإجنبية بنسبة لغتين ثانويتين حسب الاختيار معززة بمادة الترجمة والرفع من معاملها في التنقيط في جميع أسلاك التعليم
.  و كان لهم أيضا أن يختاروا تعليما عموميا مجانيا واحدا لكل أبناء المجتمع بدون فئوية أو تشردم طبقي ببرامج و مقررات موحدة للتعليم الأساسي تقوم على ترسيخ قيم المواطنة و الهوية و الانفتاح  و اكتساب المهارات اللغوية و الرياضيات و التقنيات. و بعدها في المرحلة الثانوية و الجامعية تتفرع و تتشعب البرامج و المقررات إلى قنوات التخصصات الانسيابية بين الثانوي الإعدادي و للثانوي و الجامعي بمنهجية البحث العلمي و الإنتاج و الإبداع و الإبتكار...

.  هكذا يربح المجتمع المغربي أجيالا من التماسك الوطني و الهوياتي و قدرتهم على مسايرة البحث العلمي و الإنتاج  متمكنين بلغتهم الوطنية و باللغات الإجنبية التي درسوها بمنهج الترجمة.
،   فيعود للوطن بريق أصالته و هويته التاريخية و بصمته القوية في حاضره و مستقبله... >>

​ثالثا: قصيدتي شعرية تحت عنوان:

 << موعد النماء >>       

كلام بَراء مِراء جِواء كوني
صارم الشعاب جوُ وجدي و فؤادي
كصيب الوجود فكري و نفسي و ضيائي
أزل يمشي بلا فتوري  أو عيائي

فما زالت لم ترى عيناي الكرى
ترعى مجيء حوافر الهوى
ركاب الهودج هياما غراما
بدر غوى غزوا و ليلي مفحما

في حضور خلاني فؤادي و لساني
ثورة الليالي ندمائي و  أشعاري
يا زمان العرب مازلت أرقى كرما
و تينا و زيتونا و شعرا محتكما
لكل الدنى تأتي مواعيد النماء
ما عدا نمائي فحبر على أوراقي
 

بقلم: علي تونسي

سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الأربعاء 4 شتنبر 2024
في نفس الركن