سليمان بوشكة
واكتظت القاعة رقم 2 بغرفة الجنايات بحشد كبير من المتتبعين الذين أصروا على متابعة أطوار محاكمة المتهمين الثلاثة في قضية طفلة تيفلت ، وهي الجلسة التي سجلت حضورا كبيرا لوسائل الإعلام وللمنظمات الحقوقية الوطنية والدولية .
وقررت المحكمة فتح تحقيق مع الشاهدة ( م .ع ) ، ابنة عم (ي .ز) وهو أحد المتهمين الثلاثة ، حيث قالت الضحية إنها كانت حاضرة أثناء تعرضها للاغتصاب .
وذهب مولاي سعيد العلوي ، محامي الضحية ، إلى أن المحكمة قررت فتح ملف تحقيق في حق الشاهدة لكونها تحولت إلى طرف أصيل في ارتكاب الجرائم” . ورد محامو الدفاع وممثلو الهيئات الحقوقية على طلب النيابة العامة بسرية جلسة المحاكمة ، بالرفض قائلين إن القضية تحولت إلى “قضية رأي عام” .
وقال عبد الفتاح زهراش ، محامي الضحية ، إن “المدعي العام تقدم بطلب جعل الجلسة سرية في الشق المتعلق بالاستماع إلى الطفلة، وذلك مراعاة للمصلحة الفضلى للطفل" وأضاف في تصريح ل"العلم" : "لقد شددنا على أن السرية يجب أن تكون فقط خلال مرحلة الاستماع للضحية مع جعل باقي الإجراءات علنية ، بل أكثر من ذلك طالبنا بالسماح لوسائل الإعلام بنقل مجريات المحاكمة في هذه القضية نظرا لبشاعتها ، مع الاحتفاظ بقرينة البراءة وبشروط المحاكمة العادلة".
وقد عرفت أطوار المحاكمة التي تم إيقافها لمدة ساعتين ، واستُأْنٍفت بعد صلاة المغرب، مستجدات هامة ، تمثلت أساسا في تراجع الشاهدة عن مجمل أقوالها، وعن تقديم النيابة العامة لملتمس يقضي بأن تتولى وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة رعاية طفلة تيفلت وابنها إلى حين استكمال كل منهما سن الرشد .
جاء ذلك بعد استماع القاضي لكافة الأطراف ، وبعد موافقته على ملتمس آخر لممثل النيابة العامة يقضي بالاستماع للضحية والشاهدة في جلسة سرية ، وهو ما تم بحضور مساعدة اجتماعية .
وفي تصريح ل"لعلم" قال ممثل دفاع المتهمين عبد الحق حلحولي : "إن هناك ضغطا على سير المحاكمة من وسائل الإعلام والمجتمع المدني والنيابة العامة ، وعلى المشرع المغربي التدخل في أي قضية حتى لا يتم التشويش عليها” .
ورفض القاضي ملتمسات دفاع الضحية بإعادة تكييف الأفعال المنسوبة للمتهمين وإخراجها من نطاق الفصول471 ، و485 ، و488 ، وتبويبها مع الفصول 486 و487 ، حيث برر دفاع الضحية ملتمساته اعتبارا لكون الأحداث المرتكبة لا تتعلق بهتك العرض أو محاولة ذلك ، وإنما تتعلق بعملية جنسية كاملة ارتكبت بشكل متكرر من قبل جميع المتهمين وبالتالي أمام جريمة اغتصاب ومواقعة تامة ، كما ورُفض ملتمس تصحيح المسطرة .
وأنكر المتهم الأول تهمة افتضاض بكرة القاصر ومواقعتها المتكررة من الأمام كما من الخلف ، كما رفض ما أقرته الخبرة الجينية لدى الضابطة القضائية وأمام قاضي التحقيق ، والتي أثبتت أن المولود من صلبه بنسبة 99,99 .
كما ذهب المتهم الثاني ( ك.ع) في اتجاه إنكار قول الطفلة أنه اغتصبها تحت التهديد بعد أن أدخلها لمنزله وهو في حالة سكر ، مستغلا غياب زوجته لحضورها حفل زفاف ، فضلا عن إنكاره تهديدها بالقتل حال بوحها بالأمر ، واعتبر الوصف الدقيق لمنزله من قبل الطفلة أمرا عادي يمكن التوصل إليه من قبل الغير .
ولم يشدِّ المتهم الثالث (ي.ز) عن القاعدة وأنكر بدوره حُضورَه سرا لبيت الطفلة في أحد أيام الأربعاء واغتصابه إياها بمساعدة ابنة عمته (الشاهدة) ، التي عملت على مراقبة محيط منزل الضحية أثناء قيام المتهم بالفعل الجنسي ، كما أنكر تكرار الاغتصاب لعدة مرات أخرى .
وكانت غرفة الجنايات الابتدائية قد قضت في مارس الماضي بالحكم على المتهمين الثاني والثالث بسنتين حبسا نافذا في حدود 18 شهرا ، وموقوفا في الباقي، وتعويضا قدره 20 ألف درهم ، وعلى المتهم الأول بسنتين حبسا نافذا ، وتعويضا قدره 30 ألف درهم .
وهو الحكم الذي خلف استياء كبيرا وفتح باب الجدل والنقاش على الساحة السياسية والحقوقية بالمغرب ، وسط مطالبات بـتصحيحه خلال مرحلة الاستئناف .
وعبر والد الطفلة الضحية عن فرحته بعد النطق بالحكم ، وقال في تصريح ل"العلم" : "إن ظهور شاهدة جديدة في القضية غير مجرى القضية وأنصف ابنتي التي تعرضت لاغتصاب جماعي نتج عنه حمل ، انا ممتن لقضائنا واشكره على نزاهته" .
ودعا محامي الطفلة محمد الصبار إلى إصلاح قانوني لتعزيز حماية الأطفال وتكثيف النقاش حول الموضوع ، وقال في مؤتمر صحفي بالدارالبيضاء ، أول أمس الأربعاء ، "أتمنى أن يكثف النقاش حول إصلاح تشريعي لحماية الأطفال".
وعلى منوال الصبار ، سارت عالمة الاجتماع والناشطة النسوية سمية نعمان جسوس ، حيث كشفت القضية للإعلام ، و دعت إلى "مواصلة التعبئة ، لأن مأساة سناء يمكن أن تغيّر القوانين" .
وسبق أن انتقدت منظمات حقوقية مغربية في قضايا متفرقة خلال الأعوام الماضية أحكاما اعتُبرت مخففة ضد متهمين باعتداءات جنسية على قاصرين ، داعية إلى تشديد العقوبات .
المصدر : alalam.ma