وسيكون منتخب المغرب على موعد مع حلم آخر ، كان منذ فترة قصيرة بعيد المنال، بالتأهل للدور قبل النهائي لكأس العالم ، حينما يواجه منتخب البرتغال ، اليوم السبت ، على ملعب (الثمامة) في دور الثمانية للمونديال القطري .
وأصبح منتخب المغرب أول فريق عربي يبلغ دور الثمانية في تاريخ كأس العالم ، التي انطلقت نسختها الأولى عام 1930 ، بعدما تغلب على منتخب إسبانيا 3 / صفر بركلات الترجيح في دور الـ16 للمسابقة يوم الثلاثاء الماضي ، عقب انتهاء الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل بدون أهداف .
وبات المنتخب المغربي الفريق الوحيد من خارج قارتي أوروبا وأمريكا الجنوبية ، يتواجد في دور الثمانية بمونديال 2022 ، لكنه يأمل أيضا في أن يصبح أول فريق عربي وأفريقي يحجز مقعدا في الدور قبل النهائي للبطولة الأهم والأقوى في عالم الساحرة المستديرة .
ويسعى منتخب المغرب ، الذي يشارك في المونديال للمرة السادسة في تاريخه ، لأن يكون أول فريق أفريقي وثالث منتخب من خارج أوروبا وأمريكا الجنوبية يتواجد في المربع الذهبي للمونديال ، بعد منتخبي الولايات المتحدة الأمريكية وكوريا الجنوبية عامي 1930 و2002 على الترتيب .
وجذب منتخب المغرب جميع الأنظار إليه في المونديال الحالي بفضل نتائجه الرائعة وأداء نجومه الاستثنائي خلال مسيرته في البطولة ، ما يجعله يقف على قدم المساواة مع عمالقة كرة القدم في العالم حاليا .
وأبهر منتخب المغرب كل متابعي البطولة بمستواه المذهل منذ مباراته الافتتاحية بالمونديال ، ليواصل أداءه التصاعدي في البطولة ، ويتصدر المجموعة السادسة “ الصعبة ” ، التي ضمت اثنين من أبرز المرشحين للمنافسة على اللقب ، هما منتخب كرواتيا ، وصيف النسخة الماضية للمسابقة عام 2018 ، ومنتخب بلجيكا، صاحب المركز الثالث في المونديال الماضي ، الذي يحتل المركز الثاني عالميا في آخر تصنيف للمنتخبات صادر عن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) .
وبعد تعادله سلبيا مع كرواتيا في المباراة الافتتاحية ، حقق منتخب المغرب انتصارين متتاليين للمرة الأولى في تاريخه بالمونديال ، عندما تغلب 2 / صفر على بلجيكا ، و2 / 1 على كندا ، ليحصل على 7 نقاط جعلته متربعا على قمة الترتيب ، ضاربا موعدا من العيار الثقيل مع منتخب إسبانيا، صاحب المركز الثاني في المجموعة الخامسة .
وواصل المنتخب المغربي ، الذي دخل النسخة الحالية للمونديال وهو في المركز الـ22 عالميا والثاني أفريقيا ، أدائه البطولي في دور الـ16 بالبطولة ، ليطيح بمنتخب إسبانيا ، الذي يتفوق عليه بفارق 15 مركزا في تصنيف فيفا، من دور الـ16 ، ليحرمه من تحقيق حلمه باستعادة كأس العالم الذي توج به عام 2010 بجنوب أفريقيا
.
وتسبب إقصاء المنتخب الإسباني على يد نظيره المغربي ، الذي بات رابع منتخب أفريقي يبلغ دور الثمانية بكأس العالم ، في رحيل لويس إنريكي ، مدرب منتخب (الماتادور) من منصبه ، ليتم اختيار لويس دي لافوينتي لخلافته مؤخرا .
