حول العالم

إقالة رمطان لعمارة المهنية تكشف خبايا صراعات الانتخابات الرئاسية في الجزائر


بدأت الخيوط المتشابكة في قضية الإقالة العمامرة تتضح وتأكد أن إعفاء أحد أبرز وجوه المهينة لوزير الخارجية الجزائري السابق رمطان النظام الجزائري الحالي لم تكن من قبيل الصدفة ولا بسبب عدم قدرة الرجل على القيام بالأدوار التي أوكلها له النظام العسكري في هذا القطر ، بل لحسابات و اعتبارات بدات تتضح بصفة تدريجية ، فالخبر الذي بثته قنوات حكومية وأخرى موالية بتاريخ 16 مارس الماضي ، والذي كان فحواه اقتراب موعد تعديل حكومي في الجزائر لم يكن مفاجئا ، وفهم منه العالمون بخبايا الأمور أن موعد التخلص من رمطان لعمامرة قد حان وأن عليه شد حقائبه للرحيل عن وزارة الخارجية الجزائرية .



وأن الحرب عليه بدأت منذ مدة طويلة ، حيث كشفت مصادر مطلعة على أنه منذ تم تعيينه في هذا المنصب مرة أخرى ، وضعت أمامه رزمة كبيرة من العراقيل للتشويش عليه، و جعله دائما في موقع ضعف. وأضافت هذه المصادر أن جهة معينة نجحت في قطع صلة التواصل بين الرئيس عبد المجيد تبون و وزير خارجيته و ذكرت مصادر إعلامية متطابقة في هذا الصدد ، أن الوضع انفجر بين الرجلين حينما أعد رمطان لعمامرة لائحة سفراء و قناصلة جزائريين و رفعها إلى رئاسة الجمهورية إلا أن لعمامرة تفاجا بان الرئيس عبد المجيد تبون الفي اللائحة برمتها ، واستبدلها بلائحة أخرى بأسماء قريبة من حلف تبون - العسكري ، كما تفاجأ الرجل غير ما مرة باتخاذ قرارات كبرى تهم الديبلوماسية الجزائرية دون علمه ، وأنه لم يكن موافقا على قرار استدعاء السفير الجزائري بباريس - في قضية المعارضة الجزائرية بورواوي ، كما كان يلاحظ باستغراب شديد عدم تغطية انشطئه الحكومية من طرف وسائل الإعلام الرسمية .



وأضافت هذه المصادر أن رمطان لعمامرة قدم استقالته ثلاث مرات لكن الرئاسة كانت دوما ترفضها لإذلاله، و للتأكيد أن مغادرته للمنصب ستكون بقرار إقالة وليس استقالة ، ومن حق الرأي العام أن يتساءل عن الأسباب الحقيقية التي تفسر هذا الانقلاب المفاجئ للرئيس - تبون على رجل كان وظل أحد أعمدة النظام الجزائري منذ الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة ؟ الجواب على هذا السؤال الجوهري نجده في تقرير نشره موقع (مغرب) إنتليجنس الناطق بالفرنسية حيث أورد في هذا الصدد على الرغم من إقالته شبه المهينة من الحكومة ، لا يزال رمطان لعمامرة وزير الخارجية الجزائري السابق يطارد ، بل يثير كثيرا من المخاوف لعشيرة تبون الذي يستعد للترشح لولاية ثانية » و تبعا لما أورده تقرير الموقع فإن الدولة الجزائرية تأمل أن لا يقف أحد في طريقه لمنعه من تحقيق هذا الحلم واعتبر الموقع أن رمطان لعمامرة قد يكون العقبة أمام طموحات تبون .


وذهب الموقع أبعد من ذلك حينما اعتبر أن «ما يقلق تبون و حاشيته ليس طموح لعمامرة ، بل إنه قبل كل شيء الدعم الفرنسي المحتمل الذي يمكن أن يتمتع به واضاف المصدر أن «حاشية تبون شجعته على المصالحة بسرعة مع ماكرون بسبب المعلومات المستمرة التي تفيد الدعم الصريح من باريس لترشيح محتمل لرمطان لعمامرة في الانتخابات الرئاسية الجزائرية لسنة 2024 و قال إن هذه المعلومات تثير موجة حقيقية من الذعر في البلاد بين عشيرة تبون ، حيث يتلقى رمطان لعمامرة الدعم بشكل خاص من قبل المستشار المسؤول عن شمال إفريقيا والشرق الأوسط في الإليزيه باتريك دوريل الرجل الذي الهم السياسة المغاربية ماكرون» .



الرئيس تبون العادة الحقائق قد تكون وراء إصرار ولم يستبعد التقرير أن تكون جهة داخل معهد استوكهولم الدولي ، أحد أكثر مراكز الفكر تأثيرا فى العالم ، تشتغل لفائدة لعمامرة بتوفير الظروف الملائمة لترشيحه لرئاسيات الجزائر ، هذه المعطيات العلاقات الفرنسية الجزائرية إلى وضعها الطبيعي ، بعد الاندفاع الذي أبداه بعدما أهانته حكومة فرنسا في قضية المعارضة الجزائرية بورواوي ، حيث قرر استدعاء سفيره بباريس قبل أن يقرر عودته دون أن يتلقى أي اهتمام من باريس ليعود السفير الجزائري مذلولاً إلى باريس و الرئيس تبون من خلال ذلك يمهد الطريق و الأجواء للقيام بزيارة رسمية إلى باريس لمناقشة موقف ماكرون من ترشحه لولاية ثانية ، والحصول على تأييده بعد تقديم ما تطلبه باريس من ضمانات القطع الطريق بصفة نهائية على غريمه المحتمل رمطان لعمامرة .



وثمة معطى آخر يرجح انبطاح الرئيس تبون أمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي سبق له أن نفى أي وجود تاريخي للدولة الجزائرية حيث نشر موقع (ميدل ايست أي آن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون كان قد قرر تعيين السيد صبري بوقادوم وزيرا للخارجية خلفا للمطرود رمطان لقمامرة، إلا أن باريس عارضت ذلك بشدة واقترحت على تبون تعيين السيد عطاف في هذا المنصب، و ما يرجح تصديق هذه المعلومة ، أن السيد عطاف كان من الشخصيات البعيدة نسبيا عن قصر المرادية و أدلى بالعديد من التصريحات التي لم تكن متوافقة مع السياسة الخارجية الجزائرية .



طبعا لا يمكن إغفال المؤسسة العسكرية الجزائرية فيما تعرض له لعمامرة من إهانة وإذلال فدور هذه المؤسسة حاسم في الحياة السياسية الجزائرية ، وأن دورها يتجاوز بكثير دور الرئاسة الجزائرية نفسها التي تبقى هي الأخرى من صناعة هذه الجهة النافذة في نظام عسكري مغلف بالمدنية ، وتبعا لذلك ، فإن الرئيس تبون رجل نظام قوي في حجم رمطان لعمامرة دون تنسيق غير قادر على معاملة مع المؤسسة العسكرية الجزائرية ، بل أن الرئيس تبون مجرد أداة تنفيذ في تصفية أحد أهم مخلفات نظام بوتفليقة ، هكذا إذن ، فإن تنحية، أو إقالة ، رمطان لعمامرة تؤشر على بداية حروب الانتخابات الرئاسية في بلاد لا يقتصر فيها الحسم على صناديق الاقتراع ، بل هناك صناديق أخرى داخلية وخارجية هي التي تحسم في الرئيس الذي سيدخل قصر المرادية.

المصدر : جريدة العلم

سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الجمعة 7 أبريل 2023
في نفس الركن