بقلم: سعيد الوزان
عندما يموت الكبار.. نحس نحن الصغار باليتم!
عندما يموت الصديق والأخ والمعلم والرفيق والزميل العزيز الطيب الوديع.. يموت العالم..
تهوي الدنيا بأكملها هويا.. حتى لتكاد عقولنا تطيش.. بينما عيوننا تزيغ.. وقلوبنا تفر.. لفرط
الارتطام ودويه.. الزلزلة ورجفتها..
يتوقف عقرب الوقت.. فيذوب تحت لفح زفراتنا.. ولا يعود ثمة وقت.. ولا ثمة نهار أو
ليل.. ولا ثمة قمر ولا شمس يتعاقبا.. ولا فصول.. ولا أي شيء.. إلا هذا الكمد الذي كأفعى
تلدغ الصدر وما أخفى.. وما ينفع الأسى ولا الحزن ولا البكاء أسفا..
عمر وما عمر.. عمر العمر..
عمر وما عمر.. عمر الطهر..
عمر وما عمر.. عروة الدهر!
عمر وما عمر.. الضحكة البكر..
عمر وما عمر.. الجوهر الجهر.. الياقوت السر.. الذهب التبر..
آه يا حبيبي..
خدعتنا.. أوهمتنا أنك لا تموت أبدا.. فمت وواريتنا قبرك.. ونفضت يديك من غبارنا بددا..
وعلا وجهنا التراب.. ورحلت عنا الأيام والأحلام والآمال.. حين رحلت..
عندما طواها خبرك.. شرقت الجريدة بالدمع.. ذهلت وذهلت الكلمات.. نذرعها كالحمقى..
لا يدري أحد منا ماذا يفعل.. ولا من يواسي.. ولا من يعزي.. وهي مركونة تنتحب.. تعرف
كم أحببتها وكم بادلتها الحب.. كيف كنت نديمها الأوحد الذي بادلها نخبا بنخب.. فارسها
وفرسها.. أفقها وبيرقها.. وطنها وطريقها الصعب.. دليلها ورفيقها على طول المدى.. حتى
آخر الدرب..
كنت حارسها وملاكها وعاشقها الأوحد الوحيد
كنت فنارها ونبراسها وقنديلها الفريد..
كنت تاجها ويتيمتها ودرة عقدها الذي تلفه زهوا حول القلب قبل الجيد..
رائيها وحكيمها.. ملاحها في العصف وتحت الأنواء.. فؤادك فولاذ وبصرك حديد.. من
أول السطر حتى آخر الكناية.. يا ابن المجاز ونجله المكابر العنيد!
لم نفهمك كفاية.. وكنت لا تغضب..
كنا نتمادى في القسوة عليك.. وما كنت لتعتب
كنا نجرحك ونجرحك.. وكنت تمسح النزف عنا وتبرؤنا وتسعفنا.. كأننا نحن المتعبون..
وأنت الذي أبدا لا يتعب..
لكم تصبرت حتى لات مصطبر..
ولكم تجلدت حتى لات متجلد..
ولكم أقدمت حتى لات متقدم..
يا ابن البلاد يا صنو الأطلس وتربه..
يا غربتنا بعدك..
يا إفرادنا في الناس..
يا وحشة الوطن فينا..
يا غربتنا في هذا الديماس!
بحرك العلم وأنت حوريتها.. لم تكن رئتاك لتتنفسا إلا حين تتنفسان هوائها.. ولا تسبح
رشيقا إلا حين تغرق فيها.. فنعجب ونعجب.. كيف لهذا الرجل أن لا يسأم أو يمل أو يكل..
ولماذا لم يضع سلاحه وقد انتهت الحرب.. وانفض الأعداء عن أعدائهم.. والغرب صار
شرقا.. والشرق أصبح هو الغرب.. ولماذا لا يستكين.. ومن أين له هذا القلب الأسدي..
وأي أفق له وقد انسدت الآفاق.. ومن أين حلمه.. وقد اغتيلت الأحلام.. ومن أين حبره
ومحبرته.. وقد كسرت الأقلام!
آه يا عمر.. كل فقد إلا فقدك هين..
كل غياب إلا غيابك يسير..
شموخك الشموخ.. إباؤك الإباء.. طيبتك الطيبة.. حنوك الحنو.. بسمتك البسمة..
فلماذا انسحبت هكذا.. وتركتنا معلقين فوق الجسر.. بلا ضفتين نذهب إليهما أو نعود.. بلا
سبيل نرتجيه.. بلا أمل نبتغيه.. لماذا سرقتك منا.. وانسحبت.. ونحن عنك غافلون..
