يحدث الآن

الفقر معضلة عامة تعرفها مختلف الجهات والأقاليم بالمملكة المغربية رغم اختلاف النسب


على الرغم من النتائج الإيجابية فيما يتعلق بتخفيف حدة الفقر ، مازال المغرب يواجه ارتفاع نسبة الإحساس بالفقر لاسيما في المناطق القروية ، ويعد التباعد الملحوظ بين الإحساس بالفقر والجوانب المادية لهذه الآفة الشائعة في البلدان النامية ، وهي تظهر مدى تعقيدها، فعلى الصعيد الوطني زاد معدل الإحساس بالفقر (وهي نسبة الأسر التي تعتبر نفسها فقيرة) من 41.8% في 2007 إلى 45.1% في 2014 ، وكانت أكبر نسبة في المناطق القروية حيث ارتفع من15% ليصل إلى 54.3% ، وهو ما يعني أن أكثر من نصف سكان الوسط القروي يعتبرون أنفسهم فقراء ، ويصدق هذا أيضاً على النساء (55.3%) وعلى الشباب الذين تقل أعمارهم عن 25 عاماً (57.6%) وبوجه عام ، ترى 39.3% من الأسر أن الفقرتفاقم وتعتقد 63.9% أن التفاوت قد اتسع ويتناقض التصوُّر الواسع للفقر مع الانخفاض الفعلي للفقر المادي ، وكذلك مع معدل النمو المرتفع لإجمالي الناتج المحلي للقطاع الفلاحي.



هناك حوالي 15% من السكان يعيشون تحت ظروف الفقر ، كما يعيش 60% من نسبة الفقراء بالعالم القروي في الوقت الذي تتزايد فيه نسبة الفقر في المدن، ويمكن اعتبار 25% من إجمالي السكان مهددين بالفقر في أي لحظة أما بالنسبة لحصة المواطن المغربي من الناتج الداخلي ، فهي لا تتجاوز 4550 دولار في السنة ، في حين أن المعدل العربي يفوق 6700 دولار للفرد سنويا ، فيما يصل المعدل العالمي إلى أزيد من 9540 دولار ، ونسبة السكان الذين يعيشون تحت عتبة الفقر المطلق بالمغرب قد انتقلت من 6,6 بالمائة إلى 11,7 بالمائة داخل المناطق القروية ، و عدد الأسر المعوزة قد انتقل بدوره من 56,8 بالمائة إلى 60,5 بالمائة ، و المعدل الإجمالي للفقر على المستوى الوطني قد انتقل هو الآخر من 13,6 بالمائة إلى 22,1 بالمائة.

 ووفقا لنتائج البحث الوطني حول استهلاك ونفقات الأسر المغربية الذي أنجزته المندوبية السامية للتخطيط ، فإن دخل المغرب المخملي يفوق دخلهم سبع مرات وينفقون اثني عشرة مرة أكثر من الذين هم تحت عتبة الفقر، ويزداد الأمر إمعانا في التقابل عندما نكتشف أن 85% من دخل الفقراء يصرف في التغذية ، و36% من دخل الأغنياء يتم صرفه في الخدمات والأسفار تحديدا.

 وتشير خارطة الفقر إلى صمود مفهوم المغرب غير النافع أمام التحولات التي عرفها المغرب، في نفس الوقت الذي لم يساعد فيه غنى بعض الجهات والمدن على تقليص دائرة الفقر ، فترتيب سوس ماسة درعة الغنية بأنشطتها الفلاحية والسياحية وثروتها السمكية يبعث على الاندهاش ، بل إن إحراز مدينة مراكش الرتبة الأولى كوجهة سياحية بالمغرب لم ينعكس إيجابا على الفقراء في تلك المدينة، فضلا عن معاناة الدار البيضاء، التي تحتضن جيوبا لفقر مدقع.

