وتعتبر الكونفدرالية أن أبرز مظاهر تجاهل الحكومة للحوار الاجتماعي تكمن في سن التشريعات الأخيرة، وفي مقدمتها قانون المالية لسنة 2025 وقانون الإضراب الجديد. فالمجموعة الحكومية قامت بتقديم هذين القانونين دون التشاور مع الحركة النقابية، مما يعد خرقاً صارخاً لمبادئ الديمقراطية التشاركية التي يجب أن تسود في اتخاذ القرارات التي تمس مباشرة فئات واسعة من المواطنين.
فالقانون المالي لعام 2025 لم يتضمن أي اعتبار حقيقي لمقترحات النقابات، والتي كانت تأمل في أن تُدمج في النقاشات الخاصة بالموازنة لتجسيد العدالة الاجتماعية في توزيع الموارد. كما أن تمرير قانون الإضراب الجديد جاء في وقت حساس حيث لا يزال النقاش حوله يثير الانقسام بين الحكومة والنقابات، خاصة مع غياب تفاهم حول بعض بنوده.
بالإضافة إلى ذلك، تنتقد الكونفدرالية مشروع قانون دمج الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (CNOPS) في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS)، والذي تم تمريره على
الرغم من الرفض الواضح من قبل العديد من النقابات. هذا القانون يعد انتهاكاً للاتفاقات السابقة، خصوصاً اتفاق 30 أبريل 2022 الذي كان يشمل التزام الحكومة بالحوار الاجتماعي كأساس لتطوير السياسات الاجتماعية. من وجهة نظر الكونفدرالية، يُعد هذا الإجراء بمثابة تراجع عن الالتزامات السابقة ويُعبّر عن عدم رغبة الحكومة في التفاوض الجاد مع النقابات حول قضايا العمال.
وإلى جانب هذه الإجراءات القانونية التي تعارضها الكونفدرالية، ترى أن الحكومة تنهج سياسات تؤدي إلى تفاقم التفاوتات الاجتماعية، لاسيما من خلال تقليص الدعم للقطاعات الاجتماعية الأساسية مثل التعليم والصحة، ما يزيد من العبء على الطبقات الشعبية. في المقابل، لا تظهر الحكومة أي اهتمام حقيقي بمطالب النقابات المتعلقة بتحسين شروط العمل وزيادة الأجور، بل يبدو أن هناك تهميشاً متزايداً للحركة العمالية في اتخاذ القرارات المتعلقة بمستقبل البلد.
في هذا الإطار، يظل موقف الكونفدرالية ثابتاً في الدفاع عن حقوق العمال وضمان تحسين ظروفهم، عبر المطالبة بإصلاحات حقيقية في مجال العمل والضمان الاجتماعي. كما تدعو النقابة إلى ضرورة فتح حوار جاد وشفاف بين الحكومة والنقابات لتجاوز الأزمة الحالية، والبحث عن حلول تضمن العدالة الاجتماعية وتعزز من استقرار البلاد، بعيداً عن سياسات التقشف التي تضر بالفئات الأكثر هشاشة في المجتمع.