بقلم: الكاتب علي التونسي باحث في سوسيولوجيا المعرفة
فإن كان التبرع (غير المشوب ) من صدقات جارية لفائدة الفقراء و أبنائهم يعتبر عملا صالحا و سموا أخلاقيا بحق و نبلا إنسانيا لا ريب. فشرط وجوبه أن يكون في مجتمع نسبة فقرائه أقلية لا تتعدى في الغالب الأعم خمسة في المائة من مجموع السكان.
أما في مجتمع غالبيته العظمى فقراء. و أجيال من شبابه قد عطلت البطالة المزمنة و الهدر البيداغوجي التعليمي، ... طاقاتهم و قدراتهم الفكرية، إلى درجة أنه لم يعد لمثل هذا التبرع، الذي لا يغطي آلا نزرا ضعيفا من الفقراء بنسبة قليلة جدا، فإنه لم يعد لهذا الإحسان من جدوى للإسهام في تخفيف وطأة الفقر و الحاجة الضاغطة على المجتمع، بل سيزيد بلا شك من تدهور الإرادة الجماعية للتحرر من التخلف و من التقهقر الاقتصادي و الفكري...
المطلوب إذن من النخبة الغنية ماديا و فكريا في إطار الديموقراطية التشاركية القيام بواجبها الوطني بإسهامها جديا في العمل على تثوير مفهوم الصدقة و الإحسان بتأسيس تشريعي للحقوق الاجتماعية و تمكين الفيئات الهشة التي تزداد تفاقما و اتساعا من حظها في فرص الإستفادة من ثروات البلاد حقا قانونيا ( ليس صدقة أو إحسانا). صيانة لكرامة المواطنين ( أفرادا و أسرا و جماعات ) و تقليص أحزمة الفقر و النهوض بالهوامش للحد من قرونة المدن. و تمكين الجميع من الآضطلاع بأدوارهم التشاركية و إسهامهم في تنمية البلاد و ترسيخ شعورهم بالانتماء للوطن...
و عليه فإن أي مشروع للتنمية يجب أن يترجم استراتيجية الدولة الاجتماعية و إرادتها السياسية السيادية المتوسطة و البعيدة المدى الملزمة للحكومات المتعاقبة و التي لا تتغير بتغير الحكومات أو بثقل الضغوطات الخارجية و يمكن تلخيصها في بعض النقط الأساسية كالتالي:
1 - تعليم مغربي عمومي موحد مع الانفتاح على اللغات الحية
2 - تكوين مهني جامعي في مختلف التخصصات التكنولوجية التطبيقية و الفلاحية و الإعلاميات
3 - التركيز في الجانب الاقتصادي و المالي على المقاولات و ربطها بالتعليم و التكوين المهني.
4 - التركيز على البحث العلمي و الاختراع و الرفع من ميزانيته و تعميم الرقمنة على جميع المعاملات المالية و التجارية و الإدارية و الصحية
5 - الاستثمار في الإنعاش العقارى و البنيات التحتية و فك العزلة عن العالم القروي.
6 - تعميم التغطية الصحية و الاجتماعية و المستشفيات الجامعية الإقليمية.
7 - الاستثمار في القطاع الصناعي المغربي و الصناعة التقليدية
8 - الاستثمار في الطاقة المتجددة و النظيفة و الماء الشروب.
8 - دعم البحث عن المعادن و ترشيد استغلالها العمومي
9 - هيكلة الاقتصاد غير المهيكل و مراجعة قانون الضرائب في اتجاه عدالة جبائية واقعية شمولية و القطع نهائيا مع اقتصاد الريع بالعمل على مأسسة جميع أنواع الرخص و تقنينها ( النقل ، الصيد البحري، المقالع، الاحتكارات بكل أنواعها كالشاي و السكر، إلخ...)
10 - مراجعة و ترشيد قانون الإطار الهيكلي لهيآت و مجالس و مكاتب غير حكومية متشابهة الاختصاصات مع وزارات و مؤسسات حكومية تستنزف المالية العمومية بميزانيات تسيير و أجور خيالية بدون قيمة مضافة ملموسة.
11 - إعادة النظر في العمل بعقود التذبير المفوض لفائدة شركات أجنبية في كثير من القطاعات الحيوية للبلاد.
12 - الحسم في الاختيار الديموقراطي بمراجعة و تطوير مدونة الانتخابات و إجراء إصلاحات سياسية واقعية و فعلية..
. فالفعل الإحساني إذن علاقات. و الرضى مشاعر. و ما بين العلاقة و الشعور يشبه ما بين الذاتي و الموضوعي او ما بين المحيط و المركز( النفس/الذات/القلب...)
و شعورنا بالسعادة نراه في ( المرآة/الآخرين ) و نترجمه برضانا على المحيط...
فيبقى الحب في جميع مواضعه و مواصفاته شعورا خارجيا بمثابة جسر يصلنا إلزاما أو إكراها بالمحيط...
و في انتظار أجرأة فعلية و واقعية، نختم الموضوع بالقصيدة الشعرية التالية
حب و حنين
طائر الفؤاد يهوى رونق سماها
أهْلُها جودٌ..
حبٌ..
بسمةٌ..
و ودادُ
عشقي متاحف
و معابد إيطاليا
فيك فرنسا جمالٌ.. نبلٌ.. و أجوادُ
أعشق حدائقها الغناء إسبانيا
ليلها نهارٌ..
و كرمٌ..
و أسيادُ
أهوى تاريخك المثقل فكرا أوروبا
لي فيك الأبناءُ..
و الأحبابُ..
و الأحفاد
. غــيـابٌ و غــيـاب
الـشـمـسُ إن غــابـت أنــارت أقــمـارا
و الــحــب رَبــيــعـا
أيـنـع أزهــارا
فـالــظــلالُ تــغـيـبُ
إنْ غــاب الـضِّــيّـاء
و الـطــيـرُ تـرْحــلُ
و الأســمــاكُ
و الـحــنــيــن
فَــمَـا جــدُوى صــبـري
إنْ صــار حــبــي قــفـارا
قـد يــســمــو الــمـاءُ غـيــمـاً فــيــعـودُ أمــطـارا
أمّـا الــشــدى إنْ عــانــقَ الــنّــســيــم تــلاشــى
و آزار الــكــوُن
إنْ تــلاشــتْ إنـــدثـــرا
. تــمــادى الــحــب
جــنــة الــمــغــارب !
أهــواك يــا وطــنــي
يــهــواك الــقــومُ
و شــعــري
و الــبــدرُ
و الــشــجــرُ
مــن ورود حــلــمــي
تــمــادى حــبــي يـا وطــنـي
هــواك الـفــؤادُ
و الــبــصــائــرُ
و الأبــصــار
بقلم: علي تونسي