فاطمة موهمو صحفية و مخرجة أفلام وثائقية
كانت هذه الفرصة القيمة مهمة لاستكشاف تأثير سياسات اللجنة الحكومية الدولية في توجيه القرارات المتعلقة بتسجيل العناصر التراثية والثقافية لحضارات وثقافات جميع بلدان العالم.أثناء جلسات المدافعة والمرافعة عن العناصر المقدمة كنت أحس و كأنني في محكمة(جلسات المناقشة ) و على المحامي (وزارة الثقافة ) أن يقدم مرافعته على أكمل وجه حتى يستطيع الفوز بالقضية وأن يسجل تراثه أو عناصر تراثه أوأحسن الممارسات التراثية في بلاده لدى القاضي (اليونسكو)، هنا يأتي دورالإقناع عبر الشهود و الشهادات المكتوبة و المصورة والمسجلة ، ملف كامل يقدم و على أساسه تصدر اللجنة المكلفة حكمها، أقصد قرارها …
بصفتي مهتمة وباحثة في التراث المغربي، كانت هذه المرافعات واللقاءات نقطة تحول في فهمي لطبيعة وأهمية الحفاظ وتسجيل عناصر الثقافة المغربية بكل تجلياتها، بدءًا من قطع الزليج الضاربة في التاريخ المغربي، التي حظيت بفرصة دراستها في مادة تاريخ الفن خلال دراستي للماجستير الخاص بالأفلام الوثائقية مع الأستاذ والفنان بوعبيد بوزيد،مدير معهد الفن الحديث بالحمامة البيضاء تطوان …ثم انتهاء بعملية تقطير الزهر على الطريقة المراكشية والفاسية أيضا.
الزليج الدرس الذي أحبه، والذي فقهنا فيه بوعبيد بوزيد، حتى أصبحنا نفرق بالعين المجردة فقط بين الزليج التطواني و الزليج الفاسي، رغم أن أوجه الشبه بينهما صعبة التفرقة للوهلة الأولى.فاكتشفنا أن الزليج ليس مجرد طين يحضر ليزين رياضاتنا ويشهد على تاريخ مملكة المغرب منذ قرون مضت، بل هو نتيجة الظروف التاريخية والثقافية والمناخية التي امتزجت مع عناصر العمران المغربي لتجعل جماليته خالدة .
لا أنسى يومًا كنا في مقهى الجامعة نحضر للامتحان النهائي لمادة تاريخ الفن، إذا بأحدهم يسمع حديثنا ونحن نستظهر خصائص الزليج وزخرفاته وكيف يتأثر بالطقس والرطوبة، وعلى هذا الأساس يختار الصانع الفاسي أو التطواني أو المراكشي أي لون سيشتغل به. أتذكر ونحن في أوج نقاشنا، قاطعنا أحدهم وبدأ يضحك بهستيريا وهو يردد: "قرينا بكري معاكم... بقى ليكم غا الزليج تقراوه... مشات فيها لافاك معاكم نتوما الفنانا..."هذا لأحدهم موجود بيننا دائما و أبدًا تجده في الجامعة ،المقهى ،الشارع و المدرسة و أكيد اليوم يتصدر صفحات السوشيال ميديا و يستغرب من احتفالنا بتسجيل الملحون لدى اليونسكو أو سعادتنا بدفاع وزارة الثقافة عن قفطان النطع الفاسي على أنه مغربي قُح.
هذا الأحدهم نفسه، في أول سفر له خارج أرض الوطن، يبدأ بالبحث عن مقهى بطابع مغربي ليتذوق الأتاي الأخضر المشحر، ويلتقط صورًا كثيرة مع الصالون المغربي البسيط في مقهى داخل زقاق صغير في كوسوفو. وعندما يتذوق الكسكس ويخبره صديقه التونسي أن هذا اسمه الكُسْكُسي، يبدأ بتصحيح النطق ويتحدث عن الكسكس المغربي ويأخذ دور المحامي والمرافع دون أن يطلب منه، ويبدأ بالحديث عن الأصل الأمازيغي للكسكس وكيف أن لكل منطقة كُسكُسُها! ليتحدث عن تفاصيل الكسكس الحلو بالتفاية إلى السبع خضار الدكالي، انتهاء بالكسكس الخنيفري المسقي بالحليب. ودون دراية منه، يخرج الشاف موحى الذي بداخله أو شميشة التي بداخلها، فالشخص يمكن أن يكون هو أو هي والنتيجة سيان!