وبتالي يكاد  الفقر أن يكون حالة عامة تعرفها مختلف الجهات والأقاليم رغم اختلاف النسب ، خارطة الفقر تشير إلى أنه أقل انتشارا في الدارالبيضاء والرباط والمحمدية، حيث يصل في كل منها على التوالي إلى 2.73 في المائة و2.38 في المائة و4.28 في المائة ، وهي وضعية ساهم فيها النشاط الاقتصادي الذي تركز في هذا المحور، لكن النسبة العامة لا يمكن أن تخفي بعض جيوب الفقر في هذا المحور ، ففي الدار البيضاء تضم منطقة الهراويين 22 في المائة من الفقراء ، أي 1.4 مرة المتوسط الوطني و5.7 مرات متوسط جهة الدار البيضاء، نفس الأمر يسري على منطقة مديونة وعين حرودة والمكانسة والنواصر.

ويصل معدل الفقر في جهة سوس ماسة درعة إلى 20 في المائة ، لتتقدم جهة تانسيفت - الحوز التي يصل فيها ذلك المعدل إلى 19.2 في المائة.نسبتان مفاجئتان بالنظر إلى الإمكانيات التي تتوفر عليها الجهات ، فجهة سوس ماسة لها نشاط اقتصادي متنوع قاعدته الفلاحة والسياحة والصيد ، لكن التوزيع الجغرافي للثروة بين الجماعات والعمالات سيئ وغير متوازن في نفس الوقت ، لم تستفد ساكنة تانسيفت- الحوز من الأنشطة الاقتصادية التي انتعشت فيها، فنسبة الفقر في مدينة مراكش وصلت إلى 7.91 في المائة ، بينما تصل حالات الهشاشة إلى ضعف ذلك ، ويبدو الفقر صارخا أكثر في مدينة الصويرة بنسبة 29.80 في المائة.

 ويتجلى من خلال خارطة الفقر أن أكثر من 80 في المائة من سكان جماعة سيدي علي بالراشيدية يعانون من الفقر ، وقد واكب الإعلام الوضع بهذه الجماعة كأفقر منطقة بالمغرب ووقف على درجة العزلة التي تعيشها تلك الجماعة في مدينة الراشيدية التي تصل فيها نسبة الفقر إلى 29.5 في المائة ، لتنضم إلى كوكبة المدن الفقيرة ، مثل زاكورة وشيشاوة وجرادة وتاوريرت وفكيك وورزازات.... والظاهر يتجلى أن دائرة الفقر تتسع كلما ابتعدنا عن محور الدار البيضاء الرباط والوسط ، وهناك أزيد من 935 دوار ومنطقة منعزلة على مستوى 19 إقليما، تعاني من عزلة فادحة.

الأدهى من الفقر كشكل من اللا عدل هو توريث الفقر

وأكد الدكتور سمير بلحسن ، الخبير الاقتصادي ، أن الفقر إذا كان هو عدم القدرة على دفع تكاليف الحاجيات الأساسية فإن هناك اختلافا كبيرا في تحديد الدخل الفاصل .

و اذا قبلنا جدلا بأرقام البنك الدولي او المندوبية السامية للتخطيط ، فمن البديهي أن كل ارتفاع في أسعار المواد الأساسية يدخل آلاف الأسر الجديدة إلى جمهور الفقراء.
 
وأوضح الدكتور ، على أن الأدهى من الفقر كشكل من اللا عدل هو توريث الفقر ، كما اعتبر ظاهرة توريث الفقر دليلا على فشل السياسات الاقتصادية و الاجتماعية المتبعة. من واجب الدولة تشغيل المصعد الاجتماعي الذي يخلق الأمل لان استمرار الدول و استمرار الدورة الاقتصادية رهين بالأمل.

أوضح الأستاذ سمير بلحسن، أن لمحاربة ظاهرة الفقر المستوطن في بعض النقاط السوداء في ظل محدودية الوسائل المتاحة ، يجب أن تتسم السياسة بالشجاعة في الاختيار تحديد الأولويات...
 

وشدد على أن اكبر دليل على إفلاس نظرية التدفق ruissellement  التي كانت المؤسسات المالية إلى زمن قريب ، كانوا يدعون أن دعم الأغنياء لخلق الثروة سيؤدي إلى التدفق و تستفيد الطبقات المعوزة لكن والنتيجة كانت أن زاد الأغنياء غنى و ازداد الفقراء فقرا فاصبحنا نتساءل أين الثروة؟

و ازدادت الفوارق اتساعا.

l'odj arabe : سارة البوفي

 

سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الأربعاء 26 أكتوبر 2022
في نفس الركن