فن وفكر

الملحون...... الفن الذي يعشقه السلاطين والفقراء على السواء


إليكم الجزء الخامس من ملف الملحون لجريدة odj



محمد بن غانم .....ديوان بن علي المسفيوي المتنقل و حفاظا وخزانا لشعر الملحون

حياة الراحل محمد بن غانم مع فن الملحون؟
 
من مدينة سلا أيضا ، ومع  الفنان والمنشد عبد الهادي بن غانم ، ابن الحاج الراحل محمد بن غانم من قيادمة فن الملحون بمدينة سلا ، ينقل لنا مراحل تولع والده بهذا الفن التراثي االأصيل .


أبي محمد بن غانم زموري الأصل قائد الطائفة العيساوية بمدينة سلا ، وكان حفاظا وخزانا لشعر الملحون ، ومن محاسن الصدف أن والدي كان صديقا للحاج بن المسفيوي بعد رجوعه من تركيا ، حيت كان مجاهدا بمدينة سلا واستقر فيها إلى جانب منزلي أبي ، ولايخفى عن الجميع أن الأستاذ على المسفيوي له مجموعة من القصائد ، والتي تكلفت أكاديمية المملكة بإصدار ديوانه  وأشعاره التي لا تعد ولا تحصى ، وكان الأستاد المسفيوي ينظم القصائد والحاج محمد يحفظ القصائد وسمي أبي بديوان بن على المسفيوي المتنقل ، حيث كان يرافقه في جميع حفلاته الفنية وجميع جلساته الملحونية ، وحفظ جميع قصائده إلى جانب حفظه لقصائد شعراء آخرين ، ولكن جل القصائد التي سجلت في دار الإذاعة والتي كان أبي يحترف في أدائها هي قصائد الشاعر علي المسفيوي ، والجميل في حقبة العشرينيات والثلاثينيات و الأربعينيات هم الشعراء الملحون ، حيث كانت المنافسة بينهم جميلة ونبيلة ، هدفها هو إيصال الملحون إلى أذن المتلقي بطريقة صافية وتكريس هذا التراث الجميل ، ونظم أجمل المعاني وأسمى العبارات في جل قصائده .


وباعتباري أخر عنقود والدي ، كنت دائما أرافقه في المجالس الملحونية التي كانت تسمى آنذاك ب "دارت" كانت تقام كل يوم خميس بأحد المنازل أو الزاويات بمدينة سلا وراء صلاة عشاء مباشرة ، كانت بمثابة تشجيع لحفظ قصائد الملحون بطريقة خفيفة وجميلة ، وكان شرط الجلسة هو أن لا تكرر نفس القصيدة لكي يعم حفظ كل القصائد الملحونية الطويلة منها أو القصيرة .


كان محمد بن غانم قبلة ومرجعا لكل "الحفاظة لملاحنية" حيث كان كل من شك في تفعيلة أو في وزن معين لقصيدة معينة ، كان يرجع إلى الحاج محمد بن غانم ليحسم فيها ، وكان منزلنا يسمى بالزاوية ، حيث كان لا يخلو من المنشدين والموسيقيين الذين كانوا يجتمعون من أجل الحفظ والتدريب ، كان منزلنا بمنزلة معهد الموسيقى الملحونية نشأ فيه وتدرب فيه جل المنشدين السلاويين وحفظوا فن الملحون على يد أبي .


ما هي النزاهة التي ضلت راسخة في ذهن الفنان عبد الهادي بن غانم؟

أتذكر يوم رجوع أبي من الحجة الثانية ، اقام له أصدقائه في منزلنا نزاهة كبيرة جدا ترأسها مجموعة من الشعراء أمثال الشيخ الهاروشي ، التولالي ، بوزوبع ، الحاج محمد بن سعيد ، الحاج بن عيسى الشليوي ، الحاج تهامي فنيش وغيرهم من شعراء الملحون .


كيف تشبع الفنان عبد الهادي بن غانم بفن الملحون؟

كيف لمثل هذا الطفل الصغير الناشئ في هذه الأجواء الروحانية والربانية أن لا يتأثر ولا يتشبع بهذا البحر الزاخر من الشعر والكلام المعسول الذي يتغنى مجمله بالطبيعة والورود .

عشقت فن الملحون وتولعت به من خلال مرافقتي لوالدي ، وعندما مات أبي قررت بمعية أصدقاء أبي "الشيوخ" أن أحمل مشعل أبي وأن أستمر في هذا الفن إلى جانب احترافي فن عيساوة ، الذي أحب غنائه والذي استمريت فيه و أخذت رسالة "تامقدميت"  سنة 1988 في مدينة مكناس ، وهكذا أصبحت منشدا لفن الملحون و"مقدم لفرقة عيساوة" وترأست مجموعة من الطائفات العيساوية مغربية ودولية .  

متابعة : سارة البوفي 

سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الجمعة 30 دجنبر 2022
في نفس الركن