اقتصاديات

المندوبية السامية للتخطيط : الأداء الاقتصادي مرهون بموسم شتوي جيد


شهدت المؤشرات الاقتصادية المغربية تحولات بارزة خلال الأشهر الأخيرة، حيث ارتبطت ديناميات النمو بمتغيرات مناخية واقتصادية معقدة. وأفادت المندوبية السامية للتخطيط، في تقريرها عن الظرفية الاقتصادية لشهر يناير 2025، بأن الاقتصاد الوطني سجل نموًا بلغ 3% في الفصل الرابع من عام 2024، متراجعًا عن نسبة 4.3% التي تحققت في الفصل السابق، مع توقعات بتحقيق معدل نمو يصل إلى 3.5% في الفصل الأول من العام الحالي إذا تحسنت الظروف المناخية وغابت صدمات تضخمية خارجية



القطاع الفلاحي، الذي يمثل حجر الزاوية للاقتصاد المغربي، لا يزال يلعب دورًا حاسمًا في تحديد معدلات النمو. الفصل الثالث من عام 2024 شهد انتعاشًا اقتصاديًا واضحًا بفضل ارتفاع النشاطات غير الفلاحية بنسبة 5.1%، مدفوعًا بزيادة الطلبين الداخلي والخارجي.الصناعات الرئيسية، كالاستخراجية والكيميائية والإلكترونية وصناعة السيارات والنسيج، سجلت نموًا لافتًا، ما عزز مسار الانتعاش الاقتصادي.
 
الصادرات المغربية واصلت تحقيق قفزات نوعية، حيث ارتفعت بنسبة 9.8% خلال الفصل الثالث مقارنة بـ7.8% في الفصل السابق، بفضل الطلب المتزايد من أسواق أوروبا وآسيا. هذا الزخم الإيجابي ساهم في تعزيز الإنتاج الوطني بعد فترة من التباطؤ، إلا أن تحديات الاستقرار الاقتصادي لا تزال قائمة بفعل العوامل المناخية والتوترات الجيوسياسية.
 
وفيما يتعلق بالربع الأول من عام 2025، توقعت المندوبية استمرار نمو الأنشطة غير الفلاحية بوتيرة معتدلة، بينما يُرتقب أن يشهد الطلب الداخلي تراجعًا طفيفًا، متأثرًا بتباطؤ استثمارات القطاع الخاص بفعل ارتفاع تكاليف الأجور وانخفاض الطلب الخارجي. في المقابل، تواصل استثمارات القطاع العام، لا سيما في البنية التحتية وتحلية المياه، تقديم دفعة إيجابية للنشاط الاقتصادي.
 
على صعيد الأسعار، استقرت معدلات التضخم عند مستويات منخفضة بلغت 0.7% في الفصل الرابع من 2024 مقارنة بـ1.3% في الفصل السابق، مدعومة بانخفاض أسعار المنتجات الطازجة والطاقة عالميًا. أما القطاع المالي، فقد أظهر استقرارًا ملحوظًا، حيث سجل مؤشر “MASI” للأسهم ارتفاعًا بنسبة 22.2% خلال الفصل الرابع، بفضل الأداء الجيد لقطاعات رئيسية كالعقار والصحة والتعدين.
 
رغم هذه المؤشرات الإيجابية، يبقى التحدي الأكبر هو الجفاف المستمر، إذ سجلت نسبة هطول الأمطار انخفاضًا بنسبة 60.6% مقارنة بموسم عادي. استمرار هذه الظروف قد يؤدي إلى تراجع النمو المتوقع بنحو 0.8 نقطة مئوية في الفصل الأول من عام 2025، مما يؤكد الحاجة إلى سياسات فعالة للتعامل مع المتغيرات المناخية.
 
الآفاق الاقتصادية للعام 2025 تبدو مرهونة بقدرة المغرب على التكيف مع التحديات المناخية والاقتصادية الدولية، حيث يظهر الاقتصاد الوطني مرونة نسبية، لكن استدامة النمو تتطلب مزيدًا من الجهود لدعم القطاعات الحيوية وتنويع مصادر الدخل.

الاقتصاد المغربي، النمو الاقتصادي، المندوبية السامية للتخطيط، الظروف المناخية


عائشة بوسكين صحافية خريجة المعهد العالي للإعلام… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الاثنين 13 يناير 2025
في نفس الركن