فن وفكر

المقاهي الأدبية...... أماكن للفكر ولإبداع ومتنفس يشحذ همة المفكرين والأدباء


المقهى أنيس المبدع وصديقه المقرب وموطن الصراعات الثقافية



يعتقد بعض الناس أن المقاهي فضاء لإهدار الوقت وملتقى للثرثرة، إلى أي مدى توافقون على ذلك؟


بسبب التجمعات السلبية التي تتكون بالمقاهي، والجلوس لوقت طويل لهدر الوقت يجادل بعض الناس أن ليس كل المقاهي متشابهة، وبالتالي سيكون من الأنسب تقديم خدمة ثقافية مجتمعية معينة للزبائن بالمقاهي بدلا من ذلك.


أوافق على أنه في بعض الحالات قد لا تكون المقاهي فضاء سلبي للثرثرة وشرب القهوة فقط، وإنما قد تشكل الحل الأفضل لخدمة المجتمع والثقافة المغربية والعالمية، حيث أن المقاهي الأدبية تعد وجهة للأدباء والمثقفين ويقصدونها للالتقاء بكبار الكتاب والأدباء المفكرين لخلق جو ثقافي فكري وفني متميز يليق بمستوى المتلقي، وقد ساهمت المقاهي الأدبية في دعم الحركة الثقافية والأدبية، وساعدت في تجاوز عجز المؤسسات الثقافية وتقريب مختلف دروب الآداب والفن والسياسة والثقافة إلى الناس، وساهمت بشكل واضح في توسيع قاعدة الاستهلاك الثقافي والفني عن طريق لقاءات مفكرين وأدباء وفنانين وتنظيم قراءات وتوقيع للكتب الجديدة، فضلا عن إصدار عدة مؤلفات في القصة والرواية، والشعر والزجل، والمسرح والثقافة الشعبية، والنقد الأدبي والموسيقى، والفن التشكيلي والفلسفة، من خلال محاضرات وندوات تارة، وحفلات شعرية وموسيقية تارة أخرى.


ومن خلال استضاف نخبة من المفكرين والمثقفين، والفنانين والإعلاميين، وهذا ما ساهم في تنشيط الحركة الثقافية عبر الزمن ودفع بها قدما، حتى استعادة هذه الحاضرة ما كان لها من توهج وإشراق ثقافي في القديم داخل المقاهي التاريخية القديمة، التي اشتهرت بالفكر والثقافة مثل مقهى "الفيشاوي" في مصر، ومقهى "للونا بارك" في سوريا، مقهى "فرانز كافكا" بتشيك، ومقهى "بتي يونيفر سبيتر" بأروبا، ومقهى "باليما" بالرباط....... وإلى غيره من المقاهي الأدبية التي ساهمت في تطور الآداب والفكر في العالم، وجعلت من المقاهي ملتقى ثقافي للأدباء والمثقفين، ومجال لتبادل الرأي حول السبل القمينة للمساهمة في تحقيق التنمية الثقافية بالعالم.


فالمقاهي الأدبية تتيح للكاتب التلقائية والحرية لعرض عمله لأول مرة أمام الجمهور العادي والمثقف لخلق تفاعل مع المستمع ومع الأدباء والنقاد، وأخذ رأيهم وسماع ردود أفعالهم، الذي قد يشكل منها صورة تجعله يعيد النظر فيما كتبه بالتعديل أو التغيير، وتسعى هذه التجمعات جاهدة على تحبيب الثقافة وترسيخ قيم الاختلاف وقبول رأي الآخر، ونشر ثقافة حسن الإنصات وتعزيز آداب الحوار بين مكونات المشهد الثقافي والتفاعل الأدبي وإخراج الثقافة والآداب من بين جدران المؤسسات الثقافية، ومن دائرة الفضاءات المغلقة وتقريبها للمواطن العادي البسيط، وترويج وتسويق الكتب لتعزيز القراءة، وتغليب الهاجس الثقافي بالمقاهي على الهاجس التجاري، باعتبارها المكان المفضل لتجمع الكتاب والأدباء في جلسات مفيدة لتعرف بعضهم على بعض وتبادل الاختلافات في الرؤى الأدبية والفنية التي تساعد على إثراء الحياة الأدبية والخزانة الثقافية والعلمية بالجديد من الاتجاهات والرؤى. 
 


سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الخميس 13 أكتوبر 2022
في نفس الركن