في توطئة الكتاب، يرى صاحب «مذكّرات أعمى» أنّه «على خلاف الأجناس الأدبية الأخرى كالرواية والقصة القصيرة، والمسرح. لم يتم الاهتمام من قبل بموضوع ذي أهمية بالغة في مجال القصة القصيرة جدا، ويتعلق الأمر بدراسة العتبات النصية، أو النصوص الموازية بأنماطها المتعددة ووظائفها المختلفة. نصوص داخلية وخارجية، يلعب فيها الرمز والعلامة دورا بالغا في الكشف عما تتخلله العتبات النصية، وما يتصل بها من دلالات سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، من نصوص بمحيط الكتاب، ومساحاته النصية داخليا وخارجيا» .
وتهدف هذه الدراسة، حسب صاحبها، إلى «الوقوف عند مجموعة من المعطيات، وتقديم بعض الخلاصات التي توصلت إليها بعد مقاربة أربع وأربعين مجموعة قصصية من بينها تسع مجاميع قصصية لكاتبات مغربيات من مختلف الأجيال إبداعيا» .
يُلفت صاحب «دموع فراشة» أنّه في البداية لم يكُن «مركزا على قراءة في تاريخ القصة القصيرة جدا بالمغرب، بقدر ما كان هدفنا هو بسط أرضية نظرية، متبوعة بدراسة تطبيقية لعينة من النماذج القصصية التي قد تساعدنا على الكشف عن إشكال العتبات النصية داخل بنية النص القصصي القصير جدا، كما أن عينات الدراسة تمحورت حول مدة زمنية تقترب من عقدين من الزمن، سيما وأن التحولات التي عرفتها الكتابة القصصية القصيرة جدا بالمغرب، والدراسات التي أفردت للعديد من الأعمال ركزت على بعض الجوانب التنظيرية، وعلى الأسس والمرتكزات البنائية» .
يُضيف: في الوقت الذي اهتم فيه العديد من النقاد بجماليات القصة القصيرة جدا، وتوالت الاصدارات النقدية التي قاربت بعض قضايا القص القصير جدا. لكن دون الالتفات لموضوع العتبات النصية، الذي ارتأينا أن نفرد له حيزا متواضعا من النقاش من خلال هذه الدراسة .
جدير بالذكر أنّ ركاطة، يُعدّ واحداً من الأصوات الأدبيّة التي تكتب في مجالات أدبية متعدّدة مثل القصة والرواية والنقد. ذلك إنّ أعماله غزيرة الإنتاج وغنية من حيث النوعية وتتميّز دائماً بإبدالات هامّة تتأسس على مفهوم التجريب الذي يجعل منه حميد ركاطة خطو منهجية للمارسة الكتابة. وينفرد ركاطة بقُدرة مذهلة على الكتابة بوعي ثقافي عالم، تُظهر إمكاناته على مستوى التحصيل المعرفي وقدرته على التحليل وبناء خطاب نقديّ مُؤثّر .