صحتنا

الأثر النفسي على الأم بعد مغادرة الأبناء للمنزل وطرق تعزيز صحتها النفسية


تعد فترة تربية الأبناء من أهم المراحل التي تمر بها الأم، حيث تكون حياة أطفالها محوراً أساسياً لها. ومع تقدم الأبناء في العمر ومغادرتهم المنزل، سواء للزواج أو السفر أو العمل، تجد الأم نفسها أمام مرحلة جديدة تتطلب التكيف مع واقع يختلف عن السابق. هذا التحول يمكن أن يترك أثراً كبيراً على صحتها النفسية والعاطفية، ويتطلب منها استراتيجيات جديدة للتعامل معه.



وفي هذا المقال، سنتناول الآثار النفسية التي قد تواجهها الأم بعد مغادرة أبنائها للمنزل، بالإضافة إلى الطرق التي يمكن أن تساعد في تحسين حالتها النفسية وتعزيز رفاهيتها.


الأثر النفسي لمغادرة الأبناء
مغادرة الأبناء للمنزل قد تؤدي إلى عدة تحديات نفسية، من بينها:


الشعور بالفراغ العاطفي: يغادر الأبناء، الذين كانوا يشغلون جزءاً كبيراً من حياة الأم، ويترك هذا فراغاً عاطفياً كبيراً. قد تشعر الأم بأنها فقدت جزءاً من هويتها الشخصية، مما يزيد من شعورها بالحزن والاكتئاب.


الشعور بالوحدة: عندما يكون الأبناء مصدر التوازن العاطفي للأم، فإن مغادرتهم قد تتركها وحيدة، خصوصاً إذا كان الزوج منشغلاً أو غائباً أو كانت الأم تعيش وحيدة بعد وفاة أو انفصال الزوج.


القلق على الأبناء: حتى بعد مغادرة الأبناء، يبقى قلق الأم على سلامتهم ومستقبلهم مستمراً. هذا القلق قد يؤدي إلى اضطرابات في النوم وزيادة مستويات التوتر.


الشعور بفقدان الهدف: تربية الأطفال تمثل جزءاً أساسياً من حياة الأم، وبعد مغادرتهم قد تشعر بفقدان هذا الهدف، مما يؤدي إلى حالة من فقدان الرغبة في أداء الأنشطة اليومية.


اضطراب الهوية الشخصية: مع تغير نمط حياتها، تجد الأم نفسها مضطرة لإعادة اكتشاف هويتها الشخصية بعيداً عن دورها كأم، وهو تحدٍّ قد يتطلب وقتاً وتأقلماً.


طرق تحسين الصحة النفسية للأم
لحسن الحظ، هناك العديد من الطرق التي يمكن أن تساعد الأم في تعزيز صحتها النفسية بعد مغادرة الأبناء:


الاستعداد النفسي المسبق: من الأفضل أن تبدأ الأم في الاستعداد لهذه المرحلة قبل أن تحدث. يمكنها تخصيص وقت لنفسها وتطوير اهتمامات جديدة؛ مما يساعدها على تقبُّل التغيير بشكل أفضل.


التواصل المستمر مع الأبناء: على الرغم من مغادرة الأبناء، فإن الحفاظ على التواصل المستمر معهم يخفف من شعور الأم بالفراغ. يمكنها استخدام التكنولوجيا مثل المكالمات الهاتفية أو الفيديو للحفاظ على اتصال وثيق.


البحث عن أنشطة جديدة: يُنصح بممارسة هوايات جديدة أو العودة إلى أنشطة كانت مهملة. قد تجد الأم في الأعمال التطوعية أو النوادي الاجتماعية فرصة لتوسيع دائرتها الاجتماعية والشعور بالإنجاز.


التركيز على الرعاية الذاتية: بعد سنوات من التركيز على الأبناء، يمكن للأم أن تبدأ في التركيز على صحتها الجسدية والنفسية من خلال ممارسة الرياضة، اتباع نظام غذائي صحي، والانخراط في أنشطة الاسترخاء مثل اليوغا أو التأمل.


استكمال التعليم أو تطوير المهارات: هذه المرحلة قد تكون فرصة لتطوير الذات، سواء من خلال استكمال التعليم أو تعلم مهارات جديدة. يمكن أن يعزز هذا الشعور بالثقة بالنفس ويوسع آفاقها.


العلاج النفسي والدعم الاجتماعي: إذا كانت الأم تواجه صعوبة في التكيف، يمكن أن يكون العلاج النفسي أو الانضمام إلى مجموعات دعم مفيداً. هذه المجموعات توفر فرصة للتواصل مع أمهات يواجهن تحديات مشابهة، مما يمنحها الدعم العاطفي.


إعادة اكتشاف العلاقة الزوجية: قد تكون هذه المرحلة فرصة لتعزيز العلاقة مع الزوج، حيث يمكن للزوجين استغلال الوقت المتاح لممارسة أنشطة جديدة معاً وتجديد العلاقة العاطفية.


التقبُّل والصبر: من المهم أن تتقبل الأم هذه المرحلة كجزء طبيعي من الحياة. هذا التغيير ليس بالضرورة سلبياً، بل قد يمثل فرصة للنمو الشخصي وإعادة اكتشاف الذات.


إن مغادرة الأبناء للمنزل تمثل مرحلة حساسة في حياة الأم، وقد تثير مشاعر مختلطة من الفرح بنجاح الأبناء إلى الحزن لفقدان الدور اليومي كأم. ومع ذلك، يمكن للأم أن تتجاوز هذه المرحلة بنجاح من خلال التركيز على تطوير ذاتها، التواصل مع أبنائها، والانخراط في أنشطة جديدة.

سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الجمعة 13 شتنبر 2024
في نفس الركن