هي أخواتها

العراقية نور الجنابي في ورشتها الخاصة بالنجارة


في باحة منزلها، أسست العراقية نور الجنابي ورشتها الخاصة بالنجارة ، حيث اختارت مهنة تكاد أن تكون احتكارا للرجال ، لكنها تبدو سعيدة باختيارها هذا الذي حطمت به حاجزا داخل المجتمع العراقي المحافظ .



نور، الأم لأربعة أطفال ، أكبرهم فتاة في ربيعها الثالث عشر ، تتباهى بمعرفتها بعالم النجارة بالفطرة ، دون أن تتعلم من أحد. تتنقل بين معدات النجارة من مناشير ومسامير وقطع خشبية داخل ورشتها المتواضعة ، وتحول الأثاث القديم أو الخشب الخام إلى تحف تبهر الجميع ، يحمل بعضها طابعا ريفيا أو يذكّر في بعض الأحيان بالأثاث الفرنسي الكلاسيكي من حقبة لويس الخامس عشر ، مبرزة أن لجوئها للعمل بالنجارة يأتي وراء الثمن الباهظ للأثاث في العراق ، وأنها وعائلتها لا يستطيعون توفير المال الكافي ، لذلك عملت وزوجها المتقاعد على إنجاز القطعة التي تريدها من الأثاث بغية توفير المال لأطفالهما .
 

مهارتها في النجارة جذبت الكثير من أهل الحي التي تعيش فيه ، فصاروا يتوجهون إليها لصنع الأثاث أو إصلاحه لعدة أسباب ، كسهولة التعامل مع المرأة وقدرتها على معرفة ما تريده ربات البيوت ، حيث تقوم نور بصنع طقم كامل بكلفة تتراوح بين 700 ألف دينار إلى مليوني دينار عراقي ( بين 500 دولار و1300 دولار) .
 

وتبدو الجنابي واثقة جدا من عملها الذي تحبه ، ورغم امتهانها للنجارة فإنها تبدع أيضا في الخياطة النسائية والحدادة ، إلى جانب عملها الأساسي في تربية أولادها وتعليمهم وتنظيف البيت وتحضير الطعام ، وهي مع كل انشغالاتها تسعى لإكمال دراستها التي انقطعت عنها منذ أن تزوجت .


طريق النجاح طويلة ومليئة بالعقبات ، فعندما قررت نور امتهان النجارة قبل سنوات ، حصل نقاش حول ذلك في العائلة ، وكانت الانتقادات تصب عليها كالسهام من أفراد عائلتها ومحيطها ، قائلين إنها لن تنجح ببساطة لأنها “ امرأة ” ، لكن هذا لم يمنعها من تحقيق حلمها ، بل دفعها للاقتتال بشراسة لتثبت لنفسها أولا ، وللآخرين ثانيا ، أنها قادرة على صنع المستحيل ، خاصة قيامها بتصوير فيديوهات داخل ورشتها وأثناء اشتغالها، ما جذب إليها نحو مئة ألف متتبع على منصات التواصل الاجتماعي ، فأصبحت هذه المنصات مصدراً آخر للرزق. وتقول في هذا الصدد بكل ثقة : “ كامرأة عراقية ، أنا الأولى التي تخطو مثل هذه الخطوة ، وأول عراقية تكسر حاجز اختصاصٍ ما ، فلم يسبق لامرأة أن امتهنت مثل هذه المهن ” .

وحسب إحصائيات البنك الدولي ، فإن النساء العراقيات يمثلن 13,3% فقط من اليد العاملة ، أغلبهن في قطاعي التعليم والتمريض ، فالعراق ، الغني بالنفط والمعروف بتقاليده المتشددة على النساء،  يتذيل المراتب الدولية فيما يخص التكافؤ بين الرجال والنساء ، وفقا للمنتدى الاقتصادي العالمي لسنة 2021، لأن الموقف بالنسبة للمساواة في حق الوظيفة يغلب عليه تمييز ضد المرأة.

المصدر : مجلة فرح


سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الجمعة 25 نونبر 2022
في نفس الركن