حضور الملك في مناسبتين متقاربتين، هما عيد المولد النبوي وافتتاح البرلمان في الجمعة الثانية من شهر أكتوبر 2022، وفق نص الدستور، وضع حدا للكثير من الإشاعات والأخبار الزائفة التي كانت تروج هنا وهناك، داخل المغرب وخارجه، حول صحة الملك محمد السادس وتخليه عن العرش بل إن البعض تحدث عن موت الملك.. وحده الحضور الفيزيقي للملك محمد السادس وضع حدا لكل أباطيل الحرب النفسية، فإذا كان الغياب يسمح باستنبات الأكاذيب والأباطيل، فإن الحضور يقتلها في المهد..
هذا الجانب ليس هو ما يثيرني في مسألة حضور أو غياب الملك، لأنه جزء من الحرب النفسية غير النظيفة، والذي استوعبه القصر الملكي مبكرا ونهج أسلوب التواصل حتى في أبسط حالة لمرض الملك بشكل غير مسبوق، حتى أصبح جسد السلطان خارج المقدس لأنه يصيبه ما يصيب باقي العباد، وهذا بعد حداثي وديمقراطي يجب الحفاظ عليه، وأيضا لأن حرب الأكاذيب التي تمس الملك سريعة العطب، وتذكرني بحادثة طريفة يحكيها سميح القاسم في رسالة إلى محمد درويش، حين كان طفلا كلفه والده إلى جانب أخيه بزرع الحقل، وهما يهمان بزرع الأرض، أغراهما أصدقاء الحي بلعب مباراة في كرة القدم، فاتفقا على دفن كيس حبات الزرع في مكان وسط الحقل والذهاب للتسلية واللعب، ولم يعودا حتى المساء إلى المنزل، وحين سألهما الوالد بذكاء هل قاما بزرع الحقل؟ أجابا بلسان واحد: نعم، لكن الوالد بادرهما: "غدا ينزل المطر فتنبت الحقيقة"، وبالفعل حين جاء موسم الربيع كان الحقل أجرد إلا المكان الذي دفن فيه كيس الزرع الذي أينع، لقد نبتت الحقيقة مع حضور الملك..
لكن الذي يلفت انتباهي في أمر حضور وغياب الملك، هو تناقض بعض أصحاب الخطابات المطالبة بملكية برلمانية، الذين اشتكوا أيضا من غياب الملك وقلة حضوره في المشهد السياسي، والحق أن الملكية البرلمانية لا تعني سوى أن الملك يسود ولا يحكم، أي أن يكون قليل الحضور في الفعل السياسي، وهو مطلب ديمقراطي له شرعية الوجود، يعني أن الحضور الفعلي في السياسة هو للمؤسسات من رئيس حكومة ووزراء الحكومة وبرلمان ومجالس منتخبة وغيرها، وهو ما أرى فيه تناقضا سياسيا لا يعكس القناعة المعبر عنها عادة، فهل غياب الملك ترتب عنه تعطيل المؤسسات وتوقف البلاد؟ وهل هذا الحضور في عالم التواصل خلق فراغا سياسيا وعطل مصالح وكان له تأثير على مصالح البلاد والعباد؟
بعد التناقض لدى من كانوا يتساءلون عن غياب الملك وينزعون أحداثا من سياقا ويدخلونها في سياقات جديدة ويرتبون عليها أحكاما، هو أنه حين يحضر الملك بقوة في كافة التفاصيل، نحتج على اكتساحه لمساحات واسعة من المشهد السياسي، وحين يغيب ويبتعد عن الحضور والتدخل، نحتج على سبب غيابه، وأعتقد هذا عطب من أعطاب غياب النضج السياسي لدى البعض وتصفية حسابات ذات نزوع ذاتي لدى البعض الآخر.
هذا الجانب ليس هو ما يثيرني في مسألة حضور أو غياب الملك، لأنه جزء من الحرب النفسية غير النظيفة، والذي استوعبه القصر الملكي مبكرا ونهج أسلوب التواصل حتى في أبسط حالة لمرض الملك بشكل غير مسبوق، حتى أصبح جسد السلطان خارج المقدس لأنه يصيبه ما يصيب باقي العباد، وهذا بعد حداثي وديمقراطي يجب الحفاظ عليه، وأيضا لأن حرب الأكاذيب التي تمس الملك سريعة العطب، وتذكرني بحادثة طريفة يحكيها سميح القاسم في رسالة إلى محمد درويش، حين كان طفلا كلفه والده إلى جانب أخيه بزرع الحقل، وهما يهمان بزرع الأرض، أغراهما أصدقاء الحي بلعب مباراة في كرة القدم، فاتفقا على دفن كيس حبات الزرع في مكان وسط الحقل والذهاب للتسلية واللعب، ولم يعودا حتى المساء إلى المنزل، وحين سألهما الوالد بذكاء هل قاما بزرع الحقل؟ أجابا بلسان واحد: نعم، لكن الوالد بادرهما: "غدا ينزل المطر فتنبت الحقيقة"، وبالفعل حين جاء موسم الربيع كان الحقل أجرد إلا المكان الذي دفن فيه كيس الزرع الذي أينع، لقد نبتت الحقيقة مع حضور الملك..
لكن الذي يلفت انتباهي في أمر حضور وغياب الملك، هو تناقض بعض أصحاب الخطابات المطالبة بملكية برلمانية، الذين اشتكوا أيضا من غياب الملك وقلة حضوره في المشهد السياسي، والحق أن الملكية البرلمانية لا تعني سوى أن الملك يسود ولا يحكم، أي أن يكون قليل الحضور في الفعل السياسي، وهو مطلب ديمقراطي له شرعية الوجود، يعني أن الحضور الفعلي في السياسة هو للمؤسسات من رئيس حكومة ووزراء الحكومة وبرلمان ومجالس منتخبة وغيرها، وهو ما أرى فيه تناقضا سياسيا لا يعكس القناعة المعبر عنها عادة، فهل غياب الملك ترتب عنه تعطيل المؤسسات وتوقف البلاد؟ وهل هذا الحضور في عالم التواصل خلق فراغا سياسيا وعطل مصالح وكان له تأثير على مصالح البلاد والعباد؟
بعد التناقض لدى من كانوا يتساءلون عن غياب الملك وينزعون أحداثا من سياقا ويدخلونها في سياقات جديدة ويرتبون عليها أحكاما، هو أنه حين يحضر الملك بقوة في كافة التفاصيل، نحتج على اكتساحه لمساحات واسعة من المشهد السياسي، وحين يغيب ويبتعد عن الحضور والتدخل، نحتج على سبب غيابه، وأعتقد هذا عطب من أعطاب غياب النضج السياسي لدى البعض وتصفية حسابات ذات نزوع ذاتي لدى البعض الآخر.