ويعول منتخب المغرب على صلابة خط دفاعه وبسالة حارس مرماه ياسين بونو ، الذي لعب دورا بارزا في صعود الفريق لدور الثمانية بعد تصديه لركلتي ترجيح أمام إسبانيا ، ليصبح أول حارس عربي يحقق هذا الإنجاز في تاريخ كأس العالم .
كما شهدت البطولة تألقا لافتا من نجم وسط الملعب سفيان امرابط ، الذي خطف اهتمام العديد من أندية الصفوة بأوروبا مثل توتنهام هوتسبير وليفربول الإنجليزيين وإنتر الإيطالي ، وكذلك الظهيرين أشرف حكيمي ونصير مزراوي ، اللذين عززا كثيرا من قدرات الفريق الدفاعية .
يعد المنتخب المغربي هو أقل فريق استقبالا للأهداف من بين منتخبات دور الثمانية ، رغم مواجهته لأكثر من منتخب عملاق خلال رحلته إلى هذا الدور ، حيث سكن شباكه هدفا وحيدا جاء عبر النيران الصديقة من خلال مدافعه نايف أكرد ، الذي أحرز هدفا عكسيا في لقاء منتخب كندا .
كما تضع جماهير المغرب آمالا عريضة على قدرة الثلاثي الهجومي حكيم زياش وسفيان بوفال ويوسف النصيري على صنع الفارق خلال مواجهة دفاع منتخب البرتغال ، الذي كان أكثر فرق دور الثمانية استقبالا للأهداف ، بعدما اهتزت شباكه 5 مرات ، خلال مبارياته الأربع التي خاضها في البطولة حتى الآن.
ويبدو أن المدرب المحلي وليد الركراكي ، المدير الفني لمنتخب المغرب ، لا يكتفي بما وصل إليه فريقه ، حيث يطمح للوصول إلى أبعد مدى في كأس العالم .
وقال الركراكي “ لا يهمني أن أكون أول مدرب عربي وإفريقي يصل لدور الثمانية بالمونديال ، لا أحب شخصنة الأمور ، إذا امتلكت المهارات ستقدم أشياء جيدة ، عملت جاهدا للوصول إلى هنا ، ولدي طموحات لا حدود لها ، وأحاول نقلها للاعبين ” .
أضاف المدرب المغربي “نمتلك جيلا جديدا بعقلية متطورة وكل ما كان سلبيا أصبح من الماضي ، لقد تطورنا ونريد أن نكون منافسين ، فهذا ليس منتخب المغرب قبل 4 أعوام ، لقد أظهرنا أن منتخبنا من ضمن المنتخبات العظمى ” .
وشدد الركراكي الذي قاد الوداد البيضاوي المغربي للتتويج بلقب دوري أبطال أفريقيا هذا العام “نريد تغيير طريقة تفكير العالم في المنتخبات الإفريقية ، ينبغي أن نلعب بشكل أكثر أوروبية ” .
وأكد “هدفنا الصعود للدور التالي ، نرغب في التأهل ، ونريد أن نجعل بلادنا فخورة بنا بكل ما لدينا من قوة ” .
من جانبه ، يحلم منتخب البرتغال ، الذي يشارك في كأس العالم للمرة الثامنة في تاريخه ، بالصعود للدور قبل النهائي للبطولة للمرة الثالثة ، بعدما بلغ المربع الذهبي للمونديال عامي 1966 بإنجلترا ، حيث حصل حينها على المركز الثالث ، وفي نسخة 2006 في ألمانيا ، التي شهدت نيله المركز الرابع .
ورغم تأهله للأدوار الإقصائية بعد تصدره ترتيب المجموعة الثامنة ، لم يقدم منتخب البرتغال العروض المنتظرة ، حيث فاز 3 / 2 على غانا بشق الأنفس ، قبل أن يفوز 2 / صفر على أوروجواي ، ثم خسر 1 / 2 أمام كوريا الجنوبية .