الزليج كان واحد من الدروس الكثيرة التي درسناها في حصص تاريخ الفن المادة أو الحصة التي جعلتنا أو جعلتني أفهم أهمية الثقافة ، التاريخ وخصوصا الفن و الفنون عامة.اليوم في القرن الواحد والعشرين هناك ظاهرة ثقافية صحية تتحدث عن الصناعات الثقافية والإبداعية و أيضا الإعلامية ، ولكن في الحقيقة الصناعة الثقافة بدأت مع أول المنحوتات و القطع الفنية في العالم، يوم صنعها صاحبها لم يكن يفكر أنها قطعة فنية وتبلغ ملايين الدولارات وهذا الذي يميز القطع الفنية بشتى أنواعها…
هذه السنة سُجل الملحون لدى منظمة اليونسكو و تم تسجيل أكثر من 5 عناصر كتراث ثقافي مغربي لدى منظمة الإيسيسكو, هذه إنجازات مهمة تعكس القيمة الثقافية والتاريخية للمغرب، ولا ينبغي اعتبارها ترفًا أو شيئًا ثانويًا.التراث الثقافي اليوم هو أحد آليات القوى الناعمة التي يمكن أن تساهم في تعزيز مكانة المغرب على الساحة الدولية و يجب أن تستغل بطريقة جيدة و ذكية.
واجبنا نحن هو دعم عملية تسجيل وتوثيق كل ما هو مغربي على أنه مغربي، كل من موقعه. والقاعدة تقول "العقد شريعة المتعاقدين"، وبتعبير مغربي "شَدّ تصيب ما تحل". اليوم، يزور التاريخ الحاضر بكل سهولة أمام أعيننا بتعاون كافة الآليات الإعلامية والثقافية والسياسية. فماذا عن المستقبل؟ والجميع يعلم أن التاريخ يكتبه الأقوى، الأقوى اقتصاديًا، معرفيًا، إعلاميًا، وبكل تأكيد ثقافيًا.
بصفتي مهتمة وباحثة في التراث المغربي، كانت هذه المرافعات واللقاءات نقطة تحول في فهمي لطبيعة وأهمية الحفاظ وتسجيل عناصر الثقافة المغربية بكل تجلياتها، بدءًا من قطع الزليج الضاربة في التاريخ المغربي، التي حظيت بفرصة دراستها في مادة تاريخ الفن خلال دراستي للماجستير الخاص بالأفلام الوثائقية مع الأستاذ والفنان بوعبيد بوزيد،مدير معهد الفن الحديث بالحمامة البيضاء تطوان …ثم انتهاء بعملية تقطير الزهر على الطريقة المراكشية والفاسية أيضا.
الزليج الدرس الذي أحبه، والذي فقهنا فيه بوعبيد بوزيد، حتى أصبحنا نفرق بالعين المجردة فقط بين الزليج التطواني و الزليج الفاسي، رغم أن أوجه الشبه بينهما صعبة التفرقة للوهلة الأولى.فاكتشفنا أن الزليج ليس مجرد طين يحضر ليزين رياضاتنا ويشهد على تاريخ مملكة المغرب منذ قرون مضت، بل هو نتيجة الظروف التاريخية والثقافية والمناخية التي امتزجت مع عناصر العمران المغربي لتجعل جماليته خالدة .
