محمد بشكار
نَحْتاج فقط أن نتجاوز بتغيير العقْلية الكُرة لِيشْمَلَ كلَّ قِطاعات البلد، نحْتاج أنْ يتجاوزَ الحلمُ الكأسَ لِنرْبَح الثِّقة في أنْفُسنا ، أنْ نقْضِي مع أشْبَاح الماضي الذين يقفون حائلاً بيننا وبين الغد ، فرنسا وغيرها من الأذناب الاستعمارية التي تُعَرْقل السَّيْرَ الطّبيعي للمستقبل ، أن لا ننْظُرَ إلى ظلِّنا وهو يتمدَّدُ على جسد الآخر في الأفق ، أنْ نَبْذُرَ في الحلم كلَّ ما أُوتِينا من طاقة نظيفة ، نَبْذُرَ في الحُلْم على طريقة النُّطْفة التي يكْسُوها اللحم ، كلَّ الأعضاء ، ليغدو بأيادٍ وشفتين ونواجِد وأرْجُل تلعب الكرة أو أيَّ شيء آخر تَجُود به الفكرة ، المُهم أن ننهي مع زمن التَّحْقير والدُّونِية المُتَوارثِ أباً عن جد ، والأهَم أن لا نُورِّثه كالأمراض المُتنقِّلة عبر الدم ، أن نَحْرق كتب التاريخ التي تُعمِّقُ في الأنْفُس خِطاب الهاوية ، لِتجْعَل أجيالنا تقفُ عند مناطق الضُّعْف دون تجاوُز ، وكأنَّها تُكرِّسُ الأمس كأقْصى ما يمكن أن تبلُغَهُ امْتداداتُنا في الغد !
لستُ كائنا كُرويّاً ، رُبَّما لأنني شاعر، ومن منَّا ليس بشاعرٍ مع فَرْق أنَّ الأغلبية تكْتفي بالورقة بيضاء ، بينما قِلَّة هُمُ الشعراء الذين يفتضون عُذْرِيَّتها بأحْرُفٍ لم يَعُد يَقْرأُها أحد ، ومع فَرْق أيْضاً أنَّ النَّوادي الشِّعْرية قفرٌ بكراسيها الفارغة ، بينما الأنْدِية الرِّياضِيّة رائجة تُنتج مع الأموال كبار اللاعبين والأبطال ، بَلْ إنَّ هذه الأندية غير الشِّعْرية التي لا تحتاج لوزْنٍ أو قافية ، تجاوزتْ الملعب إلى الشّارع الذي فَقَد الثِّقة في البرْلَمانات والحُكومات وفي كل الألوان السِّياسية ، لِتُصْبح الكُرة مَسْرحاً لإنتاج خطاب سياسي مُغايرٍ يَنْدلِع بفتيل الألْسُن كالشِّعار فِي الهشيم ، ومن يتذكَّر أقوال نيتشه أو غرامشي أو ماركس أو الجابري ، بعد أن سمع مِنْ مُدرِّبٍ في ذِرْوة الحماسة التي أجَّجها المونديال في العروق ، عِبارات بسيطة مثل (تغيير العقلية) ، (النِّية) ، (جْئْنا لنُقاتِل) ، يَا للمفاهيم الجديدة لفلسفة كرة القدم ، ويا لَعناوينها البارزة في الصَّفحات الأولى لأكبر الصُّحف العالمية ، مَنْ يدْرِي لعلَّ الكُرة وهي مُجرَّد مُجلَّدٍ من هواء غيْر مَطْبُوع ، تَنْجح فِي تَنْزِيل نَقْد العقل العربي على أرض الواقع ، ولَقَدْ رَأيْنا شيْئاً مَهِيباً مِنْ عوْدة هذا الوعي ، رأيْنَا كيْف انْدَثَرت الحُدود بين الشُّعوب العربية وهي تُشجِّع بلدا واحداً كأنَّهُ بلدها هو المغرب ، كيف لَمْ تُفارِقْهُ رغْم ذلك المُفترق حيثُ تعثر الحظ، فهلْ تُجمِّعُنا يوما ما الطُّرق !
لستُ كائناً كُروِيّاً ، ولا أحْتمِل جُمْهوراً يُفْرِغُ كل ما بجوفه من غضب أوْ فرحٍ في بُوق يُخرِّبٌ طبْلة أذْني ، كما أنِّي لا أخْتزِن في رئتيَّ ما يَكْفي من الأنفاس لأغُوص في الموج الهادر لِلحَشْد البشري ، ولَكنَّني أسْرعُ من ساعي البريد في استقبال الرسائل غير المُشفَّرة للكرة ، قالتْ مثلاً إنَّ اللعب الحقيقي لم يَكُن على الملعب إنَّما بين السَّاسة بِتبادُل الأوراق تحت الطَّاوِلة ، قالت إنَّ الفيفا تُفضِّل الكأس طريحةَ الصليب ولا يجب أن تُيمِّم شَطْرَ القِبْلَة مع سجْدةِ اللاعبين ، والأدْهى أنَّ الكرة أدهى من أحابيل السياسة الماكرة ، أوَ لَمْ تَرَ كيْف بِجرَّة قَدمٍ قدْ فَسَختْ كُلَّ اتِّفاقيات التَّطْبيع مع إسرائيل حين ارْتَفع عاليا عَلَمُ فلسطين ، حقّاً إنَّ الكرة بما اجْتَرَحَتْهُ من أفاعيل تَسْتحِقُّ قصِيدةً بأجْمَلِ التفاعيل ، ومَنْ منَّا ليس شَاعراً أمَام إغراءِ كلِّ الاستدارات إمَّا غَزلَاً في المرأة أو الكَوْن ، أوَ ليْست الكُرة تَجْري على هيْئة القَمر والشَّمْس وتَسبحُ مع الأفْلاك فِي المَجرَّة !
