كتاب الرأي

الصديق معنينو يكتب: "ألف عام"


نهيت منذ أيام، إعداد مؤلف جديد ينضاف إلى الكتب العشرة التي ألفتُها وأهمها مذكراتي وهي في ستة أجزاء بعنوان »أيام زمان«، قبل ذلك أنجزت مؤلفاً حول »الحركة الوطنية المغربية« إبان الحماية وبداية الاستقلال...



أيام زمان 
هذا المجهود الفكري والأدبي والتوثيقي ملأ فراغا شعرت به بمجرد بداية تقاعدي مما أنقذني من الجلوس في المقاهي والاهتمام بأتفه الأشياء، إن الكتابة والبحث، بالنسبة لي، كونا «طوق نجاة» ساعدني على استعادة ذكرياتي خلال عملي كصحافي والذي دام أربعين سنة. خلال هذه الفترة كنت شاهدا وفاعلا وقريبا من مصدر القرار، لذلك وجدَت مذكراتي «أيام زمان» إقبالاً كبيرا تجلى في نفاذ الطبعات الثلاثة الأولى ووجود الطبعة «الفضية» حاليا في المكتبات والأكشاك. 
الوثيقة 
ومواصلة لمجهود التوثيق والاهتمام بتاريخ المغرب، وخلال فترة الكوفيد 19 ومعاناتها، توصلت بوثيقة يعود تاريخ إنجازها إلى سنة 1945... هي في نهاية الأمر تقرير سرّي أعده المقيم العام الفرنسي «گابرييل برو» وأرسلها إلى وزير خارجية فرنسا «جورج بيدو»... هذا التقرير المتكون من ثلاثين صفحة يمكن اعتباره «صك اتهام» ضد السلطان سيدي محمد بن يوسف، مما دفع بالحكومة الفرنسية، بعد بضع سنوات، إلى نفيه إلى مدغشقر. 
الوجه الآخر 
هذه الإرسالية التي ظلت في أرشيف الخارجية الفرنسية أبرزت جوانب خفية في حياة السلطان ومعلومات نادرة عن سيدي محمد بن يوسف منذ توليه العرش في 18 نونبر 1927 إلى 1945، سنة تحرير هذا التقرير الذي صادف التطورات الأخيرة للحرب العالمية الثانية... كان هدف هذا التقرير هو إبراز «الوجه الآخر» للسلطان، وتصرفاته ورحلاته وعلاقته بالمواطنين والنخب وإعجابه بالأمريكيين ومحاولاته الاتصال بقادة المشرق العربي. 
 
ولاشك أن الكشف عن هذه الوثيقة، وترجمتها والتعريف بالشخصيات المذكورة فيها، والاعتماد على شهادات أخرى لكُتّاب مغاربة وأجانب... كل ذلك أغني هذا التقرير ووضعه في إطاره التاريخي وأبان عن التحولات التي عرفها المغرب إبان حكم السلطان وحرصه على الاقتراب من الناس ودعمه للحركة الوطنية. 
الذاكرة الجماعية 
إن الاهتمام بالأرشيف، كيفما كانت أهميته، من شأنه إغناء والحفاظ على الذاكرة الوطنية التي هي جزء من التراث الفكري والمعرفي وما يحتّمه من عناية ومتابعة... ولحد الآن لازالت الكثير من الوثائق المرتبطة بتاريخ المغرب مغمورة، داخل المغرب وخارجه، تتطلب مجهودات مستمرة لاكتشافها وتقديمها وإضافتها إلى ما تمكنت الجامعة المغربية من استرداده وتحليل مضامينه وضمه إلى الذاكرة الجماعية المغربية. 
لحظات صعبة
إن الكتاب الثاني باللغة الفرنسية، الذي يوجد في طور المراجعة، يساهم هو الآخر في إبراز بعض اللحظات الحرجة والصعبة خلال حكم الحسن الثاني، كما يُظهر جوانب خفية في بعض قراراته ورحلاته والتي عِشْت أطوارها وعمِلت على توثيقها وتقاسمها مع القراء.... ونظرا لما لقيته، مذكراتي الوطنية من اهتمام وإقبال، فقد عملت على حكيمها لعدد من المواقع التواصلية حتى تصبح في متناول أكبر عدد من المواطنين... وقد سعدت لأنها حظيت بمتابعة الملايين، وهو ما يدفعني إلى تقديم المزيد خدمة للذاكرة الوطنية لأمة يزيد تاريخها عن ألف عام. 
الصديق معنينو
 




الخميس 15 فبراير 2024
في نفس الركن