ويأتي هذا الإصدار استجابة للتحولات العميقة التي يشهدها قطاع التعليم، والتحديات التي تفرضها التطورات المتسارعة، فضلاً عن التوجيهات الملكية الداعية إلى بناء نموذج تعليمي جديد قائم على مبادئ تكافؤ الفرص، والجودة، ودعم الارتقاء الفردي والتنمية المجتمعية.
وترتكز هذه الوثيقة على رؤية استشرافية تهدف إلى بلورة فهم موحد لمفهوم "المدرسة الجديدة"، حيث جاءت ثمرة جهد جماعي أشرفت عليه لجنة متخصصة، مستندة إلى مقاربة شاملة وطموحة شاركت فيها مختلف هيئات المجلس.
وتعتمد الوثيقة على مقاربتين متكاملتين: الأولى تنطلق من أسس الرؤية الاستراتيجية والقانون-الإطار 51.17، لتعميق التصور حول المدرسة الجديدة، فيما تسعى الثانية إلى استشراف التحديات المستقبلية التي تواجه قطاع التعليم.
وتسلط الوثيقة الضوء على الإشكالات الكبرى التي تعيق تحقيق نموذج المدرسة الجديدة، مع اقتراح بدائل جريئة تضمن وضع سياسات تربوية منسجمة وفعالة، سواء على المدى القصير لتحقيق أهداف الرؤية الاستراتيجية 2015-2030، أو عبر استشراف آفاق التطوير بعيدة المدى. كما تهدف إلى إشراك مختلف الفاعلين في القطاع، وتحفيزهم على الانخراط في هذا المسار الإصلاحي.
وتحدد الوثيقة سبعة رهانات رئيسية تشكل الركائز الأساسية لهذا التحول، من أبرزها الحاجة إلى وضع التربية والتكوين ضمن تعاقد مجتمعي جديد يستوعب التحولات الكبرى وتأثيراتها المستقبلية. كما تطرح رؤية جديدة لحكامة المدرسة، بحيث تصبح مؤسسة مستقلة قادرة على التفاعل مع محيطها المحلي، مما يعزز من دورها كمحور للحكامة التربوية المحلية.
وفي هذا السياق، تشدد الوثيقة على ضرورة إعادة تحديد العلاقة بين المؤسسات التعليمية والإدارات المركزية والترابية، بحيث تتحول هذه الأخيرة إلى هياكل دعم وتوجيه بدلاً من التحكم الإداري التقليدي.
كما تتطرق الوثيقة إلى أهمية تحديث النموذج البيداغوجي، بما ينسجم مع التوجهات المجتمعية الكبرى، وذلك من خلال تجاوز الهياكل التقليدية المنغلقة واعتماد نهج تربوي أكثر تكاملًا.
وأخيرًا، تؤكد الوثيقة على أهمية قيادة التغيير عبر رؤية استراتيجية طويلة الأمد تضمن تحقيق تحولات جوهرية ومستدامة في المنظومة التربوية، مع التأكيد على أن هذا التغيير يتطلب نفسًا طويلاً واستمرارية لضمان نجاحه على أرض الواقع.