كتاب الرأي

بين التصعيد والمناورة : هل تشعل روسيا شرارة حرب عالمية ثالثة ؟


في ظل أجواء متوترة تخيم على المشهد العالمي، أثارت تصريحات فلاديمير بوتين الأخيرة مخاوف كثيرة، حيث لوّح هذا الأخير بإمكانية توجيه ضربات إلى الدول الغربية ردًا على ما وصفه بتجاوزات كييف المدعومة غربيًا. ومع أن هذه التصريحات قد تبدو استعراضًا للقوة، فإن أبعادها تحمل تساؤلات عميقة: هل يقترب العالم من مواجهة كارثية جديدة أم أن موسكو تسعى لتعزيز نفوذها في مفاوضات معقدة؟



في خطاب ألقاه في 21 من نوفمبر الجاري ، صرّح بوتين بأن النزاع الأوكراني بات يشكل "حربًا عالمية قيد التشكل"، معتبرا أن استخدام كييف لصواريخ بعيدة المدى من طراز ATACMS الأمريكية وStorm Shadow البريطانية تجاوزًا خطيرًا، ورغم التحذيرات، وافقت واشنطن على هذه العمليات، مما دفع الكرملين للرد بإطلاق صاروخ "أوريتشنيك" الفرط صوتي، والذي استهدف منشأة عسكرية أوكرانية، وعلى الرغم من استخدام الصاروخ في نسخته غير النووية، إلا أن هذه الخطوة أثارت قلقًا عالميًا متزايدًا.
 

تُظهر التحركات الروسية الأخيرة رغبة واضحة في تعديل قواعد اللعبة الدولية، فتهديد موسكو بضرب المنشآت العسكرية في الدول الغربية يفتح الباب أمام تصعيد غير مسبوق، ويزداد الأمر  أكثرا تعقيدًا مع التصور النووي الروسي الجديد، الذي يتيح لموسكو استخدام الأسلحة النووية ضد دول غير نووية إذا تلقت دعمًا مباشرًا من قوى نووية كبرى، هذا التحول يضع الدول الغربية في اختبار دقيق بين دعم أوكرانيا وتجنب التصعيد مع روسيا.
 

من جهة أخرى، أعطى القرار الأمريكي بالسماح باستخدام صواريخ بعيدة المدى رسالة واضحة عن استمرار الدعم الغربي لكييف، على الرغم من تحذيرات موسكو. وفي الوقت ذاته، يعزز هذا القرار مناصرة كوريا الشمالية لروسيا، حيث أفادت تقارير بأن بيونغ يانغ نشرت قوات لدعم موسكو، هذه الخطوة تعكس اتساع نطاق التحالفات المناهضة للغرب، مما يزيد  من تعقيد الأزمة.
 

تتجه الأنظار أيضًا إلى الساحة السياسية الأمريكية، فعودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض قد تعيد تشكيل سياسات واشنطن الخارجية. ترامب، المعروف بمواقفه الانعزالية، قد يقلص الدعم الأمريكي لأوكرانيا، مما قد يُحدث تحولًا جذريًا في مسار النزاع. إلا أن ذلك لا يقلل من المخاطر الآنية المرتبطة بالتصعيد الروسي. وبينما يرى البعض أن موسكو تسعى لإرهاب الغرب أكثر من إشعال مواجهة فعلية، تبقى احتمالات التصعيد واردة في سياق مليء بالتوترات والخطوات غير المحسوبة.
 

وعلى الرغم من التصعيد، يواصل حلف شمال الأطلسي تأكيد دعمه الثابت لأوكرانيا، مشددًا على أن تهديدات روسيا لن تثنيه عن التزاماته. ومع ذلك، يبقى السؤال الذي يشغل العالم: إلى أي مدى يمكن أن تصل موسكو في سعيها لفرض هيمنتها؟ وفي ظل حالة التوتر الراهنة، يبدو أن الحوار الدبلوماسي يظل الخيار الوحيد لتفادي انفجار الأزمة، التي قد تتحول إلى مواجهة شاملة إذا استمر الوضع في التدهور.

حرر من طرف عدنان بنشقرون 


بوتين، أوكرانيا، الناتو، الحرب العالمية الثالثة


عائشة بوسكين صحافية خريجة المعهد العالي للإعلام… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الأحد 24 نونبر 2024
في نفس الركن