لستُ كائنا كُرويّاً ، رُبَّما لأنني شاعر، ومن منَّا ليس بشاعرٍ مع فَرْق أنَّ الأغلبية تكْتفي بالورقة بيضاء ، بينما قِلَّة هُمُ الشعراء الذين يفتضون عُذْرِيَّتها بأحْرُفٍ لم يَعُد يَقْرأُها أحد ، ومع فَرْق أيْضاً أنَّ النَّوادي الشِّعْرية قفرٌ بكراسيها الفارغة ، بينما الأنْدِية الرِّياضِيّة رائجة تُنتج مع الأموال كبار اللاعبين والأبطال ، بَلْ إنَّ هذه الأندية غير الشِّعْرية التي لا تحتاج لوزْنٍ أو قافية ، تجاوزتْ الملعب إلى الشّارع الذي فَقَد الثِّقة في البرْلَمانات والحُكومات وفي كل الألوان السِّياسية ، لِتُصْبح الكُرة مَسْرحاً لإنتاج خطاب سياسي مُغايرٍ يَنْدلِع بفتيل الألْسُن كالشِّعار فِي الهشيم ، ومن يتذكَّر أقوال نيتشه أو غرامشي أو ماركس أو الجابري ، بعد أن سمع مِنْ مُدرِّبٍ في ذِرْوة الحماسة التي أجَّجها المونديال في العروق ، عِبارات بسيطة مثل (تغيير العقلية) ، (النِّية) ، (جْئْنا لنُقاتِل) ، يَا للمفاهيم الجديدة لفلسفة كرة القدم ، ويا لَعناوينها البارزة في الصَّفحات الأولى لأكبر الصُّحف العالمية ، مَنْ يدْرِي لعلَّ الكُرة وهي مُجرَّد مُجلَّدٍ من هواء غيْر مَطْبُوع ، تَنْجح فِي تَنْزِيل نَقْد العقل العربي على أرض الواقع ، ولَقَدْ رَأيْنا شيْئاً مَهِيباً مِنْ عوْدة هذا الوعي ، رأيْنَا كيْف انْدَثَرت الحُدود بين الشُّعوب العربية وهي تُشجِّع بلدا واحداً كأنَّهُ بلدها هو المغرب ، كيف لَمْ تُفارِقْهُ رغْم ذلك المُفترق حيثُ تعثر الحظ، فهلْ تُجمِّعُنا يوما ما الطُّرق !
لستُ كائناً كُروِيّاً ، ولا أحْتمِل جُمْهوراً يُفْرِغُ كل ما بجوفه من غضب أوْ فرحٍ في بُوق يُخرِّبٌ طبْلة أذْني ، كما أنِّي لا أخْتزِن في رئتيَّ ما يَكْفي من الأنفاس لأغُوص في الموج الهادر لِلحَشْد البشري ، ولَكنَّني أسْرعُ من ساعي البريد في استقبال الرسائل غير المُشفَّرة للكرة ، قالتْ مثلاً إنَّ اللعب الحقيقي لم يَكُن على الملعب إنَّما بين السَّاسة بِتبادُل الأوراق تحت الطَّاوِلة ، قالت إنَّ الفيفا تُفضِّل الكأس طريحةَ الصليب ولا يجب أن تُيمِّم شَطْرَ القِبْلَة مع سجْدةِ اللاعبين ، والأدْهى أنَّ الكرة أدهى من أحابيل السياسة الماكرة ، أوَ لَمْ تَرَ كيْف بِجرَّة قَدمٍ قدْ فَسَختْ كُلَّ اتِّفاقيات التَّطْبيع مع إسرائيل حين ارْتَفع عاليا عَلَمُ فلسطين ، حقّاً إنَّ الكرة بما اجْتَرَحَتْهُ من أفاعيل تَسْتحِقُّ قصِيدةً بأجْمَلِ التفاعيل ، ومَنْ منَّا ليس شَاعراً أمَام إغراءِ كلِّ الاستدارات إمَّا غَزلَاً في المرأة أو الكَوْن ، أوَ ليْست الكُرة تَجْري على هيْئة القَمر والشَّمْس وتَسبحُ مع الأفْلاك فِي المَجرَّة !