لا أنسى يومًا كنا في مقهى الجامعة نحضر للامتحان النهائي لمادة تاريخ الفن، إذا بأحدهم يسمع حديثنا ونحن نستظهر خصائص الزليج وزخرفاته وكيف يتأثر بالطقس والرطوبة، وعلى هذا الأساس يختار الصانع الفاسي أو التطواني أو المراكشي أي لون سيشتغل به. أتذكر ونحن في أوج نقاشنا، قاطعنا أحدهم وبدأ يضحك بهستيريا وهو يردد: "قرينا بكري معاكم... بقى ليكم غا الزليج تقراوه... مشات فيها لافاك معاكم نتوما الفنانا..."هذا لأحدهم موجود بيننا دائما و أبدًا تجده في الجامعة ،المقهى ،الشارع و المدرسة و أكيد اليوم يتصدر صفحات السوشيال ميديا و يستغرب من احتفالنا بتسجيل الملحون لدى اليونسكو أو سعادتنا بدفاع وزارة الثقافة عن قفطان النطع الفاسي على أنه مغربي قُح.
هذا الأحدهم نفسه، في أول سفر له خارج أرض الوطن، يبدأ بالبحث عن مقهى بطابع مغربي ليتذوق الأتاي الأخضر المشحر، ويلتقط صورًا كثيرة مع الصالون المغربي البسيط في مقهى داخل زقاق صغير في كوسوفو. وعندما يتذوق الكسكس ويخبره صديقه التونسي أن هذا اسمه الكُسْكُسي، يبدأ بتصحيح النطق ويتحدث عن الكسكس المغربي ويأخذ دور المحامي والمرافع دون أن يطلب منه، ويبدأ بالحديث عن الأصل الأمازيغي للكسكس وكيف أن لكل منطقة كُسكُسُها! ليتحدث عن تفاصيل الكسكس الحلو بالتفاية إلى السبع خضار الدكالي، انتهاء بالكسكس الخنيفري المسقي بالحليب. ودون دراية منه، يخرج الشاف موحى الذي بداخله أو شميشة التي بداخلها، فالشخص يمكن أن يكون هو أو هي والنتيجة سيان!
الزليج كان واحد من الدروس الكثيرة التي درسناها في حصص تاريخ الفن المادة أو الحصة التي جعلتنا أو جعلتني أفهم أهمية الثقافة ، التاريخ وخصوصا الفن و الفنون عامة.اليوم في القرن الواحد والعشرين هناك ظاهرة ثقافية صحية تتحدث عن الصناعات الثقافية والإبداعية و أيضا الإعلامية ، ولكن في الحقيقة الصناعة الثقافة بدأت مع أول المنحوتات و القطع الفنية في العالم، يوم صنعها صاحبها لم يكن يفكر أنها قطعة فنية وتبلغ ملايين الدولارات وهذا الذي يميز القطع الفنية بشتى أنواعها…
هذه السنة سُجل الملحون لدى منظمة اليونسكو و تم تسجيل أكثر من 5 عناصر كتراث ثقافي مغربي لدى منظمة الإيسيسكو, هذه إنجازات مهمة تعكس القيمة الثقافية والتاريخية للمغرب، ولا ينبغي اعتبارها ترفًا أو شيئًا ثانويًا.التراث الثقافي اليوم هو أحد آليات القوى الناعمة التي يمكن أن تساهم في تعزيز مكانة المغرب على الساحة الدولية و يجب أن تستغل بطريقة جيدة و ذكية.
واجبنا نحن هو دعم عملية تسجيل وتوثيق كل ما هو مغربي على أنه مغربي، كل من موقعه. والقاعدة تقول "العقد شريعة المتعاقدين"، وبتعبير مغربي "شَدّ تصيب ما تحل". اليوم، يزور التاريخ الحاضر بكل سهولة أمام أعيننا بتعاون كافة الآليات الإعلامية والثقافية والسياسية. فماذا عن المستقبل؟ والجميع يعلم أن التاريخ يكتبه الأقوى، الأقوى اقتصاديًا، معرفيًا، إعلاميًا، وبكل تأكيد ثقافيًا.