ووفقا للبلاغ ، فإن الفقرة الإشهارية المثيرة للجدل التي بثت على القناة الثانية في الثالث من مارس 2025، لم تكن مجرد تقرير عن إنجازات حكومية، بل احتوت على رسائل دعائية واضحة استهدفت التأثير على الرأي العام، خاصة في أوقات الذروة الإعلامية.
كانت الفقرة الإشهارية تتضمن مشاهد تربط بين استعدادات المغرب لتنظيم كأس العالم 2030 وبرامج حكومية تمس القضايا الاجتماعية والاقتصادية، مثل دعم السكن، التعليم، والدعم الاجتماعي للأسر. هذه الربط المثير للجدل بين الحدث الرياضي والإنجازات الحكومية اعتبرته الأحزاب المعارضة خرقًا فاضحًا للحياد الإعلامي، كما اعتبروا أن هذا الفيديو يهدف إلى الترويج لصورة إيجابية للحكومة قبل الانتخابات المقبلة.
من جانبها، اعتبرت هذه الأحزاب أن الفيديو يتجاوز الحدود القانونية للإشهار، حيث يشير بشكل غير مباشر إلى برامج حكومية في قالب من الإنجازات المتخيلة التي توهم الجمهور بأنها مرتبطة بتحضيرات رياضية.
ووصف حزب التقدم والاشتراكية في شكواه هذا الفيديو بأنه يتضمن “دعاية انتخابية مغطاة” تهدف إلى التأثير على الناخبين في ظل قرب موعد الانتخابات. وأشار الحزب إلى أن القناة الثانية التي تمول من المال العام خرقت بشكل صريح الحياد السياسي، حيث تم عرض هذه الرسائل الدعائية دون الإعلان عنها كإعلانات ممولة، وهو ما يُعد مخالفة صريحة لمقتضيات القانون 77.03 المتعلق بالاتصال السمعي البصري.
حزب العدالة والتنمية، الذي هو الآخر اعترض على ما اعتبره خرقًا للحياد الإعلامي، قال إن القناة الثانية لم تلتزم بالقوانين المتعلقة بالإشهار السياسي، إذ عرضت الفقرة الدعائية تحت عنوان "إنجازات كبرى وطموح أكبر"، دون أن تذكر أنها إعلان مدفوع.
واعتبر الحزب أن القناة استخدمت المحتوى الإخباري بشكل مغلوط، ما يعد تدليسًا على الجمهور. وأوضح الحزب أن ربط الإنجازات الحكومية بالرياضة يُعد خطوة تهدف إلى إخفاء الطابع السياسي للمحتوى الترويجي، الذي يستهدف تحسين صورة الحكومة في نظر المواطنين.
في السياق نفسه، دعت الأحزاب المعارضة إلى ضرورة تدخل المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري (الهاكا) لوضع حد لهذه الممارسات، التي تهدد نزاهة العملية الانتخابية في المغرب. وطالبوا بفتح تحقيق عاجل في محتوى الفيديو المثير للجدل، واتخاذ الإجراءات القانونية ضد القناة الثانية لضمان احترام القوانين المنظمة للإعلام السمعي البصري.
من جهتها، أكدت مصادر حكومية أن الحكومة تتمتع بحقها الكامل في استخدام وسائل الإعلام للتواصل مع الرأي العام. وأوضحت أن القوانين المغربية لا تمنع الحكومة من نشر محتوى تواصلي يتعلق بإنجازاتها وبتوجهاتها السياسية. وأكد المصدر نفسه أنه لا يوجد أي تدخل حكومي في تحديد محتوى البرامج الإعلامية، مشيرًا إلى أن الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري هي الجهة الوحيدة المسؤولة عن التحقيق في أي شكاوى تتعلق بمخالفات إعلامية.
وفي ظل تصاعد الشكاوى من مختلف أحزاب المعارضة، يبقى السؤال مفتوحًا حول كيفية تعامل الهيئات الرقابية مع هذه القضايا في ظل استعداد المغرب لخوض انتخابات مقبلة. هل ستتخذ الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري إجراءات حاسمة لضمان الحياد الإعلامي؟ أم أن الحكومة، في إطار تواصلها مع المواطنين، تتمتع بحق عرض إنجازاتها عبر القنوات العمومية؟