لماذا.. لماذا..
عندما يموت الصديق والأخ والمعلم والرفيق والزميل العزيز الطيب الوديع.. يموت العالم..
تهوي الدنيا بأكملها هويا.. حتى لتكاد عقولنا تطيش.. بينما عيوننا تزيغ.. وقلوبنا تفر.. لفرط
الارتطام ودويه.. الزلزلة ورجفتها..
يتوقف عقرب الوقت.. فيذوب تحت لفح زفراتنا.. ولا يعود ثمة وقت.. ولا ثمة نهار أو
ليل.. ولا ثمة قمر ولا شمس يتعاقبا.. ولا فصول.. ولا أي شيء.. إلا هذا الكمد الذي كأفعى
تلدغ الصدر وما أخفى.. وما ينفع الأسى ولا الحزن ولا البكاء أسفا..
عمر وما عمر.. عمر العمر..
عمر وما عمر.. عمر الطهر..
عمر وما عمر.. عروة الدهر!
عمر وما عمر.. الضحكة البكر..
عمر وما عمر.. الجوهر الجهر.. الياقوت السر.. الذهب التبر..
آه يا حبيبي..
خدعتنا.. أوهمتنا أنك لا تموت أبدا.. فمت وواريتنا قبرك.. ونفضت يديك من غبارنا بددا..
وعلا وجهنا التراب.. ورحلت عنا الأيام والأحلام والآمال.. حين رحلت..
عندما طواها خبرك.. شرقت الجريدة بالدمع.. ذهلت وذهلت الكلمات.. نذرعها كالحمقى..
لا يدري أحد منا ماذا يفعل.. ولا من يواسي.. ولا من يعزي.. وهي مركونة تنتحب.. تعرف
كم أحببتها وكم بادلتها الحب.. كيف كنت نديمها الأوحد الذي بادلها نخبا بنخب.. فارسها
وفرسها.. أفقها وبيرقها.. وطنها وطريقها الصعب.. دليلها ورفيقها على طول المدى.. حتى
آخر الدرب..
كنت حارسها وملاكها وعاشقها الأوحد الوحيد
كنت فنارها ونبراسها وقنديلها الفريد..
كنت تاجها ويتيمتها ودرة عقدها الذي تلفه زهوا حول القلب قبل الجيد..
رائيها وحكيمها.. ملاحها في العصف وتحت الأنواء.. فؤادك فولاذ وبصرك حديد.. من
أول السطر حتى آخر الكناية.. يا ابن المجاز ونجله المكابر العنيد!
لم نفهمك كفاية.. وكنت لا تغضب..
كنا نتمادى في القسوة عليك.. وما كنت لتعتب
كنا نجرحك ونجرحك.. وكنت تمسح النزف عنا وتبرؤنا وتسعفنا.. كأننا نحن المتعبون..
وأنت الذي أبدا لا يتعب..
لكم تصبرت حتى لات مصطبر..
ولكم تجلدت حتى لات متجلد..
ولكم أقدمت حتى لات متقدم..
يا ابن البلاد يا صنو الأطلس وتربه..
يا غربتنا بعدك..
يا إفرادنا في الناس..
يا وحشة الوطن فينا..
يا غربتنا في هذا الديماس!
بحرك العلم وأنت حوريتها.. لم تكن رئتاك لتتنفسا إلا حين تتنفسان هوائها.. ولا تسبح
رشيقا إلا حين تغرق فيها.. فنعجب ونعجب.. كيف لهذا الرجل أن لا يسأم أو يمل أو يكل..
ولماذا لم يضع سلاحه وقد انتهت الحرب.. وانفض الأعداء عن أعدائهم.. والغرب صار
شرقا.. والشرق أصبح هو الغرب.. ولماذا لا يستكين.. ومن أين له هذا القلب الأسدي..
وأي أفق له وقد انسدت الآفاق.. ومن أين حلمه.. وقد اغتيلت الأحلام.. ومن أين حبره
ومحبرته.. وقد كسرت الأقلام!
آه يا عمر.. كل فقد إلا فقدك هين..
كل غياب إلا غيابك يسير..
شموخك الشموخ.. إباؤك الإباء.. طيبتك الطيبة.. حنوك الحنو.. بسمتك البسمة..
فلماذا انسحبت هكذا.. وتركتنا معلقين فوق الجسر.. بلا ضفتين نذهب إليهما أو نعود.. بلا
سبيل نرتجيه.. بلا أمل نبتغيه.. لماذا سرقتك منا.. وانسحبت.. ونحن عنك غافلون..
لماذا.. لماذا..