وتضاعفت المشاكل داخل غرفة ملابس الفريق ، لاسيما بعد الأزمة التي نشبت بين النجم المخضرم كريستيانو رونالدو ، وفرناندو سانتوس مدرب الفريق ، حينما استبدله في مواجهة كوريا الجنوبية بالجولة الأخيرة لدور المجموعات .
وقرر سانتوس إزاء تلك الأزمة استبعاد رونالدو من قائمة البرتغال الأساسية التي خاضت مواجهة سويسرا في دور الـ16 ، يوم الثلاثاء الماضي .
وكانت هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها استبعاد رونالدو ، الفائز بجائزة أفضل لاعب في العالم 5 مرات ، من القائمة الأساسية لمنتخب البرتغال خلال إحدى مباريات البطولات الكبرى منذ عام 2008 .
ودفع سانتوس بالمهاجم الشاب جونكالو راموش في تشكيلة البرتغال بدلا من رونالدو ، ليغتنم نجم بنفيكا البرتغالي /21 عاما/ الفرصة ، بعدما نصب نفسه بطلا للمباراة ، عقب تسجيله 3 أهداف، ليصبح صاحب أول (هاتريك) في النسخة الحالية للبطولة ، بالإضافة لصناعته هدفا آخر خلال المباراة التي انتهت بفوز كاسح للبرتغال 6 / 1 على سويسرا .
وبات راموش أول لاعب يسجل هاتريك في أول مباراة يشارك بها بشكل أساسي في كأس العالم منذ الألماني ميروسلاف كلوزه في 2002 ، كما أصبح أول لاعب يحرز ثلاثية في الأدوار الإقصائية بالمونديال منذ التشيكي توماس سكوهارفي ضد كوستاريكا بنسخة 1990 .
وبعد مشاركته كبديل في الدقيقة 73 من عمر المباراة ، أثيرت بعض الشائعات بشأن تهديد رونالدو بمغادرة مقر إقامة منتخب البرتغال في قطر ، وهو الأمر الذي نفاه اللاعب بشدة .
وغرد رونالدو /37 عاما/ عبر حسابه الشخصي على موقع (تويتر) للتواصل الاجتماعي “ لدينا مجموعة من اللاعبين أقوى من أن يتم كسرها بواسطة القوى الخارجية ” .
وأضاف “ نحن فريق شجاع لا يهاب أي منافس .. نحن فريق جماعي بكل معنى الكلمة .. وسنقاتل حتى النهاية من أجل حلم التتويج بكأس العالم ” .
ويرغب المنتخب البرتغالي في استغلال قوة الدفع التي حصل عليها عقب فوزه الكاسح على سويسرا ، الذي يعد الانتصار الأضخم في لقاءات دور الـ16 بمونديال قطر ، وهو ما يضاعف من صعوبة المواجهة على أبطال المنتخب المغربي .
وستكون هذه هي المواجهة الثالثة بين المنتخبين في كأس العالم ، لكنها الأولى في الأدوار الإقصائية بالبطولة ، حيث التقيا للمرة الأولى بمرحلة المجموعات لنسخة المسابقة عام 1986 بالمكسيك ، وحقق حينها منتخب المغرب انتصارا تاريخيا 3 / 1 ، لينتزع أول فوز في تاريخه بالمونديال .
وكان اللقاء الآخر في دور المجموعات أيضا بمونديال روسيا قبل 4 أعوام ، حيث ثأر المنتخب البرتغالي من خسارته في نسخة المكسيك ، بعدما فاز بهدف نظيف أحرزه رونالدو ، حيث كانت هذه هي آخر هزيمة يتلقاها منتخب المغرب في تاريخه بكأس العالم .
يذكر أن الفائز من تلك المباراة سوف يلتقي في الدور قبل النهائي على ملعب (خليفة الدولي) ، يوم الأربعاء القادم ، مع الفائز من مباراة إنجلترا وفرنسا.
المصدر : نقاش 21